للمرة الثانية تجد قطر نفسها مباشرة فى أتون توابع الأزمة الأخطر التى تواجه منطقة الشرق الأوسط والتى بدأت منذ العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى أعقاب عملية طوفان الأقصى فى الثامن من أكتوبر 2023 رغم أنها ليست جزءًا مباشرًا فيها بل العكس هى عامل مسهل وطرف يتمتع بمصداقية من الجميع ووسيط مقبول فى العديد من الملفات العالقة والصراعات التى تموج بها المنطقة وبدا الأمر كما لو كانت الدوحة ( صندوق بريد) يستخدمها البعض لإرسال وتلقى إجابات عنها. اقرأ أيضًا| برلماني: الاعتداء الإسرائيلي على دولة قطر انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي الأولى: عندما تعرضت قاعدة العيديد الى هجوم من القوات الايرانية فى استهداف للمصالح الامريكية فى المنطقة ردا على هجمات امريكا على ثلاثة مواقع نووية فى 22 يونيو الماضى وكان اختيارها بسبب القرب الجغرافى الذى لايتجاوز 200 كيلو على عكس قواعد عسكرية فى دول خليجية أخرى ولكنها بعيدة جغرافيا وقد تمثل تحديا للقدرات العسكرية الإيرانية وتم اجهاضه من خلال اجهزة الانذار المبكر والمعلومات الاستخباراتية وصواريخ باتريوت القطرية. الثانية: من اسرائيل اول امس والتى شكلت تحولا كبيرا فى معادلة الصراع فى المنطقة واستهدفت الغارة اغتيال عدد من قيادات حركة حماس اثناء اجتماعهم فى احد مقراتهم المعروفة فى العاصمة الدوحة ردا على عمليات نوعية للمقاومة فى غزة وعملية استشهادية فى القدس سقط فيها عدد كبير من الاسرائيليين وكان لهما تأثيرات وتداعيات سلبية على نتنياهو واركان حكومته لدرجة انه وجه ومعهم وزير الأمن القومى الاسرائيلى بن غفير رسائل تهديد ووعيد لقادة الحركة، حيث أصدر بعدها أوامر بالتخطيط السريع للعملية ورغم دقة المعلومات الاستخبارية التى اعتمدت عليها اسرائيل وخلقت لديها ثقة كبيرة فى نجاحها ظهرت فى تصريحات نتنياهو ومكتبه ورئيس الكنيست التى اعتبرها رسالة لدول الاقليم الا ان المفاجأة كانت فى الفشل الذريع لها وهناك تقارير عديدة غير مؤكدة. ونتوقف هنا عند ما قيل عن تحذيرات أمريكية كانت وراء ذلك رغم علمها بها وهو ما ظهر واضحا من خلال البيان الذى صدر عن البيت الأبيض بعد العملية مباشرة وكشف عن انها أبلغت قطر بالمعلومات لديها قبل العملية بدقائق مما دفع الدوحة التى بدت مستاءة مما جرى الى نفى الرواية الامريكية على لسان رئيس الوزراء محمد بن عبدالرحمن وقال ( لم نتلق أى تحذير من واشنطن إلا بعد الهجوم بعشر دقائق ) وحقيقة الأمر انه من الصعوبة بمكان تصور ان واشنطن لم تكن على علم بها مما يلقى ظلالا من الشك على حقيقة موقفها وانها غضت الطرف عنها دون إعطاء ضوء أخضر لتل أبيب ونعود بالذاكرة هنا الى ما جرى فى الرابع والعشرين من يونيو الماضى الذى يظهر القدرة الكبيرة للبيت الأبيض فى التأثير على قرار نتنياهو حيث امر ترامب اسرائيل بإعادة طائراتها وكانت فى طريقها الى شن هجوم على ايران ويبدو ان فشل عملية الدوحة دفع واشنطن الى تغيير روايتها والتبرؤ منها والنأى بالنفس عنها وايجاد مسافة بينها وبين نتنياهو الذى ساعد واشنطن على ذلك بتصريحاته عن انها كانت اسرائيلية خالصة تخطيطًا وتنفيذا. اقرأ أيضًا| السودان يدين الاعتداء الإسرائيلي على قطر ونتوقف هنا عند بعض الاهداف التى سعت اسرائيل لتحقيقها وهى كالتالي: أولًا: التأكيد على استمرار سياسة تل أبيب فى استهداف قيادات حماس والتى تكررت مرتين قبل عملية الدوحة الاولى عندما نجحت فى قتل صالح العارورى نائب رئيس المكتب السياسى للحركة فى العاصمة بيروت فى يناير الماضى كما اغتالت نهاية يوليو من العام الماضى فى العاصمة طهران اسماعيل هنية. ثانيًا: استمرار تل ابيب فى تنفيذ مخططات العدوان على غزة دون الالتفات الى مساعٍ حقيقية للتوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار والذى يتم عبر استهداف الوسطاء المصرى والقطرى بافتعال أزمة مع مصر مظاهرها عديدة منها حديث نتنياهو عن منعها خروج أهالى غزة والتلويح بتجميد اتفاق النفط والقطرى بالهجوم الاخير عليها مع رفضها واجهاضها لمقترح عملت عليه القاهرةوالدوحة وتم الاعلان عنه فى 18 اغسطس الماضى ولم تتحمس لها واشنطن حول هدنة لمدة شهرين كما سبق ان رفضت مقترح ويتكوف مبعوث ترامب للشرق الاوسط بعد ايام من تولى ترامب مهام منصبه وللأسف فإن واشنطن تشارك تل ابيب فى لعبة شراء الوقت وطرحت مبادرة أخيرة كثير من بنودها ملغومة وتخلو من أى ضمانات حقيقية غير ملزمة لأحد الوثوق بالرئيس ترامب والذى ربط طرح المبادرة بتهديدات شديدة للمقاومة.