فى مطلع الألفية الجديدة، كُتبت لى أول زيارة إلى إنجلترا، تحديدًا مدينة بلنجهام الصغيرة فى الشمال الشرقى، استلزم الأمر سفر ست ساعات فى أتوبيس، استصعبت الأمر فى البداية، ولكنها تحولت إلى أمتع ساعات قضيتها فى حياتى، فى منتصف الرحلة، توقفنا أمام موقع بريطانى على قائمة التراث العالمى، اكتشفت أننى أعرفه جيدًا، فقد كانت صورته أول شىء أشاهده عند فتح شاشة الكمبيوتر، إنه موقع أحجار ستونهنج الأثرى، ولأننى قادم من مصر بلد التراث والآثار لم يبهرنى الأمر، ولكن الذى جذب انتباهى هو الهالة التى أحاط بها الإنجليز المكان، وكيف حولوا المكان لمنطقة جذب سياحى من الطراز الأول، المكان مجهز ومؤهل بالخدمات، التى تيسر استقبال الوفود السياحية، مع تقديم الخدمات السياحية، واصبح الموقع أحد أشهر معالم المملكة المتحدة، وأيقونة ثقافية بريطانية يشد إليها الرحال. الحكاية التى نسجها الإنجليز وحاكوها بذكاء تتحدث عن معجزة تتعلق بنقل أحجار ستونهنج التى يزيد وزن كل منها على 3 أطنان من مكان ما، ونصبها على شكل حدوة الحصان فى اتجاه شروق الشمس، ولأن اللون الأزرق يغلب عليها فهناك حديث عن إمكانية أن تكون قد نقلت عبر الأنهار الجليدية، وهناك تكهنات بأن تكون أقدم قاعة اجتماعات عرفتها البشرية، أو ربما لها علاقة بنظام تقويم ما، ولكن بقيت طريقة نقل الحجارة الضخمة ونصبها فى ذلك العصر القديم، قبل خمسة آلاف سنة لغزا، سعى العلماء إلى تقديم إجابة عنه. هناك جديد كشفت عنه ديلى ميل البريطانية مؤخرًا، وقالت إن فك بقرة كان قد استخرجه العلماء من الموقع، وأخضعوه لاختبار تقنية «نظير الكربون» قاد إلى حقيقة أن البقرة لم تنشأ فى الموقع الذى وجد فيه الفك، ولكنها نشأت وأكلت فى مراعى ويلز، وهذا قد يعنى أنها استخدمت فى نقل هذه الأحجار التى لا يزال الغموض يكتنف وظيفتها وكيفية انتقالها وانتصابها، ولم يكتف العلماء، بل كشفوا ما اعتبروه تفاصيل آخر ستة أشهر فى حياة البقرة التى عثروا على فكها! حلال على العلماء الإنجليز عندما يتحدثون عن تقنية نقل أحجارهم باستنطاق بقرة ماتت قبل 5 آلاف عام، حرام على علماء المصريات، الأجانب منهم والمصريين، عندما يتحدثون عن معجزة المصرى القديم فى بناء الهرم المعجز.. يستكثرون ذلك علينا ويدَّعون أنهم حضارة قادمة من الفضاء.. المصرى عندما يريد يصنع المستحيل .