الثقافة ليست ترفا ولا رفاهية لحياتنا اليومية، بل هى حق أصيل مثل الهواء والماء. وعندما أكتب عن أنشطة توقفت فى صندوق التنمية الثقافية أو أتحدث عن حال دار الأوبرا المصرية، فإننى لا أقصد جلد الأشخاص، بل استدعاء الحلم الكبير الذى طالما جعل من مصر منارة للفن والمعرفة. فالأوبرا، مثلًا، يجب أن تظل منارة للمعرفة والفنون، لا مجرد مسرح تتكرر على خشبته نفس الوجوه والفعاليات الباهتة، بل هى دعوة لإحياء الدور الحقيقى لهذه المؤسسات كمنارات للفن والمعرفة، لا مجرد ساحات لحفلات متكررة بالوجوه ذاتها. لعودة أنشطة توقفت منذ سنوات بدون معرفة الأسباب. والإنصاف يقتضى أن أقول إن الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة يتابع جيدا ما يكتب، ويحرص على الرد المباشر. فعندما تساءلت عن سر توقف المشروع القومى «صنايعية مصر»، جاء رده سريعا بأن المشروع قادم فى الطريق بعد إعادة تفعيله وصياغة مهرجانات تضمن له الفاعلية. رد يحسب له، ويعكس حرصا على التواصل، لكنه فى الوقت نفسه يضعنا أمام سؤال آخر لماذا طال الطريق إلى هذا الحد؟. قبل أسابيع قليلة، أعلن الوزير عن تبنيه لمبادرة «ذهب أسوان» التى أطلقها الفنانان التشكيليان مها جميل وعلى عبد الفتاح، وفيها أربع جداريات عملاقة تجسد الهوية المصرية وثراء أسوان عبر التاريخ. خطوة رائعة وجريئة، خصوصا مع قرار تعميمها على المحافظات. هنا يصفق القلم للوزير. وسعدت جدا عندما أطلقت وزارة الثقافة مبادرة «أنت تسأل ووزير الثقافة يجيب» لأنها تفتح بابا للأمل فى حوار شفاف بين الوزارة والمجتمع غير أن الأمل وحده لا يكفي، فالثقافة لا تعيش فى البيانات، بل فى المسارح المضيئة، والمكتبات المزدحمة، والسينما التى تعيد الحلم لجمهورها.