مع تصاعد التوتر حول الحرب الروسية الأوكرانية، حذّرت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية، من أن مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسلام قد تكون مجرد غطاء يهدف إلى تحقيق مكاسب عسكرية وسياسية لموسكو. جاء التحذير، بالتزامن مع اجتماع قادة أوروبيين وأوكرانيين في البيت الأبيض، الثلاثاء، لمناقشة مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية وشروط أي اتفاق محتمل. قمة حاسمة في واشنطن وصل الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، إلى البيت الأبيض برفقة قادة أوروبيين بارزين مثل إيمانويل ماكرون وجورجيا ميلوني وفريدريش ميرز والسير البريطاني، كير ستارمر، وسط قلق مشترك من أن يفرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب صفقة سلام غير متوازنة. ولا تخص المخاوف أوكرانيا فقط، بل تمتد إلى مستقبل الأمن الأوروبي كله. لقاء ألاسكا.. «البداية المريبة» الأسبوع الماضي، استقبل ترامب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا استقبالًا استثنائيًا بسجادة حمراء وتصفيق. كانت هناك مؤشرات مقلقة، حيث إن ترامب تراجع عن مطلبه بوقف إطلاق النار، وتبنّى صياغة روسية أوسع لاتفاقية سلام، كما خفّفت واشنطن لهجتها بشأن العقوبات، ما أفقدها ورقة ضغط مهمة. الأخطر أن مقترح السلام يفرض على كييف التخلي عن أجزاء من دونيتسك لم تسيطر عليها روسيا بعد في مسار الحرب الروسية الأوكرانية. تنازلات زائفة من موسكو قال ستيف ويتكوف، ممثل ترامب في المحادثات، إن روسيا عرضت "ضمانات أمنية" شبيهة بالمادة الخامسة في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لكن التجربة تُظهر أن موسكو غالبًا تُرفق مثل هذه الضمانات بحق نقض يجعلها بلا قيمة. روسيا أيضًا وعدت بعدم السيطرة على مناطق أوكرانية مجددًا، وهو تعهّد يصعب تصديقه بعد سجلها الحافل طوال الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في فبراير 2022 ولم تتوقف حتى اللحظة. حتى ما وصفه بوتين ب"تنازلات إقليمية"، لم يكن سوى إعادة مساحات صغيرة من سومي وخاركيف وتجميد خطوط زابوريزهيا وخيرسون، وهي خطوات رمزية بلا تأثير فعلي. مخاطر التنازل عن دونيتسك المعضلة الأخطر، تكمن في التخلي عن أراضٍ غير مسيطر عليها بعد، فأوكرانيا بنت دفاعات قوية شرق دونيتسك، والتخلي عنها يعني فتح الطريق أمام هجوم روسي مستقبلي، بحسب المجلة البريطانية ذاتها. بجانب البُعد العسكري، فداخليًا، أي تنازل سيشكل انتحارًا سياسيًا للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الذي سيواجه معارضة شعبية عارمة. منطق الاتفاق السيئ.. بين واشنطن ولندن يبرر البعض القبول باتفاق غير متوازن بخطر توقف الدعم الأمريكي إذا أصر ترامب على موقفه. لكن تقارير الاستخبارات البريطانية تؤكد أن روسيا تحتاج لأكثر من أربع سنوات للسيطرة على المقاطعات الأربع التي ضمّتها، ما يعني أن موسكو ليست في موقع قوة حقيقية. بل إن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية يهددها بخسائر بشرية قد تتجاوز المليونين، وهو ما يجعل "النصر عبر التفاوض" مكسبًا لم تستطع تحقيقه عسكريًا. أجواء القمة وموقف ترامب في أفضل السيناريوهات، يسعى زيلينسكي لإقناع ترامب بصفقة أكثر توازنًا. لكن مواقف الرئيس الأمريكي تكشف عن عداء واضح تجاهه، فقبل ساعات كتب ترامب أن زيلينسكي "يمكنه إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية "إذا أراد ذلك"، وهو تصريح يعكس ضغطًا شديدًا على كييف وويقلل من خطورة الموقف الروسي.