هناك كلمات تدفع بأصحابها إلي غياهب السجون.. وهناك كلمات أخري تدفع بأصحابها إلي القبور.. ولكن الحقيقة المؤكدة أن قبور الوطن أفضل وأهون بكثير من سجون الغرب وصاحب هذه القضية التي بين أيدينا وسنفجر فيها العديد من المفاجآت وسنكشف جوانب عدة ربما تصيب البعض بالصدمة تنطبق عليه هذه الكلمات فقد هرب الرجل من قبور الوطن لكنه وجد سجون الاغتراب في انتظاره بعد أن طاردته أجهزة الاستخبارات العالمية وحاولت تجنيده ومارست عليه ضغوطا وصلت إلي حد التهديد بالتصفية.. إنه العقيد محمد الغنام المعتقل في السجون السويسرية منذ أكثر من 7 سنوات. والعقيد الدكتور محمد الغنام حاصل علي وسام الجمهورية وصاحب مشروع الرقم القومي وشغل منصب مدير إدارة البحوث القانونية بوزارة الداخلية سابقا ويعد خبيرا دوليا في مكافحة الإرهاب وعلم الإجرام واضطر للجوء السياسي بعد أن هاجم النظام السابق وفضح بعض ممارسات وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي فتم اعتقاله بسجون سويسرا منذ مارس 2005 لرفضه محاولات تجنيده من قبل بعض أجهزة الاستخبارات للتجسس وإفشاء أسرار وطنه إلا أن الرجل أبي وفضل ظلمات السجن والاعتقال عن خيانة الوطن. الغنام عمل أستاذا للقانون الجنائي بأكاديمية الشرطة والعديد من كليات الحقوق المصرية وحصل علي اثنين دكتوراه في القانون الجنائي وعلم الإجرام من جامعة روما بإيطاليا ومثل مصر دوليا كخبير دولي في أوروبا وأمريكا أكثر من مرة. وهو نجل المرحوم اللواء أبوالفتح الغنام بالقوات المسلحة المصرية سابقاً وحفيد المرحوم فضيلة الشيخ القاضي علي مشرف الغنام مدير المحاكم الشرعية بالمملكة المصرية سابقاً. وحصل الغنام علي اللجوء السياسي بسويسرا بعد تعرضه للاغتيال بمصر لرفضه التواطؤ مع بعض رموز النظام السابق لتلفيق جرائم ضد بعض السياسيين والإسلاميين والصحفيين الشرفاء بحكم منصبه كمدير لإدارة البحوث القانونية. وكان الغنام شديد الانتقاد لعهد مبارك وممارساته القمعية، لكنه حين ذهب إلي سويسرا دخل سجن «شون دالون» بتهمة تعديه علي أحد المواطنين، الأمر الذي نفاه المجني عليه نفسه الذي أكد أنه هدده فقط بسكين في قلب جامعة جنيف لكنه لم يمسه أبداً.. وكانت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب قد أوصت بضرورة قيام وزارة الخارجية بمخاطبة السفير السويسري بالقاهرة لمعرفة أسباب استمرار اعتقاله بعد مناقشة 3 طلبات إحاطة تقدم بها نواب بشأن هذه القضية. قصة العقيد محمد الغنام تشبه رواية سيئة من روايات الجاسوسية يتقابل فيها جيمس بوند مع كافكا، فالرجل كان ضحية هجوم علي طريقة المخابرات السوفيتية وقع عليه في مصر وهو المعارض دوماً لنظام مبارك، ثم لجأ إلي سويسرا حيث يحتجز الآن بناء علي تقرير مشبوه ولم تتمكن عائلته من رؤيته منذ أكثر من عشر سنوات. وظلت حكاية الغنام في طي الكتمان حتي خرج الرجل عن صمته واتصل بالصحفي البريطاني المعروف روبرت فيسك عام 2003 وأكد له أن الشرطة والمخابرات السويسرية تطاردانه منذ أن رفض العمل معهما وتحديداً لأجل أن يتجسس علي أعمال المركز الإسلامي في جنيف الذي يديره هاني رمضان شقيق طارق رمضان حفيد حسن البنا فيما عرف بعملية ممفيس.. اشتكي الغنام المخابرات السويسرية ومن حينها بدأت حلقة المعاناة التي لم تنته. في البداية حددت السلطات السويسرية إقامته لمدة أربعة أشهر بناء علي تقرير شرطي عار من الصحة كونه طعن أحد دارسي الدكتوراه الأفارقة، وهو ما لم يحدث ثم صدر بشأنه حكم استند إلي تقرير نفسي بأن الغنام غير مسئول عن أفعاله، وإلي شكوي قدمتها ميشيلين سوبوري المستشارة السابقة للحكومة بتلقيها خطابات تهديد منه وأودع بسجن شون دالون. لم يغير اعتراف الشرطي السويسري جاك ميترو، الذي تأخر 7 سنوات بعد واقعة السكين بأن الغنام لم يطعن الرجل الأفريقي، ولا تقليل «سوبوري» بشأن خطابات التهديد التي تلقتها كما صرحت لصحيفة «ليبرتيه» السويسرية -من الأمر شيئاً، فالغنام الذي أصبح مجرد ظل لنفسه بسبب نقص وزنه الشديد كما أكد محاميه الذي زاره أخيراً- لم يخضع لمحاكمة سليمة الإجراءات لأنه حكم عليه بأنه «غير مسئول عن تصرفاته» لكن المفاجأة التي تبينت بعد ذلك أن التقرير النفسي تم دون توقيع الكشف عليه! البروفيسور تيموثي هاردينج، الذي حرر هذا التقرير، أبدي هو أيضاً بعض الندم في تصريحات صحفية مؤكداً أنه لم يقدم تقارير عن متهمين لم يقابلهم بالفعل إلا مرتين في حياته من ضمنهما حالة الغنام والسؤال الذي يفرض نفسه رغم ذلك كله لماذا يبقي الغنام في محبسه؟ الغنام الذي اعتلت صحته جداً وأصبح يواجه خطر الموت حسب رواية محاميه الذي طلب ضرورة مغادرته شون دالون ونقله لأحد المستشفيات. ولم يستطع أحد من عائلة الغنام زيارته في محبسه إلي درجة دفعت ببعضهم للشك في أنه مازال علي قيد الحياة من عدمه الوحيد الذي استطاع رؤية الغنام هو محامي العائلة مي باينيه، روي لعدد من الصحف السويسرية قائلاً: «رغم أنه لم يوجه لي كلاماً لكن لا يساورني الشك أن من رأيته هو بالفعل محمد الغنام.. !! لكنني بالفعل لم أستطع التعرف عليه بسبب لحيته ولاختلافه عن الصور التي رأيتها له والتي التقطت عام 2005، مع ذلك لا أظن أنه قد مات». ويعتقد المحامي أن المخابرات السويسرية ارتكبت خطأ وقال نصا: "الأسهل إيداع الغنام السجن بدلاً من الاعتراف بأخطاء الماضي". أما دومينيك فيرجلي السفير السويسري بالقاهرة فقد كتب بالبريد الإلكتروني بأن السيد الغنام محجوز منذ 2007 بناء علي حكم محكمة، وهو حاليا مسجون بسبب حالته النفسية وسيبقي موقوفاً لأسباب علاجية. وتتم مراجعة هذا الإجراء بشكل دوري من قبل الأطباء، وأن هناك اتصالا بين السلطات السويسرية والمصرية بشأن القضية. انتهي البريد الإلكتروني لكن القصة لم تنته. ومن المعلومات السابقة بالتأكيد نكون قد استشعرنا أو نشتم رائحة المؤامرة فهناك ربط مهم بين فساد النظام السابق وبين سويسرا سلة نقود أباطرة مبارك وحاشيته وهناك معلومات مؤكدة حصلت عليها "الموجز" تؤكد أن هناك ثمة صفقة قد تمت بين الجانبين للتخلص من الغنام إلي الأبد خاصة أن المصالح قد تلاقت علي جثة الغنام فقد فتح الرجل النار علي مبارك ورجاله وعندما سافر إلي سويسرا وطلب اللجوء السياسي وعاش هناك لفترة قصيرة فتح النار أيضا علي سويسرا وكشف العمليات القذرة التي تتم علي جثث شعوب المنطقة وجعلت منهم فئران تجارب لأسلحتهم الفتاكة. ولعل اخطر هذه المفاجآت أو القنابل التي فجرها الغنام وجعلت أجهزة الاستخبارات تتسابق علي الفتك به هو المقال الذي نشره بجريدة الشعب وأصابت المعلومات المنشورة به هذه الأجهزة بصدمة شديدة فكيف توصل هذا الرجل لهذه المعلومات الخطيرة؟! وقال الغنام: لقد أرادت المخابرات السويسرية إجباري علي العمل كجاسوس لهم علي بعض المسلمين الشرفاء لإغلاق مركزهم الإسلامي وان أتسلل إلي تنظيم القاعدة لأكون عميلا لهم داخله، ولما رفضت مارسوا ضغوطا علي ودبروا اعتداءات ضدي، وعندما قدمت شكاوي ضدهم قاموا بتلفيق قضية لي بالتنسيق مع قضائهم الفاسد الذي رفض سماع أي شاهد ممن طلبتهم لإثبات تورط المخابرات السويسرية في الاعتداءات ضدي، وقاموا باعتقالي لمنعي من فضحهم وكشف الوجه الحقيقي لسويسرا. وبعد أن اضطر السويسريون إلي إطلاق سراحي تستمر الحكومة السويسرية -من خلال جهاز مخابراتها- في ممارساتها العدوانية الاستبدادية ضدي، ففي أعقاب كل مقال أرسله للنشر لكشف محاربتهم للإسلام أو في أعقاب كل شكوي أتقدم بها لاحدي الجهات ضد الحكومة السويسرية، تقوم المخابرات السويسرية بإرسال عملائهم للاحتكاك بي في الطريق العام وكان آخر تلك التحرشات ما حدث يوم 5 أغسطس 2005 في أعقاب إرسالي شكوي لمدير منظمة العفو الدولية أدين فيها تجاهل منظمته لشكواي المدعمة بالمستندات القاطعة والمقدمة مني ضد الحكومة السويسرية منذ يوم 27 يونيو 2005. وقال إن ما يقوم به البوليس والمخابرات السويسرية ضدي - بتوجيهات من حكومته - بسبب مقالاتي الهادفة لتحذير المسلمين من شرهم وبسبب شكاواي الرامية إلي كشف انتهاكاتهم لحقوق الانسان وللمعاهدات الدولية لا يختلف كثيرا عن ممارسات أجهزة المخابرات والبوليس في دول العالم الثالث الديكتاتورية، فحرية الرأي عندهم هي فقط لمحاربة الإسلام وتقويض دعائمه، فحكام سويسرا وقضاؤها ومخابراتها يعملون جميعا لمحاربة الإسلام والكيد للمسلمين والعرب الشرفاء الذين يرفضون موالاة النصاري واليهود، وكل ما يتردد عن احترام حقوق الإنسان أو الالتزام بالقانون في سويسرا هو كذب وهراء. وأضاف الغنام : تشارك سويسرا "المحايدة" في احتلال بلد مسلم هو "العراق" وتأتي مشاركتها من خلال بيعها الأسلحة والمعدات العسكرية لقوات ما يسمي بالتحالف ولقوات الأمن التابعة للحكومة العراقية تحت الاحتلال، لمساعدة تلك القوات علي قتل المجاهدين المسلمين الذين يسعون لتحرير بلادهم من الاحتلال، حيث تعتبر الحكومة السويسرية المقاومين المسلمين إرهابيين!! ولقد بررت تلك الحكومة تقديمها السلاح بأنه في اطار مشاركة سويسرا في "الحرب ضد الإرهاب" (آخر صفقة سلاح أرسلتها سويسرا للحكومة العراقية تحت الاحتلال مكونه من خمسين عربة قتال مدرعة وتمت في نهاية شهر يونيو 2005). ولعل في هذا ما يكشف عن محاربة سويسرا للإسلام وعن دورها المحوري في إطار التحالف الدولي وان كانت تجيد التخفي حتي لا ينكشف أمرها تجنباً لأي رد فعل انتقامي من جانب المجاهدين المسلمين. واضاف: تدعي سويسرا -كذبا- تعاطفها مع القضية الفلسطينية بينما هي تستخدم "الصليب الأحمر" وبعض مشروعاتها الخيرية المظهرية في الدول العربية والإسلامية كمراكز لجمع المعلومات الاستخباراتية لحساب إسرائيل وغيرها وللتغلغل داخل المجتمعات الإسلامية لتفويض بنيانها الديني من الداخل. وقال: تقوم سويسرا -في إطار التحالف الدولي- بممارسة ضغوط علي الحكومة التركية شبه الإسلامية من خلال فتح ملف "الارمن". ولقد قامت الحكومة التركية خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر (أغسطس 2005) بإلغاء زيارة كانت مقررة لأحد الوزراء السويسريين إلي تركيا احتجاجا علي ذلك، وتقوم جهات التحقيق السويسرية -بتعليمات من حكومتها وجهاز مخابراتها- بالتحقيق مع مؤرخ تركي ورئيس أحد الأحزاب السياسية التركية لتشكيكهما في حدوث تصفية للأرمن!! والتساؤل الذي يطرح نفسه هو لماذا لم تقم سويسرا بإثارة تلك القضية التي ترجع أحداثها لعقود طويلة مضت إلا في ظل وجود حكومة شبه إسلامية في السلطة في تركيا؟! ولماذا في هذا التوقيت بالذات الذي تسعي فيه تركيا للانضمام للاتحاد الأوربي؟! مما يؤكد من جديد دور سويسرا في إطار "التحالف الصليبي الدولي". وقال الغنام في رسائله: لا يسعني إلا أن أكرر إدانتي للحكومة السويسرية وان أعبر عن استيائي من شعبها المتعصب وان أؤكد -من واقع تجربتي الشخصية وعملي في وزارة الداخلية المصرية لقرابة العشرين عاماً- علي صحة ما قال به فضيلة الدكتور محمد عباس من أن البنوك السويسرية مكان غير آمن لودائع واستثمارات العرب والمسلمين، فسويسرا بلد غير آمن بلا ديمقراطية، تحكمه الشرطة والمخابرات. إلي هنا وانتهي كلام الغنام وكان الرجل يتخيل انه يخاطب الناس ولم يكن يدرك أن أجهزة أخري تعد أنفاسه وقامت بتحليل كلماته وما بين سطور مقالته وتأكدت أن الرجل مازال لديه الأخطر فكان له ما توقعه في مقاله حيث تم اعتقاله ولا يعرف احد هل مازال علي قيد الحياة أم انه تم تصفيته جسديا. الغريب أيضا والذي لم يلتفت إليه احد أن الرجل دفع هذا الثمن الغالي من أجل الدفاع عن أحفاد حسن البنا ليس لأنه ينتمي لهم ولكن لأنه مصري يغار علي مصريته وأبناء وطنه ورغم ذلك لم يحرك الرئيس الاخواني ساكنا لاسترداد الغنام الذي لم يدرك وقتها رغم ما لديه من أسرار أن مراكز الإخوان في سويسرا تلعب معهم نفس لعبة رجال مبارك وأباطرة النظام السابق لأن الإخوان كانوا جزءا من هذا النظام.