الرسالة التي نشرتها الصحفية الفلسطينية "روان قطري"، على حسابها الشخصي على موقع X، لا يمكن التعامل معها بمنطق، أنها رسالة غضب فقط، بل تعكس إرادة شعب غزة، في التخلص من حكم حركة حماس، التي أدخلت القطاع في النفق المظلم، بعد ما تعرض له من عدوان غير مسبوق، من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي، ردًا على هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023. حالة السخط، التي يشعر بها شعب غزة تجاه قادة حماس، لم تكن وليدة اللحظة، وإنما جاءت نتيجة تعنت قادة الحركة، في مسار المفاوضات، وقيامها في كل مرة، بفرض شروط، تعرقل مسار التهدئة، دون النظر لحجم المأساة التي يعيشها سكان غزة، الذين يدفعون حياتهم يوميًا ثمنًا، من أجل الحصول على المساعدات الإنسانية، التي رفضت إسرائيل إدخالها، بحجة قيام العناصر التابعة لحماس بسرقتها، وما ترتب عليه من إغلاق كافة المعابر الحدودية. ◄ حماس تتحمل مسؤولية الدمار "القيادة لا تمثل إرادة الشعب"، كلمات شملها بيان الصحفية الفلسطينية، وهو ما يعبر في رغبة سكان غزة في التخلص من حكم حركة حماس، التي تركت القطاع يواجه أبشع أنواع العدوان، دون التطرق أو السعي، لتقديم تنازلات قد تخفف من وطأة المعاناة اليومية عن المدنيين، وإنما وضعت الحركة مصالحها السياسية، على حساب حياة الغزيين، واستخدمت المأساة كورقة تناور بها في المفاوضات، التي دفعت إسرائيل، لرفض مطالب الحركة، والاستمرار في استهداف المدنيين بشكل مباشر. وبتحليل أعمق للبيان الذي نشرته الصحفية الفلسطينية، سنجد خروج عن اللغة التقليدية، التي تتسم بالغموض أو المناورة السياسية، ويذهب مباشرة إلى تحميل حماس مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع من "مجاعة، دمار، فقر، وانعدام شبه تام للأفق السياسي"، وبعيدًا عن تفاصيل المفاوضات المعقدة، تتبنى الرسالة مطلبًا واضحًا وغير مسبوق في صراحته هو الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل نهائي، وهو ما يعني عمليًا إنهاء المعركة الدائرة، في عامها الثاني، بغض النظر عن حسابات حماس العسكرية أو مبرراتها السياسية. ◄ أسوأ الكوارث الإنسانية الواقع الحالي، هو أن قطاع غزة يعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، وأصبحت الحياة بداخله لا تتناسب مع آدمية الإنسان، وأمام ذلك ظهرت حقيقة حماس، التي باتت عاجزة عن إدارة الأزمات المتراكمة داخل القطاع، وسط غياب تام لأي رؤية سياسية واقعية، الأمر الذي يعكس رغبة قطاعات واسعة من سكان غزة، بالمطالبة بالتخلص من حكم حماس، أملا في إنقاذ القطاع من الهلاك التام. اقرأ أيضا| أحمد عبد الوهاب يكتب: حماس واستراتيجية «الحية» في استغلال مجاعة غزة الدعوة إلى نقل الحكم في غزة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، هو نقطة تحول فارقة، تؤكد حالة الغضب وانعدام الثقة في قيادة حماس للقطاع، فضلا عن حالة الانقسام، التي تسببت فيها حماس أمام حركة فتح، لكن هذه الرسالة تعيد طرح السؤال الجوهري: من يمثل الفلسطينيين؟ وإذا كانت منظمة التحرير لا تزال تحظى باعتراف المجتمع الدولي كممثل شرعي وحيد، فإن الإصرار على بقائها على الهامش، واحتكار حماس للقرار في غزة، لم يعد مقبولًا في نظر المتضررين من استمرار الحرب والكارثة. ◄ رفض شعبى الرفض الشعبي لحماس لا ينفصل عن إدراك متزايد بأن استمرارية سيطرتها تُستخدم ذريعة إقليمية ودولية لتجميد الحلول، وذريعة إسرائيلية لربط إعادة الإعمار أو وقف إطلاق النار بمستقبل الحكم في غزة، وهذا ما يُدركه الغزيون جيدًا، أن حماس لم تعد فقط في صدام مع الاحتلال، بل في موقع يمنع أي اختراق سياسي، ويحول القطاع إلى رهينة للخيارات العسكرية. وبدأت أصوات من داخل غزة، تحميل حماس المسؤولية، والمطالبة بوقف القتال، وعودة السلطة الوطنية كحل مرحلي على الأقل يفتح بابًا للنجاة. إن قطاع غزة بدأ يرفع صوته أخيرًا، ليس ضد الاحتلال فقط، بل أيضًا ضد اختطاف القرار الوطني، وضد من يضع الفلسطينيين في مواجهات دموية يدفع فيها المدنيون وحدهم، ثمنًا باهظًا.