◄ أستاذ علم النفس الأسري: ضرورة قيام الأم بتدريب الطفل على غيابها لفترات قصيرة ومتزايدة بشكل تدريجي ◄ يجب أن يشعر الطفل أن المدرسة مألوف وليس غريبًا من خلال زيارات دورية قبل العام الدراسي ◄أستاذ مساعد التربية الخاصة: لابد من تشجيع وتحفز الطفل على المدرسة ووصفها بأنها مكان للمرح واللعب والتعلم وليس مكانًا للانفصال أو الحرمان لحظة بكاء على باب المدرسة، تصاحبها ابتسامة وهو يحمل حقيبته الجديدة، تبدأ رحلة الطفل مع التعليم، تحمل للأم قلقًا مضاعفًا وللطفل مشاعر مختلطة، ومع انطلاق عام دراسي جديد، تتجدد تساؤلات الأسر: كيف نهيئ أبناءنا نفسيًا للانتقال إلى نظام المدرسة الصارم؟ الخبراء يؤكدون أن هذه المرحلة لا تقل أهمية عن أي محطة تعليمية لاحقة، فهي الخطوة الأولى نحو بناء شخصية متوازنة قادرة على التكيف والتعلم. ◄ التأهيل النفسي يُعدّ التأهيل النفسي للطفل قبل دخول الروضة، أمرًا بالغ الأهمية لعدة أسباب: - تجنب الخوف والقلق: يساعد التأهيل على تقليل مشاعر الخوف والقلق المرتبطة بالانفصال عن الأبوين، والتعامل مع الغرباء، والمكان الجديد. - تعزيز الاستقلالية: يشجع الطفل على الاعتماد على نفسه في مهام بسيطة مثل ارتداء حذائه، أو استخدام الحمام، مما يمنحه شعورًا بالثقة. - تنمية المهارات الاجتماعية: يعلمه كيفية التفاعل مع الأطفال الآخرين والمعلمين، والمشاركة في الأنشطة الجماعية، وفهم قواعد المشاركة. - بناء الثقة بالنفس: يشعر الطفل بالقدرة على مواجهة التحديات الجديدة، وهذا يعزز ثقته بنفسه وقدرته على التعلم. ◄ كيفية الاستعداد النفسي يمكن للوالدين مساعدة طفلهم على الاستعداد النفسي من خلال عدة خطوات عملية: - التعريف بالروضة: تحدثوا مع الطفل عن الروضة بشكل إيجابي ومثير للحماس، وخذوه لزيارة المكان مسبقًا إذا أمكن. - محاكاة الروتين اليومي: مارسوا بعض الأنشطة التي تشبه روتين الروضة، مثل الجلوس لقراءة قصة أو اللعب في مجموعة صغيرة. - تعليم مهارات أساسية: ساعدوه على تعلم مهارات بسيطة كاستخدام أدوات الطعام، أو التعبير عن احتياجاته بكلمات بسيطة. - تشجيع التفاعل الاجتماعي: رتبوا مواعيد لعب مع أطفال آخرين في نفس عمره ليختلط بهم. «بوابة أخبار اليوم» تحدثت مع الخبراء عن ضرورة التأهيل النفسي للطفل، قبل التحاقة بمرحلة رياض الأطفال. ◄ أهمية التأهيل النفسي من جانبها، أكدت إيمان عبدالله أستاذ علم النفس الأسري، أن الانتقال لمرحلة رياض الأطفال تُعدّ بمثابة خطوة جديدة في حياة الطفل، وهي أشبه بالفطام الثاني له عن أمه، التي يمثل وجودها له مصدر الأمان الأول، لذا يجب على الأم أن تتعامل مع هذه المرحلة بحرص شديد، وأن تتبع خطوات مدروسة لتهيئة طفلها نفسيًا لهذه التجربة. ووجهت مجموعة من النصائح التي تساعد الأم على كسر حاجز الرهبة لدى طفلها، وتشجيعه على الاعتماد على نفسه في هذه المرحلة: ◄ بناء رابط إيجابي مع المدرسة - ربط المكان بأشياء محببة، مثل شراء بعض الأدوات المدرسية واللعب الخاصة بالطفل، وحقيبة جميلة، وأقلام ملونة، ودفاتر برسومات جذابة، وتخبره أن هذه الأشياء مخصصة للمكان الجديد الذي سيذهب إليه. بهذه الطريقة، يربط الطفل بين ذهابه للمدرسة والحصول على أشياء يحبها، مما يخلق رابطًا إيجابيًا مع المكان. وتابعت أستاذ علم النفس الأسري: زيارة المدرسة مع الطفل قبل بدء العام الدراسي، وقضاء بعض الوقت معاً، يمكن أن تشاركه الأم وجبة خفيفة، أو أن يشاهدا الألعاب الموجودة، ومشاركته في اللعب بها. هذا الأمر يجعل الطفل يشعر بأن المكان مألوف وليس غريبًا، وأن وجود الام أو الأب فيه يمنحه الأمان. يمكن للأم الربط بين الأنشطة التي سيقوم بها في المدرسة وبين اللعب. مثلاً، يمكن أن تقول له: «هذه الألوان الجميلة سنستخدمها في المكان الجديد لنرسم بها أجمل اللوحات»، أو «هذه الألعاب سنلعب بها مع أصدقاء جدد هناك». ◄ كسر حاجز الانفصال تدريجيًا وأكدت إيمان عبدالله، على ضرورة أن تقوم الأم بتدريب الطفل على غيابها لفترات قصيرة ومتزايدة بشكل تدريجي. يمكن أن تبدأ بتركه مع أحد أفراد العائلة لفترة قصيرة، ثم تزيد المدة تدريجيًا. هذا يجعله يعتاد على فكرة أنها ستعود بعد فترة، وأن غيابها ليس دائمًا. ◄ الانسحاب التدريجي من الفصل وأشارت إلى أن الأم يجب أن تتبع سياسة الانسحاب التدريجي من الفصل في الأيام الأولى للمدرسة، لا تترك الطفل فجأة وتذهب. بل تبقي معه لفترة قصيرة في الفصل، ثم تخبره أنها ستذهب وتعود بعد قليل. البداية بالانسحاب لفترات قصيرة جدًا، ثم زيادة المدة تدريجيًا. وأضافت أستاذ علم النفس الأسري «إذا بكى الطفل بشدة، لا تتركيه وتذهبي. اجلسي معه في البداية، وحاولي تهدئته، ثم اطلبي من المعلمة أن تساعدكِ في إشغاله باللعب مع أصدقائه. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن الصبر ضروري حتى لا تتسبب هذه التجربة في صدمة نفسية له». ◄ استخدام القصص والمحتوى المرئي وتابعت «احكي لطفلكِ قصصًا عن أطفال في مثل عمره يذهبون إلى المدرسة، ويتعلمون أشياء جديدة، ويلعبون مع أصدقائهم. اجعلي القصص مشوقة ومليئة بالمغامرات الممتعة، وركزي على الجوانب الإيجابية للتجربة». يمكن استخدام الفيديوهات المتواجدة على الإنترنت التي تعرض الأنشطة المدرسية بطريقة جذابة ومرحة، ومشاهدتها معه، ومناقشة ما يراه، والربط بين ما يشاهده وبين تجربته المستقبلية. ◄ تعزيز الاستقلالية والتحفيز وأكدت أستاذ علم النفس الأسري، أنه عندما يأتي وقت شراء الزي المدرسي، يجب مشاركة الطفل في اختياره، وإخباره أن هذا الزي يجعله مستعدًا للذهاب إلى مدرسته الجديدة. كما يجب الاحتفاء بكل خطوة يخطوها الطفل نحو الاستقلالية، سواء كانت ارتداء الزي بنفسه، أو تناول طعامه، أو إعداد حقيبته. اقرأ أيضا| احتفالًا بأعياد الطفولة.. أنشطة مدرسية لعزيز فكر ووعي الطلاب وأوضحت أنه يمكن أن يتم مقارنة تصرفه بتصرف أصدقائه، الذين يذهبون إلى المدرسة، ولكن بشكل إيجابي. مثلاً، قولي له: «انظر إلى أصدقائك، إنهم يجلسون بهدوء في الفصل، وها أنت مثلهم، شاطر». علينا أن نتذكر دائمًا أن الطفل في هذه المرحلة لديه تعلق شديد بأمه، وأن الحفاظ على سلامته النفسية أهم من أي شيء آخر. إذا كانت تجربته في رياض الأطفال إيجابية، فستكون بداية جيدة لمسيرته التعليمية بأكملها. وفي ذات السياق، كشفت بسنت جلال، أستاذ مساعد التربية الخاصة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ، أن مرحلة انتقال الطفل من عالمه الخاص إلى محيط المدرسة أو الروضة، نقطة مفصلية في حياته، تتطلب إعدادًا نفسيًا عميقًا، لا سيما للأطفال في المرحلة العمرية ما بين أربع وست سنوات، مؤكدة أن هذا الإعداد يُعَدّ عبئًا كبيرًا على كاهل الأسرة، وخصوصًا على الأم، التي يجب عليها أن تستعد نفسيًا لفترة انفصال طفلها عنها. إن أول صدمة حقيقية يواجهها الطفل في هذا السن هي الانفصال عن "أمه الأساسية"، ليلتقي ب«الأم البديلة» التي تمثلها المعلمة. وأضافت أن هذا الانفصال في حد ذاته يتطلب دعمًا نفسيًا واستعدادًا من الأم تجاه طفلها. هذا الاستعداد ينبغي أن يتم على محورين أساسيين: أحدهما داخل المنزل والآخر خارج المنزل. ◄ الجانب الخارجي «خارج المنزل» قالت بسنت جلال، إن أول ما ينبغي النظر إليه هو نطاق تواصل الطفل، فهل يقتصر عالمه الاجتماعي على أفراد أسرته فقط «الأم والأب والإخوة»؟ أم أنه يتفاعل مع الجيران والأقارب، ويشارك في الأنشطة الخارجية كالأندية أو الحضانة في أوقات متقطعة؟ كلما كان الطفل أكثر انفتاحًا على المحيط الخارجي، كان التحاقه بالروضة والانفصال عن أسرته أمرًا أكثر سهولة ويُسرًا. واستكملت: « أما إذا كان الطفل يمر بتجربة الانفصال لأول مرة، فلا بد من تهيئته بطرق أخرى. يجب أن تمنحه الأم الفرصة للاعتماد على نفسه، وأن تتأكد من أنه قادر على أداء بعض المهام الأساسية بمفرده، مثل ارتداء ملابسه، استخدام الحمام، ترتيب ألعابه، والاعتماد على نفسه في تناول طعامه. يجب أن يصل مستوى اعتماده على نفسه إلى 80 أو 90%، لكي تستطيع الأم أن تطمئن إلى أن طفلها سيكون قادرًا على التكيف في غيابها». وأشارت إلى أنه يجب التأكد من قدرة الطفل على التعبير اللفظي عن احتياجاته، وألا يكون لديه مشكلات في النطق أو التواصل. فمن الضروري أن يكون قادرًا على التعبير عن نفسه في حال تعرضه لأي خطر، كأن يقول «أنا سأقع» أو «الباب عالق». ويجب أن يتمكن من طلب المساعدة والتعبير عن مشاعره، وأن يكون قادرًا على أن يروي لوالدته تفاصيل يومه في المدرسة، مما يوطد جسر التواصل بين الأم والمعلمة. اقرأ أيضا| 5 خطوات تشجع أطفالك على التفوق والاستمرار وتابعت أستاذ مساعد التربية الخاصة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا : « من الأمور المهمة جدًا أيضًا أن تقوم الأم بزيارة المدرسة مع طفلها قبل بدء الدراسة. يجب أن تأخذ الطفل في جولة داخل فصوله ومرافقه، وتتحدث معه عن جمال المكان وروعته، وتُشجعه وتحفزه تجاهه. يمكنها أن تصف له المدرسة على أنها مكان للمرح واللعب والتعلم، وليس مكانًا للانفصال أو الحرمان، بل مكانًا يشبه الذهاب للعمل أو الدراسة تمامًا مثل الكبار». ◄ الجانب الداخلي «داخل المنزل» يتطلب هذا الجانب دعمًا نفسيًا مستمرًا وتعزيزًا لثقة الطفل بنفسه. يجب على الأم أن تُكرر له كلمات الإعجاب والتشجيع: «أنت شجاع»، «أنت قوي»، «أنت ممتاز»، «أنت قادر على ارتداء ملابسك بنفسك». هذه الكلمات ترسخ لديه شعورًا بالاستحقاق والكفاءة. وأكدت أنه يجب أيضًا تعزيز قدرته على التعبير عن مشاعره الداخلية. وتعليمه ألا يكبت مشاعره، وأن يُعبر عما يشعر به من فرح أو حزن، يُنفس عن مشاعره بالكلمات بدلاً من البكاء أو العناد. كما أنه من الضروري منحه مسؤوليات صغيرة داخل المنزل، مثل أن يضع طبق طعامه في المطبخ، أو يرتب ألعابه في مكانها المخصص، أو حتى أن يشارك في مهام بسيطة عند الذهاب للتسوق. هذه الأنشطة تنمي لديه الشعور بالاستقلالية والاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، وهي مهارات أساسية يحتاجها بشدة في المدرسة. وأوضحت أنه إذا كان الطفل يواجه صعوبة في الانفصال، فلا يجب أن يكون الانفصال فجائيًا. يمكن للأم بالاتفاق مع المعلمة أن تبدأ بالجلوس معه في الفصل لفترة قصيرة في الأيام الأولى، ثم تقلل هذه الفترة تدريجيًا. هذا الانفصال التدريجي يمنع حدوث صدمة نفسية للطفل ويجعله يتقبل غيابها بمرور الوقت. واختتمت: «إعداد الطفل للمدرسة هو عملية متكاملة تتضمن تهيئته نفسيًا واجتماعيًا، وتنمية مهارات الاعتماد على النفس والمسؤولية، ليكون قادرًا على مواجهة تجربته الجديدة بكل ثقة وهدوء».