لفت الخبر انتباهى بعنوانه الجذاب: «فقه روّاد الفضاء»! وأشار المتن إلى ملتقى مشترك، بين مجمع البحوث الإسلامية ووكالة الفضاء المصرية، يستهدف بحث «النوازل الفقهية المستجدة المتعلقة بأحكام الفضاء»، وتحديدا ما يتعلق بالعبادات وكيفية أدائها خارج نطاق كوكبنا. البحث فى هذا الموضوع، قادنى لدراسة أعدّتها قبل عامين، الدكتورة سعاد بلتاجى أستاذ الفقه المقارن، لتشارك بها فى ملتقى علمى تابع لجامعة الأزهر. ركزت الدراسة على أحكام الطهارة والصلاة فوق سطح القمر، واستعرضت كيفية الوضوء أو التيمم، فى ظل نُدرة المياه وغياب تراب الأرض، الذى يمكن لرائد الفضاء حمل حفنة منه خلال رحلته كى يضمن صحة التيمم. لا مجال للحديث عن كل تفاصيل الدراسة، لكنها توضح أن هناك محاولات لفتح أبواب العصر أمام فقهٍ عاش طويلا تحت رعاية الماضي. فهل هى خطوة على طريق تجديد الخطاب الديني؟ تستند دعوات تجديد هذا الخطاب، إلى فجوة شاسعة تفصلنا عن آخر مراحل الاجتهاد، اعتمد بعدها غالبية الفقهاء السلفيين منذ مئات السنين، على إعادة تدوير الفتاوى، دون أخذ متغيرات العصر فى حسبانهم، ومن هذه النقطة تحديدا، انطلقت الدعوة إلى وضع الظروف الزمنية والجغرافية فى الحسبان، وتفجّرتْ معارك نتيجة فهم خاطىء، نسى من تبنّوه أن الخطاب متغير والدين ثابت. عموما، يبدو أن الدعوات المزمنة أسفرت أخيرا عن خطوة جريئة، فقد انتقلنا فجأة من فقه الماضى إلى فتاوى المستقبل، الذى يضع أساليب ممارسة العبادات فى الفضاء على خريطة أولوياتنا. قد يرى البعض أن ذلك يُعد تعايشا مع الحاضر، باعتبار أن البشر قطعوا شوطا لا يستهان به فى غزو الفضاء، لكن السؤال: كم مسلما خاضوا هذه التجربة؟ الأمر إذن لا يرتبط بحاضر منطقتنا، ولا حتى بمستقبلها القريب، فهل تعتبر هذه الخطوة الصغيرة قفزة عملاقة للبشرية، تشبه أولى خطوات آرمسترونج على القمر؟ أم أن هناك خطوات أكثر ارتباطا بواقعنا ينبغى أن تفتتح مسيرة تجديد الخطاب الديني؟ أعترف لكم أننى لا أملك إجابة حاسمة، والرأى متروكٌ لكم.