عقول المستقبل.. الذكاء الاصطناعي يُزاحم كليات القمة ويُعيد تشكيل خريطة التعليم الجامعي

أصبحت كليات الذكاء الاصطناعي، ركيزة أساسية فى منظومة التعليم الجامعي بمصر، فى ظل التَحوّل العالمى نحو اقتصاد المعرفة.. وتشهد الجامعات الحكومية والأهلية، سباقًا محمومًا لإنشاء برامج حديثة ومتطورة فى هذا المجال، مدفوعة بإقبال واسع من طلاب الثانوية العامة ودعم واضح من الدولة.. لم تعد رغبات الطلاب حبيسة التخصصات التقليدية كالطب والهندسة، بل اقتحمت كليات الذكاء الاصطناعي، المشهد بقوة، مستندة إلى بنية تكنولوجية متقدمة، وشراكات مع كبرى الشركات العالمية، وفرص واعدة فى سوق العمل المحلى والدولي.
«الأخبار» ترصد في هذا الملف، كيف تحولت الجامعات المصرية إلى مراكز رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مواكبةً للثورة الرقمية، وموفّرةً آفاقًا جديدة أمام الأجيال القادمة.
◄ برامج جديدة تجذب آلاف الطلاب
◄ مهارات رقمية.. شباب في قلب الثورة التكنولوجية
■ كتبت: رضوى شاهبور
في زمن أصبحت فيه المهارات الرقمية شرطًا أساسيًا للنجاح، لم يعد الطريق إلى مستقبل مشرق يمر فقط عبر الكليات التقليدية، بل باتت مجالات مثل الذكاء الاصطناعى وعلوم البيانات وهندسة البرمجيات، تفتح آفاقًا جديدة لجيل اختار أن يسبق عصره، ويشارك فى صناعة المستقبل بدلًا من انتظاره.
ونُسلِّط الضوء على نماذج واقعية ومُلهمة لطلاب مصريين قرروا خوض تجربة الدراسة فى مجالات تكنولوجية حديثة، متحدّين المفاهيم النمطية، ومدفوعين بشغفهم وقدرتهم على التعلّم والتطوير الذاتي.
قالت مرام خالد محمد، مهندسة ذكاء اصطناعي، إنها أدركت منذ البداية حجم الطلب المتزايد على هذا المجال وأهميته فى مختلف القطاعات، مؤكدة: «الذكاء الاصطناعى مجال يوفر فرصًا حقيقية لدخل جيد دون الحاجة للسفر أو الغربة، خاصة مع إمكانية العمل عن بُعد، مما يمنحنى مرونة واستقرارًا فى حياتي».
وأضافت: «لم أواجه صعوبات حقيقية فى بداية الطريق، نحن نعيش فى عصر وفرة معرفية، كل ما يحتاجه الإنسان الاجتهاد والاستمرار والتوكل على الله».
وأوضحت أن دراستها فى المجال فتحت أمامها أبواب مشاريع فى الطب وتحليل البيانات والمجالات الإنسانية، مؤكدة أن الذكاء الاصطناعى بالنسبة لها ليس مجرد خوارزميات، بل أداة قوية لحل مشكلات حقيقية وخدمة الناس..
وختمت حديثها قائلة: «أهلي دعموني بشدة بعد أن عرفوا مميزات هذا التخصص وفرصه الواعدة، وشجعونى على المُضى فيه بلا تردد».. وأوضح شحاتة السيد، الصحفى الاستقصائى والباحث المتخصص في الذكاء الاصطناعي، أن اهتمامه بالمجال لم يكن هدفًا مباشرًا بعد الثانوية العامة، بل بدأ من باب تطوير أدوات لتتبع المصادر المفتوحة أثناء عمله بالصحافة الرقمية.. وأضاف: «واجهت تحديات تقنية مُعقدة دفعتنى لدراسة هندسة البرمجيات، ثم توسعت إلى دراسة هندسة الذكاء الاصطناعى وعلوم البيانات والمعلومات، وحصلت على درجة البكالوريوس فيها، ثم أكملت دراسات متقدمة وشهادات دولية من كلية لندن للذكاء الاصطناعي، قبل أن يتم اعتمادى كخبير متخصص من كلية لندن»..
وتابع: «شغفى بالتقنية تَحوَّل إلى واقع حين لمست كيف يمكن للذكاء الاصطناعى أن يُحدِث فرقًا فى التحقيقات الاستقصائية المُعقدة، واليوم أفخر بأننى أشارك فى وضع أسس الدمج بين الصحافة والتكنولوجيا».
وكشف عن أبرز التحديات التى واجهها فى بداياته، قائلًا: «لم يكن هناك فهم كافٍ داخل المؤسسات الإعلامية لفكرة أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يخدم الصحافة دون أن يحل محل الإنسان، إضافة إلى ندرة الأدوات المتاحة باللغة العربية، وهو ما دفعنى لاحقًا لتطوير أدوات خاصة بى وتدريب المئات من الصحفيين العرب على استخدامها».. وأشار إلى أن رحلته الطويلة أثمرت عن تأسيس شركة متخصصة فى حلول الذكاء الاصطناعى للمؤسسات الإعلامية، والتى فازت بتحدى الابتكار من جوجل على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا عام 2022، لتصبح أول شركة مصرية تحقق هذا الإنجاز.
أما محمد وائل، طالب فى كلية هندسة قسم الذكاء الاصطناعى بجامعة المنصورة، فقال إنه اختار التخصص بعد دراسة متأنية لمحتوى الأقسام الأخرى، موضحًا: «وجدت أن قسم الذكاء الاصطناعى يغطى مجالات كنت مهتمًا بها وأشعر بالشغف تجاهها، وهو مجال ممتع ويفتح أبوابًا لهندسة وتحليل وعلوم البيانات».. وأضاف نصيحته لطلاب الثانوية العامة قائلًا: «لا تدخل المجال لمجرد أن السوق يطلبه أو أن الرواتب مرتفعة، لازم تكون حابب المجال فعلًا. الكلية هتديك الأساسيات بس، لكن لو عايز تنافس لازم تكمل تعليمك بكورسات عملية وتبنى نفسك بنفسك».. شهدت رغبات طلاب الثانوية العامة تحولًا واضحًا هذا العام، حيث تصدرت كليات الذكاء الاصطناعى والحاسبات والمعلومات قائمة الرغبات، فى إطار توجه استراتيجى لتحويل مصر إلى مركز إقليمى للابتكار الرقمي.. وأوضحت رحاب عبد النبي، ولية أمر إحدى الطالبات، أنها أعادت النظر فى خيارات ابنتها بعد إعلان النتيجة، مؤكدة أن الأولوية اليوم للتخصصات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لما توفره من فرص وظيفية ودخل مرتفع.
في السياق نفسه، أكدت الطالبة حبيبة أحمد، أنها تركز حاليًا على اختيار تخصص يواكب التطورات التكنولوجية، مشيرة إلى رغبتها فى دراسة مجال يتيح لها العمل فور التخرج دون الاضطرار للبحث عن وظائف بعيدة عن تخصصها.
◄ 4 أقسام للذكاء الاصطناعي
◄ المنوفية.. نموذج أكاديمي متطور
■ كتب: محمد الشامي
تشهد محافظة المنوفية، تطورًا ملحوظًا فى التعليم التكنولوجي، بفضل الدور المتنامى لكليات الحاسبات والذكاء الاصطناعي، التى أصبحت ركيزة أساسية فى إعداد الكوادر المؤهلة لسوق العمل الرقمي.. وتبرز كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعى بجامعة مدينة السادات كنموذج أكاديمى متطور، حيث تُوفِّر مسارات علمية متخصصة تُمكِّن الطلاب من تطوير تطبيقات ذكية فى قطاعات متنوعة، من أبرزها الطب، والهندسة، والزراعة.
وأكد الدكتور إبراهيم سليم، عميد الكلية، أن الدراسة تنقسم إلى قسمي علوم الحاسب ونُظم المعلومات، ويضم كل منهما برامج حديثة تتوافق مع التطورات التكنولوجية العالمية.
وأوضح أن أحد أبرز الأمثلة يتمثل فى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى فى التشخيص الطبي، وتحديد أنسب طرق العلاج، ما يسهم فى رفع كفاءة المنظومة الصحية..
وأضاف أن خريجى الكلية يمتلكون مهارات متقدمة تُمكِّنهم من تصميم وتطويع تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجات السوق، لاسيما فى مجال الزراعة الذكية، حيث تساهم التطبيقات الحديثة فى ترشيد استهلاك الموارد وزيادة الإنتاجية، من خلال أنظمة رى ذكية وتنبؤات مدعومة بالبيانات..
من جانبه، أشار الدكتور أحمد فرج القاصد، رئيس جامعة المنوفية، إلى أن الجامعة قطعت شوطًا كبيرًا فى التحول الرقمي، وتمتلك ثلاث كليات متخصصة فى هذا المجال موزعة بين الجامعة الحكومية والجامعة الأهلية، إلى جانب قسم مميز بكلية العلوم، وأوضح أن هناك خطة استراتيجية لتحويل الجامعة إلى مركز إقليمى فى الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على ضوابط التحول الرقمى وأخلاقياته..
وأشاد القاصد، بمنصة الجامعة التعليمية المتكاملة وبوابة الخدمات الإلكترونية التى تواكب المعايير العالمية، مؤكدًا أن رقمنة الأنشطة الأكاديمية والإدارية باتت أولوية لدعم رؤية مصر 2030، ورفع كفاءة الأداء الجامعي..
وتعكس تجربة الخريج محمد أبو الفتوح، ما حققته الكلية من تأثير فعلي؛ إذ أكد أنه حصل على وظيفة بإحدى شركات القطاع الخاص بمدينة السادات فور تخرجه، بفضل ما اكتسبه من مهارات عملية خلال دراسته.
◄ السويس.. خريجون جاهزون لسوق العمل
■ كتب: حسام صالح
فرضت تقنيات الذكاء الاصطناعى نفسها بقوة على خريطة التعليم الجامعي، لتتحول من تخصص ناشئ إلى خيار استراتيجى ينافس كليات القمة التقليدية مثل الطب والهندسة والصيدلة.. ومع انطلاق موسم التنسيق، تَغيَّرت بوصلة الطلاب وأولياء الأمور نحو برامج حديثة تمنح خريجيها فرص عمل محلية ودولية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعى وعلوم الحاسب.. تعد جامعة الجلالة الأهلية من أبرز الجامعات التى تقدم برامج فى هندسة وعلوم الحاسب، المعلوماتية الطبية الحيوية، والذكاء الاصطناعي، إلى جانب تخصصات فى إدارة الأعمال والتصميم المعمارى مدمجة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.. وتستقبل جامعة السويس الأهلية هذا العام، طلاب الثانوية العامة ببرنامجين متخصصين هما «الذكاء الاصطناعي» و«الأمن السيبراني»..
وأوضح الدكتور محمد عبد العزيز، مدير برنامج علوم الذكاء الاصطناعى بجامعة الجلالة، أن الجامعة شهدت خلال السنوات الأخيرة إقبالًا متزايدًا نتيجة الوعى المجتمعى بفرص هذا المجال، مع توفير بيئة تعليمية متطورة تضاهى جامعات عالمية مثل ستانفورد وكارنيجى ميلون. وتطبق الجامعة نظام الساعات المعتمدة، وتربط الطلاب بالتطبيق العملى عبر مشروعات وتدريبات حقيقية فى شركات كبرى مثل IBM وMicrosoft وAWS.. ويُلزم الطلاب بتدريب ميدانى متقدم، إضافة إلى ورش عمل ومشروعات تركز على الرؤية الحاسوبية، تحليل البيانات، التعلم الآلي، الذكاء التوليدي، والصحة الرقمية.
وأكد الدكتور محمد الشناوي، رئيس جامعة الجلالة الأهلية، أن البرامج صُمِّمت وفق معايير دولية وبمراجعة مستمرة من خبراء أكاديميين وصناعيين، لتأهيل الطلاب بمهارات عملية تلبى احتياجات سوق العمل المحلى والعالمي، خصوصًا فى قطاعات الرعاية الصحية، الزراعة الذكية، الأمن الغذائي، والمدن الذكية، وأضاف أن بعض الطلاب بدأوا العمل عن بُعد مع شركات عالمية قبل التخرج، ما يُمهِّد لهجرة مهنية قائمة على الكفاءة، تماشيًا مع رؤية الدولة لإعداد كوادر قادرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا.. ونَوَّه إلى أن بعض الطلاب بدأوا العمل عن بُعد مع شركات عالمية قبل التخرج، مؤكدًا أن الجامعة تُعد خريجيها للمنافسة محليًا ودوليًا، فى إطار توجه الدولة نحو الهجرة الشرعية للكفاءات..
استطلعت «الأخبار»، آراء بعض خريجى وطلاب جامعة الجلالة حول تجاربهم فى برامج الذكاء الاصطناعي، وأسباب تفضيلهم لها، ومدى استفادتهم من التدريب وفرص العمل أثناء الدراسة.. قال على ماهر، خريج برنامج علوم الذكاء الاصطناعي، إنه اختار هذا التخصص انطلاقًا من شغفه بالبرمجة منذ المرحلة الإعدادية، ووجد فيه مجالًا يجمع بين الاهتمام الشخصى والفرصة المهنية المستقبلية..
وأضاف أن الجامعة وَفَّرت له بيئة تعليمية داعمة وفرصًا تطبيقية حقيقية، حيث عمل مساعدًا للمسئول عن أنظمة المعلومات خلال دراسته، ما أكسبه خبرة عملية مميزة لا تتوفر فى كثير من الجامعات..
قال يوسف الحسيني، الطالب بالفرقة الرابعة فى برنامج علوم الذكاء الاصطناعى بجامعة الجلالة، إن المجال يُعد من التخصصات الحديثة سريعة النمو، ويشهد تطورات وتحديثات يومية، مما يجعله ممتعًا رغم صعوبته مقارنة بالعلوم النظرية، إذ يمنح الطالب تجربة واقعية لمتابعة التحولات التقنية عن قُرب.
◄ أسوان.. بوابة الجنوب للتعليم الحديث
■ محمد علي سليمان
تلتقى الإرادة التعليمية بطموح التحول الرقمي، فى أسوان عاصمة الشباب الافريقى، حيث تفتح جامعة أسوان أبوابها أمام الطلاب لخوض تجربة أكاديمية فريدة فى عالم الذكاء الاصطناعي، من خلال برامج متميزة فى الهندسة والعلوم، تضعهم على أول طريق الابتكار، لتجعل من الجنوب نقطة انطلاق نحو مستقبل رقمى عالمي..
وصَرَّح الدكتور لؤى سعد الدين نصرت، القائم بأعمال رئيس الجامعة، بأن جامعة أسوان توفر فرصًا متميزة لخريجى الثانوية العامة لدراسة تخصصات الذكاء الاصطناعي من خلال كليتى الهندسة والعلوم، عبر برامج تشمل مسارات متخصصة تركز على استخدام وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي..
وأوضح الدكتور لؤي، أن كلية الهندسة تضم قسم الحاسبات والنُظم، بينما توفر كلية العلوم تخصصات الرياضيات والحاسب، وهى تخصصات تؤهل الطلاب للاندماج فى سوق العمل الرقمي، سواء فى مجالات تحليل البيانات أو تطوير البرمجيات الذكية أو تطبيقات الذكاء الصناعى المختلفة..
وأشار القائم بأعمال رئيس الجامعة، إلى تزايد اهتمام الطلاب بهذه التخصصات خلال السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن الجامعة تسعى إلى ربط مناهجها الأكاديمية باحتياجات سوق العمل المحلى والمناطق الصناعية المحيطة، كما تعمل على توفير تدريبات ميدانية بالتعاون مع عدد من الشركات العاملة فى القطاع التكنولوجي..
وأكد الدكتور لؤي، أن التوسع فى هذه التخصصات ينسجم مع توجه الدولة نحو التحول الرقمى وبناء كوادر قادرة على المنافسة فى مجالات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن الجامعة تفتح أبوابها أمام جيل رقمى جديد ينطلق من جنوب مصر نحو مستقبل أكثر تطورًا وتماشيًا مع متطلبات سوق العمل العالمى.
◄ القليوبية.. «الحاسبات» تجذب الطلاب
■ كتب: سليمان محمد
أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعى من أبرز تخصصات التعليم العالى فى مصر، وتشهد كليتا الحاسبات والذكاء الاصطناعى بجامعة بنها، الحكومية والأهلية، إقبالًا ملحوظًا من طلاب الثانوية العامة والدراسات العليا، لما توفره من فرص واعدة محليًا ودوليًا.. وأكد د.ناصر الجيزاوي، رئيس جامعة بنها، أن تطوير المناهج وإعادة هيكلة البرامج، تم وفقًا للمعايير الأكاديمية والدولية، تنفيذًا لتوجيهات وزير التعليم العالي، بهدف تزويد الطلاب بمهارات تواكب السوق وتعزز الابتكار..
وأوضح د.كريم عبدالغني، عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة بنها، أن البرامج تشمل الذكاء الاصطناعي، علوم البيانات، الروبوتات، تعلم الآلة، هندسة المعرفة، الرؤية الحاسوبية، ومعالجة اللغات الطبيعية، مشيرًا إلى إقبال كبير من الطلاب، خاصة أصحاب المجموعات العليا، مع تغير فى النظرة التقليدية لكليات «القمة» لصالح تخصصات الثورة الصناعية الرابعة مثل الأمن السيبرانى وإنترنت الأشياء..
من جانبه، أشار د.أحمد طه عبدالفتاح، رئيس قسم علوم الحاسب بجامعة بنها، إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح تخصصًا متعدد المجالات، ولم يعد حكرًا على كلية واحدة، بل أصبح حاضرًا فى مناهج كليات الطب، التجارة، الآداب، التربية، والتربية النوعية، بتطبيقات تمتد من التشخيص الطبى إلى تحليل النصوص. ويؤكد هذا التَوسّع أن الذكاء الاصطناعى لم يعد مجرد تخصص أكاديمي، بل لغة عابرة للتخصصات، تُعيد تشكيل منظومة التعليم والاقتصاد والمجتمع.
◄ المنصورة.. الدمج مع العلوم الإنسانية
■ كتب: حازم نصر
تخوض جامعة المنصورة، سباقًا علميًا متسارعًا لمواكبة الثورة العالمية فى الذكاء الاصطناعي، من خلال دمج هذه التقنية المتقدمة فى مناهجها، وتوسيع نِطاق استخدامها ليشمل كافة التخصصات، من الهندسة والبرمجة، إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية.. وأكد د. شريف خاطر، رئيس الجامعة، أن المنصورة تضع على رأس أولوياتها مواكبة أحدث التطورات العلمية، وهو ما انعكس فى تقدمها الكبير فى التصنيفات العالمية، إلى جانب كونها أول جامعة مصرية تحصل على اعتماد الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد.. وكشف عن توجه الجامعة لتشكيل فرق عمل متخصصة تضم خبراء من مختلف التخصصات، لوضع إطار شامل للاستخدام الآمن والمسئول لهذه التقنية المتقدمة..
وصَرَّح الدكتور محمد عبد العظيم، أستاذ هندسة الاتصالات ونائب رئيس جامعة المنصورة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، بأن الجامعة كانت من أوائل المؤسسات الأكاديمية التى بادرت بالتعامل الجاد مع تقنيات الذكاء الاصطناعي.. وأوضح د. محمود الجعيدي، عميد كلية الآداب بجامعة المنصورة، أن هناك تكاملًا متزايدًا بين العلوم الإنسانية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن المنطق، وهو أحد الأسس الراسخة للعلوم الإنسانية، يُعد أيضًا من الركائز التى بُنى عليها علم البرمجة..
وأكد أن الذكاء الاصطناعى يُمثل امتدادًا لقدرات الإنسان في التعلم والاستنتاج واتخاذ القرار، وهو ما يعزز ضرورة دمج هذه التقنية بوعى ومسئولية فى العملية التعليمية والبحثية، بما يحقق أقصى استفادة منها دون الإخلال بالقيم المعرفية أو الأخلاقية.
◄ الغربية.. كليات القمة مستقبلها ذكي
■ كتب: فوزي دهب - نجوى الفضالي
تحولت محافظة الغربية، خلال السنوات الأخيرة إلى ساحة جذب أكاديمى نحو التخصصات التكنولوجية الحديثة، بعدما تَغيَّر وعى الطلاب وأولياء الأمور بشأن مفهوم «كليات القمة» لأنها لم تعد الخيار الأوحد، بعدما تراجع مفهوم «الهيبة الأكاديمية» لصالح متطلبات سوق العمل الحديثة..
وأوضحت الدكتورة نانسى الحفناوي، عميدة كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة طنطا، والمرشحة لتولى عمادة كلية الذكاء الاصطناعى الجديدة بالجامعة الأهلية، أن هناك خطة لإنشاء برامج متطورة بنظام الساعات المعتمدة تواكب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.. وأكدت أن البرامج الجديدة تعتمد على الدمج بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي، بما يمنح الخريج ميزة تنافسية فى سوق العمل المحلى والدولي..
وأضافت أن الكلية تستعد لإطلاق مبادرات تدريبية بالتعاون مع شركات البرمجيات الكبرى، لتمكين الطلاب من الانخراط المبكر فى بيئة العمل الحقيقية، مشيرة إلى أن هذه الشراكات تسعى لخلق أجيال قادرة على تصميم حلول ذكية تخدم قطاعات مثل الصحة، والاتصالات، والطاقة المتجددة..
كما أوضح د. محمود زيدان، نائب رئيس الجامعة الأهلية، أن هذه الكليات تمثل مستقبلًا واعدًا ليس فقط لخريجى الثانوية العامة، بل أيضًا لطلاب الدراسات العليا الراغبين فى إعادة تأهيل أنفسهم مهنيًا.. وأكد أن الذكاء الاصطناعى ليس بديلًا للإنسان، بل أداة لتعزيز الكفاءة، مشيرًا إلى بنية تحتية رقمية قوية بالجامعة تضم خوادم متقدمة وفريقًا مؤهلًا.
وأشار إلى أن شعبة «هندسة الحاسبات والتحكم الآلي» تقدم برنامجًا متقدمًا يربط العلوم الأساسية بالتطبيقات الذكية، لتأهيل خريجين لبيئات العمل التكنولوجية.. ونَظَّمت الجامعة، ثمانى موائد مستديرة جمعت مسئوليها برجال أعمال ومسئولين بالغربية، وانتهت بتوصيات لتطوير المناهج وإطلاق برامج تدريب بالتعاون مع مراكز متخصصة، وربط الطلاب مباشرة بسوق العمل عبر الوظائف والمقابلات والتنسيق مع الشركات.
ورغم تنامى الإقبال على هذه التخصصات، لا تزال نظرة أولياء الأمور منقسمة، تقول «أم مصطفى» من قرى طنطا: «مازلت أرى أن الطبيب والمهندس هما من يرفعان اسم العائلة»، بينما عَبَّر أحمد السيد من المدينة، عن قناعته بتغيّر مفهوم «القمة»، قائلًا: «خريجو الذكاء الاصطناعى هم القمة الحقيقية اليوم».
◄ كفر الشيخ.. رائدة التعليم التكنولوجي في مصر
■ كتب: ضياء أبوكيلة
خطت جامعة كفر الشيخ خطوة رائدة، عام 2019، بإنشاء أول كلية متخصصة فى الذكاء الاصطناعى على مستوى الجمهورية، لتكون بذلك أول مؤسسة أكاديمية مصرية تستجيب للتحولات المتسارعة فى علوم المستقبل والتكنولوجيا المتقدمة.
شهدت الكلية منذ إنشائها إقبالًا متزايدًا من الطلاب المتفوقين فى الثانوية العامة، الذين تَغيَّرت بوصلتهم التعليمية من الكليات التقليدية إلى مجالات الذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا المعلومات، مما دفع الكلية إلى تطوير مناهجها وبرامجها، لتشمل جانبًا أكاديميًا حديثًا، وتدريبات عملية جادة.
وأوضح الدكتور تامر مدحت، وكيل كلية الذكاء الاصطناعى بجامعة كفر الشيخ، أن الكلية تهدف إلى إعداد كوادر بشرية قادرة على التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعى بكفاءة، فضلًا عن دعم البحث العلمى وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة من خلال توظيف التطبيقات الذكية فى مختلف القطاعات.. وأكد أن البرامج الأكاديمية بالكلية، تشمل مجالات متقدمة مثل برمجة الآلة واسترجاع المعلومات، الروبوتات، الأنظمة الذكية المدمجة، وعلوم البيانات، مشيرًا إلى أن كل برنامج يُركِّز على احتياجات دقيقة فى السوق، من تصميم الخوارزميات وتحليل البيانات، إلى تطوير الروبوتات وتطبيقات الذكاء فى مجالات الصناعة والطب والتعليم.. وتضم الكلية بنية تحتية متقدمة تشمل تسع قاعات ومدرجات بسعة إجمالية 2260 طالبًا، إلى جانب سبعة معامل مُزوَّدة بأحدث الأجهزة والبرمجيات، ما يوفر بيئة تعليمية تفاعلية ومحاكاة واقعية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
من جانبه، أكد د.عبد الرازق دسوقي، رئيس جامعة كفر الشيخ، أن الكلية لا تكتفى بمنح الدرجات العلمية، بل تلعب دورًا فاعلًا فى دعم الخريجين مهنيًا، من خلال عقد ورش عمل بالتعاون مع كبرى شركات التقنية، وتنظيم ملتقيات توظيف سنوية، فضلًا عن مركز متخصص يقدم خدمات مثل إعداد السيرة الذاتية والتأهيل المهني.
وأشار إلى أن الكلية تقدم أيضًا دورات تدريبية متقدمة فى الأمن السيبراني، تعلم الآلة، وتحليل البيانات، إلى جانب إتاحة شهادات دولية بالتعاون مع منصات تعليمية عالمية، مما يمنح الطلاب ميزة تنافسية كبيرة، كما يدعم مركز الابتكار وريادة الأعمال بالكلية الطلاب الموهوبين، من خلال تقديم استشارات فنية وفرص تمويل لمشروعاتهم، والمشاركة فى مسابقات محلية ودولية..
وأكد رئيس الجامعة، أن الكلية تحافظ على تواصل دائم مع خريجيها عبر صفحاتها الرسمية، من خلال الإعلان عن الوظائف المتاحة والدورات الجديدة.
◄ الإسماعيلية.. منافسة بين «الحكومية» و«الأهلية»
■ كتب: محمد عبادي
تشهد محافظة الإسماعيلية، حِراكًا أكاديميًا بين الجامعات الحكومية والأهلية، فى ظل تنافس يسعى لتقديم برامج تعليمية تواكب متطلبات السوق الرقمي.
وتعمل كلٌّ من جامعة قناة السويس وجامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية، على تمكين طلابها من خلال تخصصات الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات وتعلم الآلة، بما يعزز جاهزيتهم للمنافسة محليًا ودوليًا.
وأوضح الدكتور محمد عبد النعيم، نائب رئيس جامعة قناة السويس والمشرف على كلية الحاسبات والمعلومات، أن برنامج «الذكاء الاصطناعى وعلوم البيانات» يُكسب الطلاب مهارات تحليل البيانات الضخمة، واتخاذ قرارات مبنية على المعرفة، إلى جانب تدريبهم على بناء نماذج ذكية باستخدام خوارزميات التعلم الآلى والشبكات العصبية.. من جانبها، أكدت الدكتورة غادة الطويل، وكيلة الكلية، أن البرامج الأكاديمية الحديثة تفتح آفاقًا للعمل فى الأنظمة الذكية، قواعد البيانات، البرمجة، تحليل النُظم، وتطبيقات التعلم الآلى والروبوتات.. في المقابل، تقدم جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية برنامج «الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة»، الذى لا يقتصر على استخدام التطبيقات، بل يؤهل الطلاب لتصميمها وتطويرها.. وتسعى الجامعتان لربط الدراسة بسوق العمل من خلال شراكات مع مؤسسات تقنية وبرامج تدريب صيفي، ما يزوّد الطلاب بخبرات تطبيقية تسهّل دخولهم سوق العمل.