أغلب الظن أن إسرائيل ستتمادى فى تطبيق تكتيك «الضغط المضاد» والذى تلجأ إليه لمواجهة أية انتقادات أو تحركات إقليمية أو دولية تستهدف ردعها أو حتى انتقادها بادرت مصر إلى التحذير من خطورة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير خرائط الشرق الأوسط، وإعادة بناء المنطقة وفق أهواء زمرة من المهاويس بأحلام التوسع وأوهام الهيمنة هذا العبث لا يمكن وصفه إلا بأنه قفزة فى مستنقع الجنون وخطوة جديدة باتجاه دفع المنطقة نحو هاوية الفوضى الشاملة، وهو ما يعد تجسيدًا مخيفًا للعقلية «الشمشونية» التى باتت تهيمن على سلوك وممارسات حكومة تل أبيب بالفعل!!. يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مهووسًا بالأساطير والحكايات القديمة، وأخطر ما يمكن أن يواجهه العالم هو أن يستحوذ أسرى إعادة إنتاج الأساطير على مقاعد السلطة!. اقرأ أيضًا| «فون دير لاين» تستنكر استخدام الاحتلال للمجاعة في غزة كسلاح حرب وللأسف هذا ما يحدث ونعانى من تعاظم خطره فى منطقة الشرق الأوسط خلال الشهور الأخيرة نتيجة تفاقم حالة الهوس «النتنياهوية» بإعادة تدوير الأساطير التى تعشش فى رأسه هو وزمرة المتطرفين الذين شاء قدر المنطقة العاثر أن يحتلوا مواقع القيادة فى حقبة زمنية عنوانها الأبرز: «هيمنة الجنون»!! الأساطير التى يؤمن بها نتنياهو أكثر من أن تُحصى، فتقريبًا جُلُّ خطابه السياسى لا يخلو من إشارات دائمة لقصص توراتية وأساطير قديمة يستخدمها بوصلة توجه مساراته السياسية، ومصدرًا يستهلم منه أحلامه المزعومة بالقوة والهيمنة. منذ بداية الأزمة الراهنة، يتحفنا رئيس الوزراء الإسرائيلى كل يوم بحكاية جديدة من أساطيره التى لا تنفد، فمرة يصور حربه ضد الشعب الفلسطينى الأعزل بأنها تشبه حرب بنى إسرائيل ضد «العماليق» وهم جماعة قديمة مذكورة فى النصوص الدينية اليهودية كقوى تقف فى مواجهة إسرائيل القديمة. وتارة يتحدث عن حلمه بأن يكون هو من يحقق حلم «إسرائيل الكبرى» أو «إسرائيل التوراتية» وهو مفهوم استعمارى يحاول الإسرائيليون إلباسه ثوبًا دينيًا لشرعنة احتلالهم لأراضى 8 دول عربية، وتسويغ أطماع التوسع بادعاءات «الوعد الإلهى لشعب الله المختار»!! اقرأ أيضًا| إعلام إسرائيلي: من غير المرجح اعتراف نتنياهو بفشل العملية في قطر وعصر أمس الأول، أقدم بنيامين نتنياهو على مغامرة، أو بالأحرى مقامرة، جديدة بعدوانه على أراضى دولة قطر الشقيقة بزعم استهداف عناصر من حركة «حماس»، ورغم أن نتنياهو لم يتحدث هذه المرة عن الأسطورة التى ألهمته ارتكاب جريمته الجديدة، لكن من يحلل خطابه المتكرر سيكتشف بسهولة أنه سعى لاستلهام أسطورة «شمشون» ذلك البطل الذى ورد ذكره فى العهد القديم، وهو شخصية تُنسب إليها قوة خارقة، لكنه فى النهاية يُقدم على الانتحار بهدم المعبد على رأسه ورأس آسريه!. هذا التوظيف السياسى للأساطير التوراتية بالتأكيد لا يرجع فحسب إلى هوس دينى أو مزاج شخصى من جانب نتنياهو، بل يرتبط أكثر بحالة عميقة من الخداع السياسى التى يجيد أطول رؤساء الحكومات الإسرائيلية بقاءً فى السلطة ممارستها، وربما كان إتقان الخداع والتلاعب بالعقول هو أبرز أدواته لتحقيق ذلك الرقم القياسى بالبقاء فى الحكم، فهذا التوظيف السياسى المتعمد للأساطير يمكّنه من دغدغة مشاعر المتطرفين الإسرائيليين دينيًا وسياسيًا، فضلًا عن شرعنة جرائمه وسياساته القمعية بحق كل من يتصور أنه مصدر تهديد. ■ ■ ■ لكن لماذا تبدو جريمة العدوان على قطر أكبر من مجرد كونها ضربة إسرائيلية لأراضى دولة عربية رغم أنها ليست سابقة فى التاريخ العدوانى لتل أبيب، فقد شنت دولة الاحتلال حروبًا متواصلة منذ 1948 ضد دول عربية فى مقدمتها مصر وسوريا ولبنان، كما طالت سياط الاعتداءات الإسرائيلية أراضى لدول عربية تبدو بعيدة عن ساحة المواجهة المباشرة مع دولة الاحتلال، فقصفت فى 7 يونيو 1981 المفاعل النووى العراقى، وغزت بيروت فى العام التالى، واغتالت قيادات فلسطينية على أرض تونس بعدها بستة أعوام، ونفذت عمليات قتل ممنهج للعديد من الشخصيات العربية السياسية والعلمية فى مدن عربية ودولية عدة. الإجابة ببساطة لأن ذلك العدوان يحمل دلالات ينبغى ألا نتغافل عن إدراكها وتحليلها بوضوح ودون مواربة، فالنظام الإقليمى العربى لم يعد لديه ترف أنصاف المواقف، أو احتمال تبعات الإجابات الغائمة فى مواجهة أسئلة الوجود والمصير. اقرأ أيضًا| وزير الخارجية الإسرائيلي ينتقد تصريحات فون دير لاين بشأن غزة الضربة الإسرائيلية على الأراضى القطرية تمثل تحولًا نوعيًا كبيرًا، فهى دولة لا تعادى إسرائيل، بل تقوم إلى جوار مصر وبالتنسيق مع الولاياتالمتحدة بدور فى الوساطة من أجل التوصل إلى هدنة فى قطاع غزة، وتستضيف بصورة متكررة - فى هذا السياق - وفودًا أمنية إسرائيلية للتباحث بشأن إجراءات تلك الهدنة التى يُصر نتنياهو على أن تبقى «مستحيلة». السبب الثانى لحساسية تلك الضربة، هى أنها المرة الأولى التى تستهدف فيها إسرائيل أراضى دولة خليجية. والمعروف أن منظومة الأمن الخليجى بالغة الدقة، ليس فقط بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية التى تحظى بها كأكبر منطقة لتركز إنتاج النفط والغاز عالميًا، فضلًا عن حركة الملاحة الدولية النشطة عبر موانيها وشواطئها، لكن لأن تلك المنطقة ترتبط بشكل حاسم باستراتيجية الأمن الأمريكى، حيث تلعب الولاياتالمتحدة ومنذ تسعينيات القرن الماضى دورًا جوهريًا فى تأمين تلك المنطقة، سواء عبر قواعدها الثابتة، وبعضها هو الأكبر من نوعه خارج الولاياتالمتحدة، أو من خلال الحركة الكثيفة للأساطيل والقوات الأمريكية فى وحول تلك المنطقة الحيوية. وبينما لا يخفى نتنياهو «تطلعاته» أو على وجه الدقة «أطماعه» فى توسيع علاقات دولة الاحتلال مع دول الخليج عبر مد مظلة الاتفاقيات الإبراهيمية إلى عواصم خليجية إضافية، نجده يسير فى نهج مغاير تمامًا لما يقوله، ويقوم بالاعتداء على أراضى دولة خليجية، وهو يدرك أن منظومة التعاون الخليجى تفرض حالة من التضامن بين دول المجلس أكبر بكثير مما تعرفه أطر التعاون العربية الأخرى، وهو ما يجعل الاعتداء على الأراضى القطرية مساسًا مباشرًا بأمن الخليج العربى، سواء تلك الدول التى لديها علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، أو تلك التى يتطلع نتنياهو إلى استقطابها لقطار التطبيع. ■ ■ ■ التداعيات الكارثية للعدوان الإسرائيلى على قطر تتجاوز كذلك ما يردده المعلقون بشأن الإضرار بفرص التهدئة فى قطاع غزة، فنتنياهو لم يكن فى أية لحظة جادًا بشأن الانخراط بصدق فى أية جهود يمكن أن تقود لوقف الحرب، بل ربما كانت خطوته «الشمشونية» بالاعتداء على الأراضى القطرية واحدة من ألاعيبه المتكررة لعرقلة مساعى التهدئة، لكنه اختار هذه المرة استعراضًا ناريًا بالغ الخطورة والتهور. اقرأ أيضًا| نتنياهو: سنواصل استهداف الحوثيين وكل من يهاجم إسرائيل نحن إذن أمام خطوة تصعيدية كبيرة تحيل المنطقة كلها إلى ساحة مواجهة، وتهدد بتحويل الشرق الأوسط، سواء الدول التى لديها تماس مباشر مع بؤرة الأزمة والصراع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، أو تلك الدول التى كانت تظن نفسها بعيدة جغرافيًا وبالتالى بمنأى عما يدور فى عين العاصفة الشرق أوسطية، فقد أحال الجنون الإسرائيلى المنطقة برمتها إلى ميدان صراع ساخن ومواجهة مفتوحة على جميع الاحتمالات. التصعيد الإسرائيلى أيضًا قد يستوجب ردًا مقابلًا، سواء من حركة «حماس» أو من فصائل فلسطينية أو غير فلسطينية، وقد يكون الداخل الإسرائيلى وجهة ذات أولوية لتلك العمليات على غرار ما حدث بالقدس قبل أيام، لكن الأخطر أن تكون المصالح الإسرائيلية، وربما الأمريكية أيضًا، فى عواصم ومناطق غير تقليدية على لائحة الاستهدافات، وهو ما يفاقم من الأزمة ويدفع المنطقة وربما العالم إلى دفع فاتورة العربدة الإسرائيلية، فى ظل غياب أية معايير لمنظومة القانون الدولى قادرة على مواجهة ومحاسبة الغطرسة الصهيونية، وهو ما بات وصمة عار ستلاحق الإنسانية والنظام الدولى الذى فقد شرعيته وأخلاقياته لسنوات طوال. ■ ■ ■ نحن أيضًا أمام حالة قد تبدو فريدة فى تاريخ العلاقات أو حتى الصراعات الدولية، فلم يسبق فى حدود ما أعرف - أن أقدمت دولة على قصف أراضى دولة تقوم بوساطة لإنهاء الحرب، وتُقدم كذلك على اغتيال شخصيات يفترض أنها تبحث حلولًا وتناقش سبلًا لوقف القتال!! هذا العبث لا يمكن وصفه إلا بأنه قفزة فى مستنقع الجنون وخطوة جديدة باتجاه دفع المنطقة نحو هاوية الفوضى الشاملة، وهو ما يعد تجسيدًا مخيفًا للعقلية «الشمشونية» التى باتت تهيمن على سلوك وممارسات حكومة تل أبيب بالفعل!!. الأسوأ أن تلك الخطوة الرعناء دليل حى جديد وإثبات إضافى على أن إسرائيل باتت نموذجًا لمفهوم «الدولة المارقة» التى تصر على البقاء خارج الإجماع الدولى، أو تنتهج سلوكًا يخرق التزاماتها الدولية بشكل متكرر وبلامبالاة، وهو ما يفرض على الجميع ودون مواربة إعادة النظر بعمق وجدية فى ترتيبات الأمن الخليجى فى المقام الأول، والأمن القومى العربى فى المقام الثانى، فالأمن الإقليمى الشرق أوسطى فى نطاقه الأوسع بإضافة تركياوإيران وكلتاهما غير بعيدة عن مرمى الجنون الإسرائيلى. الولاياتالمتحدة التى يفترض أنها تضطلع بدور معروف فى معادلة الأمن الخليجية أعلنت عن انحياز سافر وغير محدود لإسرائيل، ومنحت ضوءًا أخضر ل «شمشون عصره» لينفذ عدوانه على السيادة القطرية، حتى وإن أصرت الإدارة الأمريكية على عدم الاعتراف رسميًا بذلك، وتمسك المتحدثون والقادة الأمريكيون باستخدام لغة مراوغة للتنصل من المسئولية، لكن الجميع يدرك أن إسرائيل لم تكن لتجرؤ على القيام بحماقاتها المتكررة دون موافقة البيت الأبيض حفاظًا على الغطاء الذى يضمن لقادة إسرائيل الإفلات من المحاسبة والعقاب. ■ ■ ■ هذا الانحياز الأمريكى لصالح إسرائيل وضد الأمن الجماعى العربى، لابد أن يدفع جميع الأطراف فى المنطقة إلى مراجعة جادة وعميقة لنمط التعامل مع واشنطن، وتقدير لحجم المصالح والأعباء فى تلك العلاقة، فى ظل تحولات يبدو أنها غير مسبوقة، وفى سياق نهج إدارة أمريكية لا تعترف بما اعتدناه فى أدبيات السياسة الأمريكية. الخذلان الأمريكى لدول المنطقة، وبالأخص لدول الخليج صاحبة الرصيد الأهم فى ميزان العلاقات الإستراتيجية من وجهة النظر الأمريكية المعلنة على الأقل، قد يخلق أزمة ثقة عميقة تتجاوز محاولات التهوين واعتبارها مجرد أزمة عابرة، بل ربما يتطلب الأمر نقاشًا معمقًا فى ظل تكرار الاعتداء على أراضى دول الخليج العربى فقد سبق العدوان الإسرائيلى الأخير اعتداءات على مصافى نفطية سعودية، وتعرضت الأراضى القطرية لاعتداءين خلال بضعة أسابيع، الأول من جانب إيران خلال حرب ال 12 يومًا مع إسرائيل، والثانى وهو الأخطر على يد حكومة الاحتلال، حتى وإن تعهدت الإدارة الأمريكية بأن تلك الهجمات «لن تتكرر»، فالضمانة الحقيقية لبناء الثقة لا يكمن فى التعهد بمنع تكرار الاعتداءات، بل تتأسس على منع حدوث تلك الاعتداءات بالأساس، خاصة فى ظل عدم صدور إدانة أمريكية واضحة للخطوة لمسلك تل أبيب العدوانى!! ■ ■ ■ السيناريوهات المحتملة فى أعقاب العدوان الإسرائيلى على الأراضى القطرية لا تبدو مبشرة بخير، فإصرار نتنياهو على إحراق أوراق التفاوض بشأن هدنة توقف الحرب فى قطاع غزة قد يكون مؤشرًا على نية ورغبة مستعرة لتوسيع نطاق العدوان الإسرائيلى ومحاولة استغلال الوضع الإقليمى والاختلال الدولى الراهن لتحقيق مكاسب استراتيجية تتجاوز إعادة بناء الهيبة الإسرائيلية فى مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر. ومن الواضح أن تكرار إفلات إسرائيل من أية محاسبة أو مساءلة دولية، والتعويل المتواصل على الحماية الأمريكية يغرى قادة تل أبيب المسكونين بأوهام القوة وأفكار الهيمنة والاستيطان باتخاذ مزيد من إجراءات التصعيد والذهاب بعيدًا فى تحويل أطماعهم وأساطيرهم المزعومة إلى أمر واقع، وهو ما يهدد بتحويل المنطقة برمتها إلى جحيم، بعدما دفعت الممارسات الإسرائيلية الشرق الأوسط إلى ما بعد مرحلة «برميل البارود المشتعل». أغلب الظن أن إسرائيل ستتمادى فى تطبيق تكتيك «الضغط المضاد» والذى تلجأ إليه لمواجهة أية انتقادات أو تحركات إقليمية أو دولية تستهدف ردعها أو حتى انتقادها، فعلى سبيل المثال لجأت حكومة تل أبيب لتفعيل خطط السيطرة على الضفة الغربية كأداة ضغط لمواجهة تنامى الحركة الدولية الرامية إلى الاعتراف بدولة فلسطينية، وربما يكون هجومها على قطر توطئة لتوسيع عدوانها فى غزة، والتصاعد المخيف فى حدة الهجمات الإسرائيلية هناك يبرز كمؤشر على أن وهم تهجير الفلسطينيين واقتلاعهم من أراضيهم لا يزال يراوح مكانه فى الذهنية الصهيونية الحاكمة، باعتباره هدفًا استراتيجيًا عجز ساسة إسرائيل وقادتها العسكريون عن تحقيقه إلى اليوم. ■ ■ ■ الضربة العدوانية الإسرائيلية ضد قطر يجب أن تكون جرسًا كبيرًا يُقرع فى آذان العرب، بأن ثمة واقعًا جديدًا تسعى إسرائيل لتكريسه فى المنطقة، وأن أحدًا ليس بمنأى عن أنياب وأظفار الذئب الإسرائيلى الجائع والمتعطش لمزيد من الدم العربى. وهنا لا يمكن أن نُغفل المواقف المصرية الشريفة والمشرِّفة فى إدارة دفة الأمور فى وسط الأنواء والعواصف الإقليمية. واستعادة المواقف المصرية السباقة والكاشفة للمخاطر والتهديدات ليست نوعًا من المباهاة والتفاخر، رغم أن المواقف المصرية جديرة بأن تكون مصدرًا للفخر والاعتزاز ليس فقط لكل مصرى وعربى، بل لكل صاحب ضمير حى فى عالم مات ضميره أو يكاد!. نعم، كانت الرؤية المصرية كاشفة وثاقبة عندما حذرت منذ اللحظة الأولى من جر المنطقة إلى حالة الفوضى وسيناريوهات الصراع الشامل والمفتوح. بادرت مصر إلى التحذير من خطورة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير خرائط الشرق الأوسط، وإعادة بناء المنطقة وفق أهواء زمرة من المهاويس بأحلام التوسع وأوهام الهيمنة. كشفت مصر المخطط مبكرًا جدًا، فى وقت انساق فيه العالم وراء رواية الاستضعاف الإسرائيلى، وهرول قادة دول كبرى ومؤثرة للبكاء بين يدى نتنياهو، وتباروا فى سكب اللعنات على الشعب الفلسطينى الذى كانت كل جريمته أنه لا يزال يحلم باستعادة وطن سرقه الغزاة القادمون من الشتات، فانتزع نتنياهو شيكًا على بياض بإبادة الفلسطينيين قتلًا وتجويعًا وتهجيرًا!!. تحملت مصر ما لا يُطاق من ضغوط وخذلان، ونالها ما نالها من محاولات التشويه والتضليل، وخرج متآمرو الجماعة الإرهابية من جحورهم بحثًا عن دور فى خضم الفوضى الإقليمية. وضع «أتباع المرشد» أنفسهم فى خدمة سيدهم الجديد القابع فى تل أبيب، ومع هذا ظلت مصر عصية على تآمرهم وأكبر من لدغاتهم، وواصلت دورها الإنسانى والقومى والوطنى تجاه الأشقاء فى قطاع غزة غير آبهة بنباح الحاقدين وفحيح المتلونين. ■ ■ ■ إن استعادة حكمة القيادة وحنكة الإدارة المصرية، بينما يواجه الإقليم فصلًا جديدًا من كتاب الفوضى، تمثل ضرورة لا غنى عنها إذا ما أردنا أن نُبصر الطريق وسط الدخان الخانق المتصاعد من جنبات الشرق الأوسط. طوق النجاة يكمن فى الائتلاف والوحدة.. وطريق الهلاك يبدأ بالاختلاف والفُرقة، هكذا علمنا التاريخ، وهكذا تضعنا الأقدار فى مواجهة خيارات لا تحتمل الخطأ، وقد تولد المنح من رحم المحن.