أصبح واضحا الآن للعيان وخصوصا أمريكا وإسرائيل أن الحدود الوطنية لمصر ليست مجالا للمساومة مهما كانت الإغراءات، وأن ما يتردد من عروض تقدم لمصر لإغرائها بالموافقة على تهجير الفلسطينيين إلى سيناء هو أمر لا يستغرق تفكيرا من القيادة السياسية المصرية، لأنه عرض خارج التاريخ، فالتراب الوطنى المصرى قد تعمد وتقدس بدماء الشهداء والمناضلين وأنه ليس من المنطقى أن يتم التفريط فى السيادة الوطنية مهما كانت المغريات.. كل هذه العروض قد رفضتها القيادة السياسية المصرية واعتبرتها أمورا غير قابلة للنقاش فالسيادة الوطنية للمصريين على أرضهم ليست محلا للمساومة. تصريح محمد أشتيه رئيس الوزراء الفلسطينى السابق كشف لنا جانبا من هذه العروض التى قدمت لمصر والتى رفضتها القيادة السياسية فى إباء وشمم مؤكدا أن مصر رفضت صفقة إسرائيلية لتصفية ديونها مقابل قبول التهجير. كما أشار أيضا إلى أن أصحاب هذه الضغوط أخذوا يلعبون فى مسألة مياه النيل والسد الذى أقامته إثيوبيا عارضين أن تقبل مصر مبدأ تهجير الفلسطينيين مقابل أن تتولى هذه الدول وضع حل لسد النهضة، لم تكشف مصر إذن عن وسائلها للحفاظ على حقوقها المائية، وهو أمر تخفى مصر خططها للحفاظ على حصتها المائية حتى لا تتحول المواجهة مع إثيوبيا إلى ملاسنة وتهديدات سوف تعرقل أى حل سلمي، وسوف تعود بالضرر على العلاقة بين مصر وبين دول القارة الإفريقية. لذلك فإن مصر تتحرك بحكمة وحذر فى ملف المياه، وإن كانت كل الخيارات مطروحة أمامها فإنها تميل إلى التفاهم والمفاوضات حفاظا على مصالحها السياسية. رئيس الوزراء الفلسطينى السابق يبدو أنه مطلع بشكل كاف على الأحداث فإن مصر موقفها ثابت لا يلين وقد أعلنته مرارا وتكرارا إنه لا لتهجير الفلسطينيين من بلادهم ولا لتفريط فى السيادة الوطنية المصرية على أرض مصر كافة وأيضا لا للتلاعب بحقوق مصر المائية فى نهر النيل. إننا نؤيد بقوة موقف قيادتنا السياسية الذى يرفض أى تلاعب فى السيادة الوطنية المصرية، كما يرفض بنفس القوة أن تدس أى قوة أجنبية أنفها فى مياه النيل.