كان حلم اللاعب الفلسطينى سليمان العبيد أن تضع الحرب على غزة أوزارها، ويتجه فى يوم من الأيام للاحتراف فى أحد أندية أوروبا، أو حتى الأندية العربية مثل النادى الأهلى الذى احتضن قبله اللاعب وسام أبو على، وفى ملاعبه تألقت موهبته، ثم اتجه للاحتراف فى الدورى الأمريكى. وصف النقاد العبيد بأنه من بين أكثر اللاعبين موهبة فى تاريخ كرة القدم الفلسطينية، مهارته فطرية، قادر على اللعب والمراوغة والهجوم واقتناص الأهداف ولذلك لم يكن من الغريب أن يطلقوا عليه لقب «بيليه فلسطين»، لأنه كان يشبهه فى مهاراته الاستثنائية، كان قادرًا على صناعة المتعة البريئة وسط بيئة أقل ما توصف به أنها غير مستقرة. كل هذا لم يشفع لسليمان واستشهد قبل أيام برصاص جيش الاحتلال، أثناء وجوده قرب نقطة توزيع مساعدات إنسانية جنوبى قطاع غزة، كان يريد تأمين الحد الأدنى من الطعام لأطفاله الذين يتضورون جوعًا فى إحدى الخيام، لكنه لم يستطع هذه المرة استخدام مهارته فى المراوغة، وتفادى الرصاصة الغادرة التى نالت منه، كما نالت من أكثر من 1300 فلسطينى مثله خلال شهرين وهم يصارعون البقاء من أجل كيلو دقيق يطعمون به الأفواه الجائعة. ضمير نتنياهو وجيشه لم يتحرك، وهم يستهدفون برصاصاتهم من يموتون جوعًا، ولكنه تحرك لإنقاذ حمير غزة، نعم لحمير غزة وتم تكليف جنود الاحتلال بسرقة الحمير التى كان يستخدمها سكان غزة المحاصرون فى نقل مصابيهم إلى المستشفيات، ونقل موتاهم إلى مثواهم الأخير، أو حتى للتنقل بين أرجاء القطاع بعد أن توقفت كل مظاهر الحياة، والخدمات بسبب الحصار، السرقة لغرض نبيل، وشريف وهو»إنقاذ الحمير من الصدمات النفسية والجسدية التى يتعرضون لها بسبب أجواء الحرب»! ونقلوا المئات من تلك الحمير إلى الجانب الإسرائيلى، حيث تتولى إحدى جمعيات الرفق بالحيوان رعايتهم، ليس هذا فحسب، بل قاموا بترحيل دفعة منهم إلى فرنسا، وبلجيكا حيث المراعى والبيئة الخصبة. ومؤخرًا بدأت إسرائيل حملتها العسكرية لإعادة احتلال غزة، وأنا بصراحة أتعجب لهذا القرار، وقرأت كثيرًا فى مبرراته من وجهة النظر الإسرائيلية، فقد قضت الآلة العسكرية الإسرائيلية المدعومة بالترسانة الأمريكية على الحجر قبل البشر فى القطاع، ولم تترك حتى الحيوانات بل هجرتها، فماذا تبقى لكى تسعى إسرائيل إلى تحقيقه بإعادة احتلال غزة؟