لم تعد الدراما محتوى ترفيهياً، وإنما أصبحت جزءاً أساسياً من تكوين المشاهد وثقافته، فقد نشأ الجمهورعلى متابعة الأعمال الدرامية التى تعكس مجتمعه وقيمه، ما يجعل للدراما دوراً محورياً فى تشكيل الوعى، وأصبحت إنسانية الفكرة والمضمون فى العمل الدرامى تستقطب الشريحة الأكبر من المشاهدين بغض النظرعن موقعهم الجغرافى، وبعيدًا عن توليفة الإثارة والأكشن والحارات الشعبية والجرائم والصراعات وغيرها من العناصر التى يظل بعض صُناع الدراما متشبثًا بها، معتقدًا أنها تلبى رغبات الجمهور، يأتى مسلسل «220 يوم» بطولة كريم فهمى، صبا مبارك، وإخراج كريم العدل وتأليف محمود زهران، وسيناريو وحوار من سمر بهجت ونادين نادر، حيث يشكل هذا العمل واحدًا من أبرز الأعمال الدرامية الجديدة التى تمزج بين الرومانسية والبُعد الإنسانى العميق، فعلى مدار 15 حلقة، يأخذنا العمل فى رحلة مليئة بالتوتر والأمل والخوف، من خلال قصة أحمد فضل - كريم فهمى-، الكاتب الروائى الذى يواجه ورمًا سرطانيًا فى المخ يفرض عليه الخضوع لعملية جراحية قبل مرور 220 يومًا، وهى المدة نفسها التى تفصل عن ولادة طفلته «بهية» من زوجته مريم - صبا مبارك-، وهنا الزمن ليس مجرد إطار للأحداث، بل هو شخصية ثالثة تصاحب البطلين، وتضغط عليهما يومًا بعد يوم، ففكرة العد التنازلى يُحوّل العلاقة الزوجية إلى اختبار جذرى، يُظهر التناقض بين أمل الأبوة والعجْز أمام المرض بصدق، مما يجعل المشاهد يعيش إحساس الترقب والقلق ذاتهما، وهو ما يضيف للعمل نكهة خاصة تميزه عن الدراما التقليدية. نجح كريم فهمى فى تجسيد صراع الرجل بين الخوف من الموت والأمل فى الأبوة، بينما أضفت صبا مبارك بعمقها الفنى صدقًا على شخصية الزوجة التى تحاول التمسك بالحب وسط عاصفة من الشكوك والآلام، الأداء الثنائى خلق حالة من التوازن العاطفى المؤثر، عززها حضور داعم لطاقم العمل من حنان سليمان، عايدة رياض، وعلى الطيب. واعتمد المخرج كريم العدل على بناء تصاعدى متدرج، يوازن بين لحظات الهدوء والتفجر الدرامى، أما الكتابة «محمود زهران، سمر بهجت، ونادين نادر» فقد حملت حساسية عالية فى تناول الصراع الإنسانى، بعيدًا عن الميلودراما الزائدة، ما منح المسلسل صدقًا وعمقًا. «220 يوم» ليس مجرد عمل درامى عن الحب أو المرض، بل هو رحلة فى مواجهة الزمن، حيث يصبح كل يوم اختبارًا جديدًا للعاطفة والإرادة، هو عمل يُعيد الاعتبار للدراما الإنسانية الصادقة، ويؤكد أن قوة الفن تكمن فى ملامسة مخاوفنا وأحلامنا الأعمق.