سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. جمال داوود صاحب أبرز أطلس باثولوجى بكليات الطب:توابع ثورة يناير منعت المحاضرات.. لكنها أطلقت الفكرة «الأخبار» تحاور علماء يحملون «نبض الكنانة» إلى العالم «1»
مشروعى بدأ بالأبيض والأسود.. وتعلمت «الفوتوشوب» من أجل الطبعة الأولى علم الباثولوجى ليس أكاديميًا فقط.. وأطباؤه جنود مجهولون مهارات الطبيب المصرى لا تزال محل تقدير فى العالم العربى والدى قال لى: اختر ما تحب.. لن أعرف مصلحتك أفضل منك أطالب باختبار قبول لكليات الطب يقيس اللغة والمهارات فقدت عينى اليمنى ولم أفقد شغفى لم يكن فقد الدكتور جمال داوود، أستاذ الباثولوجى المتفرغ بجامعة الأزهر، للبصر فى إحدى عينيه عائقًا، بل كان دافعًا، ففى الوقت الذى يختار فيه كثيرون التوقف، واصل هو العمل بإصرار مدهش، مدفوعًا بحب لا يشيخ للعلم وطلابه. بدأ مشروعه الكبير بدافع بسيط، وهو إتاحة العلم لطلاب تعذر عليهم الحضور إلى قاعات كلية الطب خلال اضطرابات ما بعد ثورة يناير، لكن من رحم الأزمة، ولد «أطلس علم الباثولوجي»، الذى تحول من مبادرة محلية إلى مرجع عالمى يُدَرَّس حتى اليوم فى كليات الطب ب 16 دولة، معتمدًا على صور ملونة دقيقة تُحاكى الواقع المجهرى كما لم يحدث من قبل. يتحدث الدكتور داوود عن مشروعه بحماس الشباب، ويستدعى أسماء أساتذته بنبرة وفاء، وعلى رأسهم الدكتورة فاطمة عابدين، التى يراها مظلومة إعلاميًا رغم ريادتها، ولا يُخفى محبّته لزوجته، بل يحرص على ذكر اسمها وتاريخها المهنى فى كل موضع، كما يعتز بأصوله الريفية ونشأته فى كنف أسرة بسيطة، لم تفرض عليه الاختيارات، فاختار طريق العلم بإرادته. وبهذا العطاء المستمر والتجربة الملهمة، استحق أن تدرجه مجلة «طبيب الباثولوجي» البريطانية عام 2024 ضمن قائمة أكثر علماء الباثولوجى تأثيرًا فى العالم، فى تكريم يليق برحلته العلمية. وفى هذا الحوار مع الدكتور داوود، الذى ندشن به سلسلة حوارات «نبض الكنانة»، نسلط الضوء على علماء مصريين حملوا علمهم من قلب مصر إلى العالم، ونغوص معه فى تجربة الأطلس، وأهمية علم الباثولوجي، وتقييم واقع التعليم الطبى بمصر. لم يكن السؤال عن خلفيته المهنية مجرد بداية للحوار، بل كان بمثابة مفتاح لباب امتلأ بالحكايات. ما إن طرح السؤال، حتى أطلق الدكتور جمال داوود تنهيدة طويلة، تشى بأن فى قلبه الكثير مما يستحق أن يُقال. تهيأ للإجابة كمَن يعود إلى مسار طويل مشى فيه بثبات. بدأ الحكاية من أول السطر، حيث التحاقه بكلية الطب جامعة الأزهر، ثم اتخاذه القرار الذى غَيَّر مجرى حياته، باختيار تخصص الباثولوجى بعد مرحلة الامتياز، رغم أن مجموعه العالى كان يؤهله للالتحاق بقسم الجلدية، الذى يفضله كثيرٌ من الطلاب. كان فى صوته اعتزاز واضح وهو يسرد المحطات التى صنعته، منها سنوات طويلة قضاها فى السعودية وليبيا، حمل فيها حقيبته العلمية وتنقل بين الحالات والتحديات، قبل أن يعود إلى «بيته الأول» جامعة الأزهر عام 2011، ليتولى رئاسة قسم الباثولوجى لمدة خمس سنوات. لم يكن مجرد أستاذ، بل صانع قرار فى مسيرة التعليم الطبي، حيث شغل منصب مقرر اللجنة العلمية لترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين لمدة ست سنوات، وأسس الجمعية المصرية لباثولوجيا الجلد وترأسها لست سنوات أيضًا. 1430 حالة موثقة كان يتحدث عن تلك السنوات بحماس صادق، كأنما يعيد استحضار مشاهدها أمامه، وصفها بأنها المعين الذى نهل منه العلم والتجربة، والذى أمده بالزخم اللازم لإنجاز أطلس الباثولوجي. بالنسبة له، الطب ليس شهادة أو مهنة، بل رحلة تعلم لا تنتهي، «مَن يختار الطب، عليه أن يتعلم كل يوم جديدًا»، قالها بثقة، وهو يروى كيف واجه خلال رحلته حالات نادرة، بل وغريبة، بعضها لم يُسجل فى المراجع الطبية من قبل، فضمها إلى أطلسه، لتصبح واحدة من أبرز ميزاته. لمعان عينيه، رغم مرض إحداهما، كان لافتًا حين سألته عن تلك الحالات النادرة، حيث تغيرت نبرة صوته فجأة، واكتست بالحماس وكأنه أمام أحد طلابه، قال بفخر: «الأطلس يضم حالة تُوصَف لأول مرة فى التاريخ الطبي: سل منتشر فى الأمعاء الغليظة لسيدة، توفيت بعد أسبوع من الجراحة، لأن السل كان قد غزا جسدها بالكامل، وتسبب فى انسداد معوي. ثم استرسل، كمن يُرينى أطلسه أمام عيني: «هناك أكثر من 40 حالة نادرة فى الأطلس، منها حالة مدهشة لطفل يحمل عيبين جينيين نادرين أديا إلى مرضين بالكليتين، التحام الكليتين لتشكلا ما يُعرف ب (حدوة الحصان)، وتحولهما إلى عضو متكيس، نسبة حدوث هذه الحالة 1 لكل 8 ملايين، ولم تُسجل سوى 20 حالة مثلها فى الأدبيات الطبية». أما الحالة التى لم تغادر ذاكرته، فكانت لمريض سعودى يعانى من ورم نادر فى أصابع القدم، وهى من الحالات التى لا تتكرر كثيرًا، وكانت تحديًا حقيقيًا لتوثيقها وتشخيصها. وبلغ الحماس مداه وهو يختم، قائلًا: إن الأطلس يقع فى 467 صفحة، ويضم 1430 حالة مصورة وموثقة، بعضها غير مسبوق، وكلها تحمل بصمته العلمية وإنسانيته العميقة. أطلس عالمى ولأن وراء كل عمل عظيم قصة غير متوقعة، لم أستطع كبح فضولي، فأسررت للدكتور جمال بأننى على يقين بأن «الأطلس» الذى أبهر العالم لابد أن تكون له بداية مختلفة، هنا، خفتت نبرته الحماسية فجأة، وحَلَّ محلها تواضع واضح، بل شيء من الخجل، وهو يقول بنبرة هادئة: «لا تعطِ الأمر أكثر من حجمه.. كل ما فى الأمر أننى كنت أريد مساعدة طلابي». ثم استعاد نبرة الراوى الذى يغزل من الذاكرة خيوط الحكاية، موضحًا أنه بعد ثورة يناير 2011، تعذر على طلابه الوصول إلى قاعات كلية الطب بجامعة الأزهر، ولم يستطع أن يراهم معزولين عن دروسهم، فبدأ يشاركهم على «فيسبوك» صورًا لحالات مرضية من متحف الكلية، الصور كانت بالأبيض والأسود، تحمل توقيع الزمن، أعدت منذ سنوات على يد رائدة علم الباثولوجى الدكتورة فاطمة عابدين، وكانت بعض هذه الصور توثّق حالات نادرة، مُهداة منها للمتحف، فخطرت له فكرة بسيطة: «لماذا لا أضمّها فى أطلس؟»، وهكذا وُلدت البذرة. لم يكن يتوقع شيئًا كبيرًا، لكن المفاجأة حدثت، عندما وافقت دار النشر العالمية «سبرنجر نيتشر» على إصدار الأطلس، عندها لم يكتفِ بالفكرة الأولى، بل بدأ حلمه يكبر، ففكر فى إضافة حالات أكثر، جَمَّع صورها وشرائحها على مدار أربعة عقود من العمل، بين مصر والسعودية وليبيا، وأن تكون هذه المرة ملونة، واقعية، تجذب النظر وتسهل الفهم. وهنا، صمت قليلًا، لم يكن صمت تأمل، بل لحظة استرجاع مؤلمة. تغيرت ملامحه، وارتسمت على وجهه مسحة من الحزن وهو يقول: «فى تلك الفترة، أصبت بالجلوكوما... فقدت البصر فى عينى اليمنى تمامًا، وفوق ذلك، لم أكن أجيد استخدام برامج تعديل الصور، ولا أعرف أحدًا من المحترفين أثق فى تعامله مع صور طبية معقدة، وحتى لو وجدت، فإن التعامل مع هذا النوع من الصور لابد أن يتم تحت إشراف طبيب باثولوجي، ووقتها، ظروفى الصحية لم تكن تسمح». بدت لحظة انكسار حقيقية، لكنها لم تدم، سرعان ما طرد الحزن من ملامحه، وعاد الحماس يشرق من عينيه، وهو يبتسم كمَن خرج من نفق ضيق، قال: «قررت أن أواجه الأمر بنفسي، وأجريت جراحة لعلاج الجلكوما، ثم جلست أمام الشاشة وتعلمت الفوتوشوب من الصفر، من الفيديوهات والمواقع المتخصصة، دربت نفسى على تعديل الصور، ومع الوقت، جَهَّزت بنفسى الطبعة الأولى ثم الثانية من الأطلس، وكانت الثانية أكثر ثراء بالحالات الجديدة.. وحققت رواجًا كبيرًا لم أكن أتوقعه». الصورة بمليون كلمة اليوم، توجد الطبعة الثانية من «أطلس علم الباثولوجي» فى مكتبات 17 كلية طب حول العالم. ويكفى فخرًا أن مقدمة هذه الطبعة كتبها العالم الأمريكى الشهير د. فيناى كومار، أستاذ علم الباثولوجى بجامعة شيكاغو ومكتشف الخلايا القاتلة الطبيعية، التى تلعب دورًا محوريًا فى مقاومة الفيروسات والخلايا السرطانية. بكلمات واثقة، استهل الدكتور كومار المقدمة بقوله: «كانوا يقولون إن الصورة بألف كلمة، لكنها فى هذا الأطلس تساوى مليون كلمة». وذات يوم، وجد الدكتور جمال، أن أطلسه قد وصل إلى المرتبة السادسة على قائمة الكُتب الأكثر مبيعًا على أمازون أمريكا، لحظة لم يسعَ إليها، لكنها أتت كهدية صادقة، لمن آمن بالعلم حتى فى أحلك الظروف. وأضاف: «هذا الأطلس أول مرجع باثولوجى عالمى يؤلفه أستاذ مصري، كما أنه أول كتاب طبى لكاتب مصرى تصدر منه طبعة ثانية، بحسب دار النشر سبرنجر». وعندما سألته عما يُميِّز أطلسه، بخلاف الحالات النادرة وتقديمها بصور ملونة واقعية، لم يتردد. اعتدل فى جلسته، وكأنه يستعد للإفصاح عن سر دفين، وقال بنبرة تحمل مزيجًا من الفخر والهدوء: «هناك استراتيجية اعتمدت عليها فى كتابة هذا الأطلس لا تتوفر فى معظم كُتب الباثولوجى الأخرى.. وهو أننى لم أكتف بالصور والوصف التقليدى للحالات، بل أضفت البُعد الأعمق: التحليل الجزيئى لكل عينة». ثم أوضح وهو يشير بيديه فى الهواء كما لو كان يشرح أمام طلابه: «أتحدث عن الباثولوجيا الجزيئية، وعن الصبغات المناعية، أو كما تُعرف ب «دلالات الأورام»، تلك المؤشرات الدقيقة التى تكشف لنا أسرار المرض فى خلاياه الأولى، فهذه الإضافات تجعل الأطلس ليس فقط دليلًا بصريًا، بل أداة متكاملة للفهم والتشخيص المتقدم». كان يتحدث كمَن يقدم قطعة من قلبه، يزن كل كلمة، ويسترجع جهد السنين، وكأن المشروع لا يزال قيد التنفيذ. جنود مجهولون استوقفتُه بسؤال بدا عاديًا فى ظاهره، لكنه هَزَّ وجدانه: «ومَن كان خلف هذا العمل؟ مَن هم الجنود المجهولون؟» لحظة صمت قصيرة، ثم قال بابتسامة دافئة: «هؤلاء ليسوا مجهولين بالنسبة لي.. هم شركاء فى هذا الإنجاز، فى القلب قبل السطور». ثم أخذ نفسًا عميقًا، وصوته يتلون بشيء من الامتنان والحنين: «على رأسهم أستاذتى د.فاطمة عابدين، ود. محمد سامى ود. مدحت نوارة ود.فتحى مطر، وصمت للحظة ثم أضاف: حتي أرد الفضل إلى أهله، لولا الراحلة د. فاطمة عابدين ما وُلدت الطبعة الأولى، هى التى أسَّست متحف الكلية، وجمعت فيه عينات نادرة لا تُقدَّر بثمن.. كنت أستخدم صور تلك العينات وأعرف أنها كانت تهديها للمتحف بنفسها، بدافع خالص من حبها للعلم».. تَغَيَّر صوته، وبدت عليه علامات التأثر وهو يستعيد سيرتها: «كانت أستاذة عظيمة، متواضعة لأقصى حد، تَخَيَّل أنها لم تكن تتردد فى سؤال أحد طلابها عن حالة أو مرض جديد لم تقرأ عنه.. علمتنى أن العلم لا يتوقف، وأن فوق كل ذى علم عليم».. ثم تابع، وكأن الذكريات تتدفق من داخله: «أشرفت على نحو مائة رسالة علمية، ونُشر لها نحو 75 بحثًا، بعضها كان فتحًا علميًا حقيقيًا، لا أنسى بحثها عن نشأة السائل الأمنيوسى حول الجنين، والذى أثبتت فيه أن السائل لا يتكون من بول الجنين، كما كان شائعًا، بل من إفرازات خلايا معينة.. بحث أثار الجدل وقتها، ثم أثبتت صحته بعد عشر سنوات، وكذلك بحثها الرائد عن تأثير البلهارسيا على الكبد، ودور الجهاز المناعى فى التليّف، يومها، سخر البعض من فكرتها، لكن الزمن أنصفها».. وصمتَ للحظة، وكأنه كان يقرأ فى سره سورة الفاتحة على روح تلك الغائبة الحاضرة فى كلماته، ثم قطع هذا الصمت سؤالى عن دور الأسرة، فارتسم على وجهه ضوء امتنان مختلف، وقال بنبرة يملؤها الحب والاعتزاز: «زوجتي، الدكتورة مريم أبو شادي، كانت دائمًا إلى جواري.. تشجّعنى بصمت، وتدفعنى للاستمرار، لم تكن فقط زوجة، بل زميلة علمية لها تاريخها الكبير، أستاذة طب الأطفال بكلية طب البنات جامعة الأزهر، ورئيسة وحدة الرعاية المركزة لحديثى الولادة بمستشفى الزهراء الجامعي، ومستشارة نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث». ثم ابتسم، وأضاف بنبرة فيها دفء لا يخفى: «كانت تعرف حجم المشروع، وتعرف أننى أرهقتُ عينى وروحى فيه.. لكنها كانت تؤمن بأن ما أفعله سيفيد الناس، وهذا وحده كان كافيًا لأواصل». قرار التشخيص لم يكن الدكتور جمال يتحدث عن «الأطلس» باعتباره مجرد إنجاز أكاديمي، بل كرسالة أراد أن تصل، فحين سألته عن الفائدة التعليمية المباشرة للطلاب، أشار بابتسامة هادئة إلى أن الأمر يتجاوز التعليم، ثم قال بنبرة تحمل شيئًا من العتاب: «أردت أن أُذكر بدور علم الباثولوجي.. للأسف كثيرون لا يدركون أهميته الحقيقية، بل هناك مَن يظنه علمًا أكاديميًا بحتًا، لا علاقة له بالطب الإكلينيكي، وهذا خطأ شائع». ثم واصل بنظرة حاسمة وعين تُصر على التوضيح «علم الباثولوجى إكلينيكى بامتياز.. هو الجندى المجهول فى كل منظومة علاج، من دوننا، لن يعرف الطبيب طبيعة الورم، ولا مدى خطورته، ولا العلاج الأنسب للمريض، نحن مَن نكشف التفاصيل الدقيقة التى تصنع الفارق بين التشخيص الصحيح والخطأ». ولأنه يعرف ما لا يعرفه الآخرون، حرص فى مقدمة الأطلس على أن يتقدم بالشكر والامتنان لكل زملائه من «الجنود المجهولين»، الذين يعملون فى صمت، لكن لهم البصمة الأوضح خلف الستار. هذا الحديث قادنى إلى سؤاله عن اختياره لتخصص الباثولوجي، رغم أنه ليس من الأقسام «الجماهيرية» التى يتهافت عليها الطلاب، سألته مازحًا إن كان ذلك الاختيار قد سَبَّب خلافًا مع أسرته، خاصة أن الأهل غالبًا ما يحلمون بأبنائهم أطباء «يُرى أثرهم بالعين»، لا مَن يقضون يومهم خلف الميكروسكوب. ابتسم الدكتور جمال ابتسامة امتنان وحنين، وقال: «والدي.. رغم أنه كان من أصول ريفية تعود لمحافظة الشرقية، وكان يعمل مهندسًا بالسكك الحديدية، إلا أنه لم يكن يومًا ديكتاتورًا فى قراراته، كان يمنحنى حريتى الكاملة، كان دائمًا يقول لي: لن أعرف مصلحتك أفضل منك، وقد اخترت ما أحب، ولم يعترض». بين المهارة والتحدى وفى ختام الحوار، سألته عن تقييمه لمستوى الطبيب المصري، فأجاب بصوت مُفَعَّم بالثقة، لكنه لا يخلو من التحذير: «الطبيب المصرى لا يزال قوة ناعمة حقيقية لمصر.. لا تزال سمعته طيبة فى دول كثيرة، خاصة بالمنطقة العربية، لكن المنافسة أصبحت شرسة الآن، وهناك أطباء من دول مثل الهند وإيران ينافسون بقوة.. لهذا علينا الحفاظ على جودة التعليم الطبي».. وعن التوسع فى إنشاء كليات الطب، لم يبد قلقًا كبيرًا، بل تحدث بعقلانية قائلًا: «لا مانع من التوسع.. بشرط أن تتحقق شروط أساسية صارمة تضمن الجودة، وهى وجود مستشفيات تعليمية مؤهلة، وبنية تحتية قوية، وتُوفِّر العدد الكافى من أعضاء هيئة التدريس».. لكنه توقف قليلًا، ثم قال بنبرة حادة: «ما يقلقنى فعلًا هو معيار القبول.. لا يصح أن يكون مجموع الثانوية العامة هو الفيصل الوحيد، أطالب بأن يكون هناك اختبار قبول حقيقى للالتحاق بكلية الطب، يقيس مهارات متعددة، وعلى رأسها اللغة الإنجليزية، لأنها مفتاح فهم الطب الحديث، من غير المقبول أن يدخل طالب كلية الطب، ولا يستطيع قراءة مرجع علمى بلغة التخصص». وفى نهاية الحديث، سألته عن نصيحته للأطباء الشباب، فارتسمت على وجهه ملامح الطبيب المعلم، وقال ببساطة عميقة: «الطبيب الجيد هو الذى لا يتوقف عن التعلم، واليوم، صار التعلم أسهل بكثير مما كان فى جيلنا، بفضل المصادر المفتوحة والدورات الإلكترونية، لا عذر لأحد بعد اليوم».