يبدو أن مؤلف دويتو «طبيب عيون» الشهير بين محمد عبد الوهاب وراقية إبراهيم، كان بعيد النظر، ويفكر فى المستقبل دون أن يدرى، أو ربما كان يدرى ولم يلتفت إليه أحد فى حينها. الدويتو اعتمد على أن قراءة الأفكار سره الباتع فى العيون، التى تكشف الأسرار، لكن التطور التقنى والرقمى الرهيب الذى نعيشه حالياً يكشف أسراراً جديدة، ليس عن طريق العيون، ولكن عن طريق الأفكار، ومركزها المخ وليس العيون. السر الرهيب أعلنه إيلون ماسك بقوله: نهاية الهواتف الذكية، وكذلك الغبية، قربت.. والعالم داخل على عصر الزرعة فى الدماغ «مش هتتكلم .. مش هتكتب .. كفاية بس تفكر». تقنية جديدة اسمها Neuralink وهى شريحة إلكترونية بتتزرع فى الدماغ، توصلك بالإنترنت، وتجعلك تتحكم فى كل الأجهزة من حولك بمجرد التفكير. الغريب أن ذلك ليس مجرد خيال علمى، حيث أجريت تجربة على شخص مصاب بالشلل استطاع بتلك الشريحة الالكترونية تحويل إشارات دماغه لأوامر حقيقية. وكما أن للذكاء الاصطناعي مخاطر، تعكف مراكز الأبحاث العالمية على كيفية تداركها حالياً، فإن تقنية ايلون ماسك الجديدة لها أيضاً مخاطر، إذا ما تم تطوير تلك الشريحة لتتجاوز تحويل إشارات الدماغ لأوامر تشغيل الأجهزة من حولك، إلى التحكم فى أدمغة الآخرين، وتغذيتها بأفكار قد تكون مضرة أو سامة لينفذها الآخرون دونما إدراك. الإبتكارات الجديدة كنز لا ينفد، وكل يوم سيأتى العلم بتقنيات جديدة تفيد البشرية بقدر ما تحمله من مخاطر إساءة استخدامها، وفى جميع الحالات فإن كل الطرق تقودنا لحقيقة أن العيب ليس فى التقنيات، لكن العيب دائماً فى إساءة استخدامها، أى شيطنة التقنيات. التقنيات الجديدة ستتواصل وسيستمر معها الصراع بين البشر والتقنيات التى ابتكرها العقل البشرى، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مصداقاً لقول الحق سبحانه: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).