يحسب لهيئة التأمينات الاجتماعية حرصها على سرعة التواصل مع الرأى العام، وتوضيح ما يثار فى وسائل الإعلام، والفضل يرجع إلى قيادة الهيئة وجهاز العلاقات العامة بها، وتلك شهادة حق لا يجب كتمانها. فى مقالى السابق أشرت إلى ما يعانيه أصحاب المعاشات من عدم حصولهم على كامل الزيادة المقررة سنويًا، والمقدرة ب 15٪ وفى وقت مبكر من صباح الخميس الماضى، هاتفنى الزميل عبد الرحمن صلاح مدير الإعلام بالهيئة موضحًا ما وصفته باللغز. الأمر ببساطة يكمن فى أن أى زيادة استثنائية فى المعاش، لا يسرى عليها أى زيادة سنوية، وتظل مبلغًا مقطوعًا ثابتًا. ورغم أن ما استغلق على الإفهام بات واضحًا، إلا أن أرباب المعاشات يتوجهون للسيد الرئيس مباشرة، بالتوجيه بأن يكون كامل المعاشات، وليس أصلها فقط، ضمن ما يسرى عليه حكم الزيادة، فى القرار الجمهورى الذى يصدر بهذا الشأن. وأحسب أن حرص القيادة السياسية على تكريم من أفنوا أعمارهم وصحتهم فى خدمة الوطن، يجعلهم على ثقة فى نظر هذا المطلب، والبت فيه تخفيفًا عنهم، وتقديرًا لمعاناتهم، وهو ما يصب فى روافد عدة، فى طليعتها العدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل لعوائد التنمية. ثم إن دراسة الحكومة لتنفيذ مطلب متواضع كهذا، سوف يكشف أن تطبيق مطلب أصحاب الأعمار الذهبية، فى نهاية مشوارهم، لن يمثل عبئًا مضافًا على الموازنة العامة، إذ أنه سوف يمول من عائد أموال أرباب المعاشات التى تتجاوز الثلاثة تريليونات جنيه بكثير، وهى أمانة فى ذمة الدولة. نحو 12 مليونًا من أصحاب المعاشات يعانى معظمهم من التضخم، وتأخر الصحة، وما يترتب على ذلك من متطلبات يتضاءل أمامها دخلهم، فضلًا عن صعوبة القيام بأى عمل إضافى بالنسبة للكثيرين منهم، كما تمنعهم كرامتهم من إبداء الشكوى إلا لخالقهم، بل تحسب ملايين منهم أغنياء من التعفف، بينما لا توفر لهم معاشاتهم إلا حد الكفاف. وهكذا، فإنه رغم فك اللغز، تظل إعادة النظر فى زيادة ملموسة بالمعاشات، حقًا مشروعًا، ليستطيع أربابها مواجهة كريمة لضرورات الحياة، وألا يتعرضوا فى آخر حياتهم لما يكسر نفوسهم، أو يمس كرامتهم، الأمر الذى لا يرضى أولى الأمر، إذ أن كرامة كل مواطن خط أحمر، فما بال شيوخنا، فليس منا من لا يوقرهم كما أمر رسولنا الكريم.