رحلات سرية لا يعلم أحد تفاصيلها سوى طرفان، اولهما شخص اختار الموت على طريقته الخاصة، بالاتفاق مع الطرف الثاني أو ما يطلق عليه شركات أو عيادات الموت بمساعدة الغير، التي قررت التخلي عن شروطها لتكتفي فقط برغبة شخص في الوفاة بالرغم من صغر سنه بزعم مروره بظروف نفسية أو اجتماعية قد تصادف الكثيرين، لا تسدي تلك العيادات نصائح أو إرشادات لزبائنها ولا تمنحهم فرص أخرى للحياة، فقط تتعاقد مع الراغبين في الموت لتلبية رغباتهم، كما لا تشترط موافقة أفراد أسرته أو اقرب الناس اليه، كل ما يهم هو إتمام عملية الوفاة الذي يخلو من الرحمة بمقابل مادي. يجري اتفاق الموت سرًا بين الطرفين لينتهي بإرسال عيادات الموت جثة المتوفي أو رماده بعد الحرق لعائلته التي يعيش أفرادها في صدمة هائلة مؤكدين أنه كان من الممكن إنقاذه بالدعم والعلاج النفسي دون الإسراع بتلبية رغبة الموت من اجل الربح فقط. دون شروط كشفت الصحف البريطانية المزيد من التفاصيل حول الرحلات الاخيرة لضحايا عيادات الموت في سويسرا وآخرهم الايرلندية، تفامورين سلاو، 58 عامًا، والتي توفيت سرًا بالاتفاق مع عيادة سويسرية للموت أو الانتحار بمساعدة الغير، وهو الامر الذي تشتهر به سويسرا مؤخرًا حيث لا تشترط اصابة المريض بمرض مميت أو تقييم طبي دقيق كما تعد الدولة الوحيدة التي تسمح للأجانب بتطبيق تلك العملية المثيرة للانتقاد والجدل على أراضيها. لم تخبر تفامورين عائلتها بتفاصيل خطتها، قضت ساعاتها الأخيرة في الحديث إلى صديقة على تطبيق تيك توك لم تقابلها من قبل، تحدثت فيها عن المعاناة التي أخفتها عن أبنائها والتي قررت بسببها عقد اتفاق مع منظمة سويسرية لقتلها سرا مقابل 13 ألف جنيه إسترليني، سافرت سرًا إلى سويسرا في يوليو الماضي، بعد أن اخبرت عائلتها أنها ستسافر في رحلة سياحية إلى ليتوانيا مع صديقتها، وبعد يومين فقط من سفرها اكتشفت العائلة حقيقة وفاتها في عيادة «بيجاسوس» للموت بمساعدة الغير، وطمأن مسئولو العيادة عائلة الضحية ليؤكدوا انها توفيت في هدوء تام وهي تستمع إلى موسيقاها المفضلة. رماد بالبريد خرج أفراد عائلة الضحية إلى الاضواء بعد شعورهم بالصدمة والفزع؛ حين قررت العيادة إرسال رماد جثتها إليهم بالبريد، اكدت ابنتها ميجان أن الأسرة لم تتلق أي تحذير مسبق من الشركة، ولم تكن على علم بأى تفاصيل حول وفاة والدتها، امام هذا التصريح اصدرت العيادة بيانًا تؤكد فيه تلقيها رسالة إلكترونية أو اوراق من ابنة الضحية ميجان وفرد آخر من اسرتها اكدا موافقتهما على موت تفامورين، توصل افراد الاسرة إلى أن تفامورين نفسها زورت رسائلهم لتسهيل إجراءات موتها، وعلق احد اقاربها قائلا: «سلاو لم تكن في حالة نفسية مناسبة لاتخاذ قرار قتلها، ولم تتحقق العيادة من صحة رسالة ابنتها وبريدها الإلكتروني بشكل كامل وكان من الممكن التواصل معهم هاتفيًا لمساعدة سلاو على الحياة بشكل افضل». واقعة وفاة تفامورين سلاو لم تكن الوحيدة التي اثارت الجدل بشأن عيادات الموت بمساعدة الغير التي تثير التساؤلات حول مدى صحة إجراءاتها ويشترط القانون السويسري على كل من يطلب المساعدة على الموت أن يكون بكامل قواه العقلية، لا أن يكون مريضًا في مرحلة حرجة أو يعاني من حالة طبية مميتة. اشهر ضحية تسبب حادث وقعت تفاصيله في عام 2023 في إثارة الجدل الذي وصل إلى حد الفضيحة لمؤسسة بيجاسوس لتتعرض لانتقادات غاضبة في كافة انحاء العالم بسبب ممارساتها الغريبة بسبب واقعة وفاة مدرس كيمياء بريطاني يدعى أليستير هاميلتون، 47 عاما، تواصل مع العيادة وحققت رغبته بسهولة دون تشخيص إصابته بأي مرض، ادعى اليستر زيارة صديقه في باريس، وبدلاً من ذلك كان مسافرا إلى بازل في سويسرا لإنهاء حياته بالحقنة القاتلة مقابل 10 آلاف جنيه إسترليني لمساعدته على الانتحار بسبب معاناته فقط من تقلبات مزاجية لعدة اشهر. لم تكن عائلة اليستر على علم بوفاته وأبلغت عنه باعتباره مفقود، مما دفع شرطة لندن إلى بدء التحقيق في الأمر، فحص المحققون كشوفات حساباته المصرفية ليتبين قيامه بتحويل آلاف الجنيهات الاسترلينية إلى منظمة بيجاسوس، ليتأكد لديهم أن العيادة ساعدته على الموت دون أن يعاني من أي مرض عضال أو تشخيص مناسب لصحته العقلية، واعرب رقيب شرطة العاصمة لندن عن إحباطه بعد إطلاعه على رسائله الإلكترونية إلى العيادة؛ ليؤكد أن العيادة افتقرت تمامًا الى التعاطف معه أو الشفافية في إبلاغ عائلته بحالته النفسية ليؤكد انه أمر غير مقبول على الإطلاق. مئات العملاء وصلت واقعة قتل المدرس اليستر إلى حد الفضيحة لمنظمة الموت الشهيرة والتي تخلت عن أى شروط لقتل زبائنها خاصة بعد تحذير والدته المنكوبة للعائلات مؤكدة؛ أنه يجب أن يكونوا على دراية بما يحدث في تلك العيادات وكشفت التقارير عن انهاء مئات العملاء، ومعظمهم أجانب، حياتهم في مركز بيجاسوس منذ إنشائه قبل ست سنوات، بما في ذلك العشرات من البريطانيين والأمريكيين والأستراليين، مستغلين القوانين السويسرية التي تسمح بالموت بمساعدة الغير، تتقاضى منظمة بيجاسوس حوالي مبلغ 10 آلاف فرنك سويسري او ما يعادل 11 ألف دولار أمريكي خدمة الموت بمساعدة الغير مع الحد الأدنى من الشروط، ويتضمن التعاقد تنفيذ عملية حرق جثة العميل وإعادة رماده عن طريق البريد إلى أحد أحبائه، وتتم عملية الموت بتوصيل عقار قاتل عبر الوريد ينتقل الى جسد الزبائن مباشرة مما يجعلهم فاقدين للوعي في غضون دقيقة لضمان قتلهم تحت شعار «الموت تحت إشراف طبي»، ويتعين على العملاء فتح صنبور أو الضغط على زر بأنفسهم لاتباع القوانين السويسرية، وتفتخر بعض العيادات بامتلاك أجهزة يسهل الضغط عليها حتى لمرضى الشلل الرباعي ليتمكنوا من اتخاذ قرار الموت بأنفسهم عبر ضغطة زر. رسائل وداع تسببت فضيحة موت اليستر في إجبار عيادة بيجاسوس للتعهد بضرورة الاتصال هاتفيا في بأسرة الشخص قبل تنفيذ عملية الموت، ولكن وقعت فضيحة اخرى في يناير الماضي اثبتت أن المنظمة تهدف للربح فقط بعد فضيحة موت الأم البريطانية آن كانينج البالغة من العمر 51 عامًا، والتي لم تكن تعاني من أى مرض، كانت حزينة على وفاة ابنها ولم تخبر عائلتها بسر موتها بمساعدة الغير. اعتقدت عائلة كانينج أنها سافرت إلى سويسرا لقضاء عطلة سياحية قبل أن تظهر الحقيقة الصادمة في رسائل الوداع التي وجهتها إليهم، سافرت آن كانينج، 51 عاما، من ويلز ببريطانيا، إلى عيادة بيجاسوس في مدينة بازل السويسرية لإنهاء حياتها دون إخبار عائلتها بعد غرقها في الاكتئاب بعد عام ونصف من الوفاة المفاجئة لابنها الوحيد مدرب التنس وعمره 26 عاما. التعافي دون القتل بالرغم من تعهدات منظمة الموت بتغيير ممارساتها بعد حالات مماثلة إلا انها لم تحصل على أى موافقات من عائلة كانينج التي اخفت سر انهاء حياتها في سويسرا، ولم تعلم اسرتها إلا عندما تلقوا رسائل وداع كتبتها قبل وفاتها بفترة وجيزة، خرجت عائلة كانينج إلى الاعلام ايضا وأصر شقيقها وشقيقتها على امكانية مساعدتها على التعافي من الاكتئاب بدلا من قتلها، وخاصة أنها ظهرت متمتعة بصحة جيدة في الأشهر التي سبقت وفاتها، حيث عرضت صور لها على فيسبوك كانت تتسلق صخرة ضخمة وجدرانًا في مركز تسلق. الغريب في الامر أن شقيقة الضحية ديليا حاولت التواصل مع العيادة وكشفت قناة «آي تي في نيوز» تفاصيل رسائل ديليا الى عيادة الموت بعد تلقيها رسائل الوداع من شقيقتها، قالت فيها: «أرجوك أخبرني إن كانت أختي لديكم، نريد فقط أن نعرف أين هي، وهل ستعود إلينا ام لا»؟! لم تتلق أى رد، وقالت في رسالة أخرى «نبحث عنها بشدة، آمل وأدعو ألا تكون رسائلها صحيحة حول التعامل معكم». أمر واقع في اليوم التالي، تلقت ديليا ردًا من ممثل العيادة برسالة قال فيها: «نتفهم مخاوفكم، سنبحث في الامر»، سألت ديليا سؤالا مباشرا: «نعم أم لا: هل أختي توفيت لديكم أم لا؟»، وبعد مرور ساعات قليلة، جاءها الرد: «لقد اختارت أن تموت، لقد توفيت بسلام، آمل أن تُساعدكم رسائلها على تقبل هذا الخبر، سنرسل جميع الأوراق الرسمية ورماد جثمانها إلى شقيقها جون»، وردت ديليا قائلة: «لم يكن هذا القرار الصحيح لها»، وظهرت ديليا في الاعلام مؤكدة: «لقد دمرت الأسرة تماما، لقد دمرتنا»، وتكررت المأساة مرة اخرى بواقعة وفاة الايرلندية تفامورين سلاو منذ اسابيع قليلة. اقرأ أيضا: اعتقال سبعة أشخاص إثر تجدد أعمال عنف في لوزان السويسرية