يرغب نصف البريطانيين فى إجراء استفتاء جديد حول عضوية الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الخمس المقبلة، في وقت تراجع فيه الدعم لبريكست بشكل ملحوظ منذ التصويت الأصلي عام 2016. فقد كشف استطلاع حديث شمل أكثر من 2000 شخص أن 29% فقط سيصوِّتون لمغادرة الاتحاد الأوروبي إذا أُجرى استفتاء آخر، مقارنة ب52% صوّتوا لصالح الخروج فى يونيو 2016. وفي المقابل، يؤيد نحو نصف السكان الآن فكرة تنظيم استفتاء جديد فى غضون خمس سنوات، ما يعكس تحولات كبيرة في الرأي العام تجاه آثار بريكست ومستقبل علاقة بريطانيا بأوروبا. ◄ 29 % فقط يؤيدون الخروج من الاتحاد الأوروبي حاليا مقابل 52% في 2016 ◄ «ستارمر» يغازل بروكسل.. وإيرلندا الشمالية واسكتلندا تدفعان ثمن الانفصال كان استفتاء يونيو 2016 بشأن عضوية الاتحاد الأوروبي لحظة فاصلة في تاريخ بريطانيا، إذ اختارت أغلبية ضئيلة الخروج، فى تجسيد لانقسامات عميقة وممتدة فى البلاد، وفقًا لصحيفة ديلى ميرور البريطانية. لكن التجارب اللاحقة والتغيرات الديموغرافية غيّرت المواقف بشكل جذري، إذ أظهرت أحدث استطلاعات الرأى زيادة فى أعداد البريطانيين الذين يبدون ندمًا على قرار المغادرة، وتناميًا في الرغبة لإعادة النظر في المسألة، وهو ما يُعرف اصطلاحًا ب«بريجريت» (Bregret). ◄ العوامل الاقتصادية وقد لعبت العوامل الاقتصادية دورًا كبيرًا فى هذا التحول. فمنذ دخول بريكست حيز التنفيذ أوائل عام 2020، واجه كثير من البريطانيين تداعيات سلبية، أبرزها تدهور العلاقات التجارية، وارتفاع التضخم، وبطء النمو الاقتصادى. وتشير بعض الاستطلاعات إلى أن نحو 60% يعتقدون أن بريكست أضر بالاقتصاد البريطانى، وهو شعور يشاركهم فيه عدد معتبر من مؤيدى الخروج سابقًا. كما تبرز فروق إقليمية واضحة، حيث تشعر مناطق مثل إيرلندا الشمالية واسكتلندا وأجزاء من إنجلترا بوطأة التأثيرات السلبية أكثر من غيرها. تلعب الأجيال الشابة، التى كانت أقل مشاركة فى تصويت 2016 أو مال معظمها للتصويت للبقاء، دورًا أكبر الآن فى تشكيل الرأى العام. فبين أنصار حزب العمال والشباب، غالبًا ما يتجاوز دعم فكرة الاستفتاء الجديد نسبة 65%، رغم تحفظ قيادة الحزب على إعادة فتح ملف مفاوضات بريكست. حتى بعض مؤيدى الخروج بدأوا يلينون فى مواقفهم، إذ يفضل جزء صغير لكنه ملحوظ منهم إجراء تصويت جديد. ويعكس هذا المشهد تغيرًا فى الاصطفاف السياسى بين الأجيال، إلى جانب إعادة تقييم واسعة لنتائج بريكست. ◄ اقرأ أيضًا | الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يقتربان من حسم نص اتفاق التجارة بعد تبادل ◄ قضية خلافية سياسيًا، تبقى الدعوة لاستفتاء آخر قضية خلافية. فالحكومة البريطانية الحالية والأحزاب الرئيسية تتعامل بحذر، مدركة التعقيدات والانقسامات التى قد يثيرها التصويت الثانى. كما أن الصراعات البرلمانية السابقة حول بريكست تركت آثارًا عميقة، وسط مخاوف من تجدد الاضطراب السياسى. ومع ذلك، فإن تزايد مطالب الشارع بإعادة التصويت يمثل تحديًا حقيقيًا لصنّاع القرار. يسعى رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر لتعزيز العلاقات مع بروكسل منذ توليه الحكم، بما فى ذلك اتفاق بين الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة لتخفيف القيود التجارية بعد بريكست. كما أقام علاقات مع عدد من القادة الأوروبيين، بينهم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بعد سنوات من التوتر بين رؤساء وزراء حزب المحافظين والقادة الأوروبيين. لكن الحكومة لا تبدى أى رغبة فى إجراء استفتاء جديد على عضوية الاتحاد الأوروبى، بعد أن استغرق تنفيذ نتائج الاستفتاء الأخير سنوات من المعارك داخل مجلس العموم. كما كشف الاستطلاع أن أغلبية بنسبة 58% تعتقد أن على المملكة المتحدة البقاء فى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، مقابل 28% يفضلون الانسحاب منها. وتُظهر بيانات الاستطلاع أن أغلبية طفيفة ستصوت الآن للبقاء إذا أُعيد الاستفتاء، ويرجع ذلك جزئيًا إلى مشاركة من لم يصوتوا عام 2016، وكثير منهم يفضل الآن علاقات أوثق أو العودة الكاملة إلى الاتحاد الأوروبي.