في ذكرى مولد النور رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم نستلهم من آيات عظمة الرسالة المحمدية ما أوجبه الله على المسلمين من إيمان بكل رسل الله وتعظيم لهم،ولا يخفى مالقيته السيدة مريم وابنها السيد المسيح من احتفاء وتكريم في آيات القرآن الكريم ،ويكفى للتدليل نزول سورة تحمل اسمها هي سورة "مريم". ولذلك فإن المسلمين فى عموم الأرض والأزمنة قد أنزلوا المسيح عيسى وأمه مريم منزلتهما التى يستحقانها إيمانا وتصديقا بما ورد عنهما فى كتاب الله الكريم ،وكذلك النبى موسى وبقية رسل الله الذين لايكتمل إيمان المسلم إلا بالإيمان بمنزلة أولئك الرسل الكرام. ومن نافلة القول إن إيمان المسلمين بعظمة نبيهم لايدانيه شك، لكن أيضا يبقى أن هناك من الكتب والأقوال والآراء العالمية ماقد يصعب على الحصر تدشينا لمنظومة اعتراف عالمية محايدة ،وأصحابها يتناولون شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ودوره فى تاريخ الإنسانية بما أسسه من دولة إسلامية قادت التنوير والعدل للعالم مئات السنين على مدار حضارتها المزدهرة فى ظل ظلام كان يحكم أوروبا والعالم فى العصور الوسطى. واللافت للنظر أن شهادات المنصفين من مفكرى الغرب وفلاسفته تتناول شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم بتجرد وحيادية لم يتمتع بها بعض من العرب ،بل من المسلمين أنفسهم ممن حاولوا الظهور بمظهر الحيادية والتحضر فطعنوا فى رسولهم ولم يحفظوا له قدرا حافظ عليهم هؤلاء المنصفون من أبناء الغرب كتابا ومفكرين وساسة أيضا.. وبالطبع يأتى على رأس تلك الكتابات كتاب مايكل هارت الصادر عام 1978"الخالدون المائة" الذى ترجم للعربية باسم"العظماء مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم ويقول «مايكل هارت»: " في اعتقادى أن محمدًا كان الرجل الوحيد فى التاريخ الذى نجح بشكل أسمى وأبرز فى كلا المستويين الدينى والدنيوى ... إن هذا الاتحاد الفريد الذى لانظير له للتأثير الدينى والدنيوى معًا يخوله أن يعتبر أعظم شخصية ذات تأثير فى تاريخ البشرية" ومن ذلك أيضا ما يقوله المؤرخ والكاتب الأمريكي"جيمس متشنر": ".. لقد أحدث محمد بشخصيته الخارقة للعادة ثورة فى شبه الجزيرة العربية وفى الشرق كله؛ فقدحطم الأصنام بيديه، وأقام دينًا يدعوإلى الله وحده" ،ورفع عن المرأة قيد العبودية التى فرضتها تقاليد الصحراء ". ويقول المؤرخ "آرنولدتوينبي" المؤرخ البريطاني المعاصرالذى انصبت معظم دراساته على تاريخ الحضارات، ومن أبرزها مؤلفه الشهير (دراسة للتاريخ): "لقدكرّس محمد حياته لتحقيق رسالته فى كفالة هذين المظهرين فى البيئة الاجتماعية العربية ،وهما الوحدانية فى الفكرة الدينية،والقانون والنظام فى الحكم.وتم ذلك فعلًا بفضل نظام الإسلام الشامل الذي ضم بين ظهرانيه الوحدانية والسلطة التنفيذية معًا.. فغدت للإسلام بفضل ذلك قوة دافعة جبارة،لم تقتصر على كفالة احتياجات العرب ونقلهم من أمة جهالة إلى أمة متحضرة، بل تدفق الإسلام من حدود شبه الجزيرة، واستولى على العالم السورى بأسره من سواحل الأطالسى إلى شواطئ السهب الأوراسى..". هى مجرد غيض من فيض،ولن تسعفنا المساحة حتى لحصر أسماء المتجردين من المستشرقين الغربيين قديما وحديثا الذين تناولوا شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالدرس الموضوعى والرأى المنحاز فقط إلى حقائق ما أحدثه الرسول صلى الله عليه وسلم من تغيير عالمى أرسى به حضارة كبرى وحمل للبشرية من الله رسالة عامة لخير البشر..صلى الله عليه وسلم في يوم مولده ؛مولد النور.