فى لحظة صادمة، رحل الإعلامى المهنى الخلوق عاطف كامل، تاركًا وراءه فراغًا كبيرًا فى قلوب زملائه وأصدقائه وجمهوره. لم يكُن مجرد مذيع عابر على شاشات ماسبيرو، بل كان إنسانًا ملهمًا، يحلم دائمًا ويحفّز الآخرين على الحلم، مؤمنًا بأن الأمل هو آخر ما يجب أن نفقده. لكن القدر كان له رأى آخر، حين وجد نفسه فى مواجهة حكم قاسٍ بالسجن 10 سنوات، فى قضية نفقة رفعتها مطلقته، حكم كان كفيلًا بأن يسحق قلبه الطيب، ويُجهز على ما تبقى من أحلامه. عرفته عن قرب، واستضافنى مرات عديدة فى برنامج «هنا ماسبيرو»، وكان لقاؤه دائمًا مميزًا، يدرك كيف يُدير الحوار بحرفية، دون مقاطعة، ودون استعراض للذات، بل كان يمنح ضيوفه المساحة الكاملة للتعبير، ثم يلتقط من حديثهم سؤالًا جديدًا، يعكس وعيه العميق ويضيف رؤية ثرية للمشاهد. لم يكن مجرد مذيع، بل كان صديقًا للكاميرا ولضيوفه وللجمهور، متواضعًا فى حضوره، عظيمًا فى أدائه، نقيًا فى رسالته. لقد كان لعاطف كامل نصيب من اسمه، فقد كان عاطفيًا حساسًا، كامل الأخلاق والصفات، وحينما جاء الحكم ليقضى عليه بالحرمان من حريته وأحلامه، لم يحتمل قلبه النقى هذه الصدمة، فكان الرحيل القهرى الذى أدمى القلوب وأوجع الضمائر، هذا الرحيل المفجع يفتح جرحًا أعمق فى وجداننا، ليس فقط لأنه فقْد شخصى أو إنسانى، بل لأنه يعكس مأساة أوسع. إن تغليظ الأحكام ليس حلًا، بل هو باب إضافى للمأساة، فالقانون حين يتحول إلى سوط قاسٍ يقتل الأرواح بدل أن ينصفها، يفقد جوهر العدالة الذى وُجد من أجله. فى رأيى، هذه ليست قضية شخصية بقدر ما هى قضية رأى عام. إنها صرخة فى وجه مَنْ اعتاد استغلال ساحات القضاء والأحكام وسيلة للضغط والانتقام، من دون مراعاة للظروف الإنسانية. كيف ينام مرتاح الضمير مَنْ كان سببًا فى هذه النهاية، بقصد أو دون قصد؟ وكيف يمكن للضمائر أن تتحمل وزر إزهاق روح إنسان، حين يُستخدم القانون أداة للهدم بدل أن يكون درعًا للعدل والرحمة؟ لقد ارتبط اسم عاطف كامل ببرنامجه الشهير «لو بطلنا نحلم نموت»، وكأن القدر أراد أن يكتب النهاية بتوقيعه الخاص. نعم، لقد رحل عاطف كامل لأن حلمه قُتل ظلمًا، ولأن الحياة حين تُسلب من الحالمين تتحول إلى مقصلة.. رحمك الله يا صديقى، وأسكنك فسيح جناته.. ولا عزاء لقلوب ظالمة لا تعرف الرحمة.