لا شك أن السيناريو هو الحلقة الأهم فى صناعة السينما، لأنه حجر الأساس الذى تُبنى عليه كل عناصر الفيلم السينمائي، وقد ينجح مخرج متميز أو ممثل بارع فى إظهار قدراتهم، ولكن إذا كان النص ضعيفا فلن ينقذ العمل بل يهوى به إلى الدرك الاسفل من الفشل، وكم من أفلام قام ببطولتها كبار النجوم واخرجها مخرجون بارعون، ولكن بسبب السيناريو الضعيف فشلت فشلا ذريعا . لذلك أثمن حالة الاحتفاء الكبيرة بالسيناريو التى تحدث حاليا من مهرجانات كبرى ومنصة سينمائية مهمة، فيستمر مهرجان الإسكندرية فى تقديم مسابقة للسيناريو كأول المهرجانات التى اهتمت به، وهى مسابقة «ممدوح الليثى» للعام ال 13، واطلقت نقابة السينمائيين منصة جديدة للسيناريو لأول مرة، وهناك مبادرات لمهرجان الجونة السينمائى «من النص إلى السوق»، وهذه المسابقات والمبادرات هدفها الكشف عن سيناريوهات جيدة تثرى صناعة السينما بأعمال متميزة . فإذا نظرنا إلى مسابقة «ممدوح الليثى» التى يقدمها مهرجان الإسكندرية السينمائى بالتعاون مع اسرته، وهى نافذة قوية للكتّاب المصريين، وكان لها فضل السبق لاكتشافهم ومنحهم جوائز مالية وبمثابة اعتراف باسم صاحب السيناريو داخل الوسط، وهى خطوة مهمة فى مشواره، رغم انها لا تضمن انتقال النص إلى شاشة السينما. أما منصة نقابة السينمائيين حسب ما تم الإعلان عنها، فإنها لا تقتصرعلى منح جوائز مالية فقط، بل تَعد بربط المشروعات الفائزة بشركات إنتاج منصات عرض مما يجعلها قناة مختلفة لتجسيد النصوص فى أفلام ولكن يظل نجاحها مرهونا بالشفافية فى التحكيم واذا نظرنا إلى مهرجان الجونة السينمائى فقد رسخ موقعة كمنصة إقليمية كبرى من خلال CineGouna Platform، التى تقدم دعماً نقديًا وخدميًا بمئات الآلاف من الدولارات للمشروعات المختارة، كما أطلق مسابقات موازية مثل «عيش» للأفلام القصيرة و«مختبر ساويرس للسيناريو»، لتوفير مسارات تطوير وتواصل مع شبكة واسعة من المنتجين والموزعين، وما يميز الجونة أنه لا يكتفى بجائزة، بل يضع المشروع فى قلب منظومة السوق. هذه الحالة تعكس تحوّل المؤسسات السينمائية إلى عنصر فاعل، والمهرجانات من مجرد «شاشات عرض» إلى حاضنات تطوير وتمويل ولتعظيم الأثر، يبقى من المهم التنسيق بين هذه الجهات. الخلاصة: بين الاعتراف الرمزى فى الإسكندرية، والجسر المهنى فى النقابة، والفرصة السوقية فى الجونة، بات لدى الكاتب المصرى مسار شبه متكامل من النص الورقى إلى الفيلم الجاهز، وإذا تحقق التنسيق والتكامل، فقد نشهد خلال السنوات المقبلة طفرة حقيقية فى اكتشاف وتطوير السيناريوهات المصرية والعربية.