نتيجة انتشار الألعاب المائية غير المُرخصة التى تُدار دون إشراف أو تدريب كافٍ ، تتعرض الشواطئ المصرية لمخاطر جسيمة، خاصة بعد تسجيل حوادث مميتة، مثل: اصطدام «جيت سكى» بسباح فى العين السخنة، مما أدى إلى وفاته رغم منع هذه الألعاب رسميًا، بينما تكمن الخطورة فى ممارستها قرب مناطق السباحة.. وفى هذا التحقيق يؤكد الخبراء ضرورة فصل الأنشطة الخطرة عن مناطق الاستجمام، وفرض ارتداء سترات النجاة، ومراقبة التراخيص، وتشديد الرقابة والعقوبات على المخالفين، وتوعية الآباء للأطفال والمراهقين الأكثر عرضة للخطر ، بسبب ميلهم للمغامرة وتقليد الآخرين دون تقدير العواقب، مع تقديم بدائل آمنة. يحذر أحمد القاضى، أحد غواصى مدينة الغردقة، من تواجد الألعاب المائية خاصة الخطرة منها على الشواطئ غير مُؤمنة، ومن يقومون بتشغيلها لا يحملون رخصاً.. ولا يتلقون دوراتٍ تدريبية حول كيفية التعامل مع هذه الألعاب، مثل: «الجيت سكى، الباراشوت، السبيد، ركوب الأمواج الشراعى، الزودياك، والفلاى بورد»، مما يتسبب فى العديد من الحوادث، من بينها: حالة لشخص كان يركب «جيت سكي» ويسير بسرعة جنونية فى العين السخنة بالقرب من الأماكن المُخصصة للمصيفين، فصدم أحدهم وتسبب فى وفاته فوراً، صدر قرار بعد ذلك بمنع الجيت سكى فى البحر الأحمر، وتم تنفيذه، لكن بعد أسابيع قليلة عادت الأمور إلى ما كانت عليه.. ويقول: «إن الإجراءات الآمنة التى يجب تطبيقها فى الأماكن التى توفر هذه الألعاب، تبدأ بضرورة إبعادها تماماً عن المُصطافين والشاطئ، واستخدامها فى المناطق المفتوحة داخل البحر فقط، ويجب إنشاء حواجز ووضع لافتات داخل المياه لفصل كل منطقة عن الأخرى، لمنع مرور هذه الألعاب الخطرة بالقرب من مناطق السباحة ومناطق السنوركلينج والشعاب المرجانية». ويستكمل قائلاً: «إن الألعاب مثل: «البانانا والكواترا والصوفا» يجب أن تُستخدم بالقرب من الشاطئ لأنه أكثر أماناً، بحيث إذا سقط أحدهم فى المياه يكون على عمق بسيط، خاصة لمن لا يجيدون السباحة، مع ضرورة ارتداء «لايف جاكيت». لكن للأسف، ما يحدث هو العكس تماماً ، فكل هذه الألعاب تُمارس فى المياه المفتوحة وبسرعات عالية جداً ، وهذه المناطق قد يكون بها تيارات مائية وانجرافات، ولا تتوافر فيها أى عناصر أمان». ويشرح موضحاً:أن وزارة السياحة متضامنه مع غرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية وهما الجهتان اللتان يجب أن تقرا بصلاحية هذه المعدات من ناحية الأمن والسلامة والجودة بإجراءات السلامة الفنية ، وهما أيضًا من يمنح التصاريح اللازمة لعمل هذا النشاط بالمكان المخصص له ، ويجب عليهما أيضًا وضع برنامج لتوفير بيئة آمنة للسائحين، بالإضافة إلى غياب الدور الرقابى لغرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية الرئيسى لمتابعة تلك الألعاب المائية؛ وللأسف، ما يحدث يسىء لسمعة البلد، ويؤثر بشكل سلبى على إقتصاد السياحة والدخل القومى لأن هذه المنشآت سياحية يجب أن تدار بمنظومة فنية متطورة لضمان حماية أرواح وسلامة السائحين.. ويقترح أنه للحد من كل هذه المشكلات، يجب إنشاء حواجز فى المياه باستخدام كور أو شباك لفصل المناطق المفتوحة عن الآمنة التى يُسمح للمصيفين بالسباحة فيها، مع وضع علاماتٍ ولافتات استرشادية داخل المياه، وضرورة وجود مراقبة دورية وتفتيش على كل من يمتلك جيت سكى أو غيره من الألعاب المائية الخطرة، مع التأكيد على التصاريح وخبرة من يشغله، و الصيانات الدورية الخاصة به، ويجب أن تكون هناك لجان تفتيش مفاجئة. وحذر القاضى من سماح الآباء والأمهات لأبنائهم الصغار والمراهقين بركوب هذه الألعاب الخطيرة، فهى تماماً مثل سيارة تطير على سطح الماء، والكوارث تحدث فى جزء من الثانية، وما يسبب الحوادث إما أن يكون شخصاً يسير بسرعة كبيرة، وفجأة بدلاً من الضغط على الفرامل يضغط على البنزين فيصطدم بأى شىء أمامه، أو أن يكون أحد المصيفين يسبح أو يمارس السنوركلينج أو أحد الغطاسين فى طريقه للصعود من تحت المياه، وبمجرد خروجه يصطدم به قائد الجيت سكى. التصاريح والتراخيص ومن جانبه، يقول باسم حلقة، نقيب السياحيين: «إن تراخيص بعض هذه الألعاب المائية ترجع للمحافظة أو المحليات التابعة لها الشواطئ، بالإضافة إلى أن أمن القرى السياحية عليه دور كبير، فهو المسئول عن متابعة التصاريح والتراخيص والبطاقات الضريبية والسجلات التجارية الخاصة بالأماكن التى تؤجر هذه الألعاب للمُصطافين والسائحين. وللأسف، هناك بعض القرى لا تُولى هذا الملف أى اهتمام، وتعتبر هذه الألعاب أنشطة داخلية عادية طالما أنها قريبة من الشاطئ، لكن الصحيح أن أى شيء يُستخدم داخل البحر يجب مراجعة تصاريحه وتراخيصه، وإلا ستُفرض العقوبات والغرامات على من يخالف القوانين». إجراءات السلامة وقال المهندس محمد عزب، خبير السلامة والصحة المهنية: «إن إجراءات السلامة العامة على الشواطئ تبدأ بضرورة وجود منقذين مُؤهلين فى كل منطقة سباحة، مزودين بمعدات إنقاذ مثل: الطوافات والأنابيب الطافية وأجهزة الاتصال اللاسلكى. كما شدد على أهمية تحديد مناطق السباحة باستخدام عوامات أو حواجز لمنع دخول الألعاب المائية، مع وضع لافتاتٍ تحذيرية واضحة من المخاطر مثل: التيارات المائية أو المناطق الصخرية». وأضاف: «وجود نقطة إسعاف أولى مزودة بالمعدات والأدوية الأساسية أمر لا غنى عنه، إلى جانب ربط مباشر بخط طوارئ مع المستشفيات القريبة، وأشار إلى أهمية مراقبة جودة المياه والتخلص من الأجسام الخطرة مثل: الأحجار الحادة والزجاج المكسور». وفيما يخص الألعاب المائية مثل: الجيت سكى والبانانا بوت وغيرهما، أوضح ضرورة إجراء فحص دورى للمعدات والتأكد من صلاحيتها، وأن يكون السائقون حاصلين على رخص قيادة بحرية أو دوراتٍ مُعتمدة، وحذر من تشغيل هذه الألعاب فى الأحوال الجوية السيئة. وأكد على ضرورة ارتداء سترة نجاة مُعتمدة للجميع أثناء الاستخدام، ومنع الأطفال من ركوب الألعاب دون إشراف أو دون بلوغ السن المناسبة ، بالإضافة إلى الحفاظ على مسافاتٍ آمنة وتحديد مسارات منفصلة للأنشطة الخطرة، وشدد على أهمية فحص المعدات بعد الاستخدام والإبلاغ عن أى أعطال، وعدم ترك الجيت سكى أو القوارب دون تأمين، وحذر من استخدام الجيت سكى ليلاً دون إضاءة ملاحية، وأكد على ضرورة فرض عقوباتٍ على من يقوده بتهور أو بسرعة بالقرب من الشاطئ، واقترح تركيب لافتات توعوية، منها: «ممنوع السباحة فى منطقة الجيت سكي»، و»الرجاء ارتداء سترة النجاة»، و»الألعاب المائية مُخصصة لأعمار 12 فقط». نصائح للأمهات والآباء ومن جانبها توضح د. بسمة سليم، أستاذة علم النفس الإكلينيكى: « أن الأطفال والمراهقين والشباب يميلون إلى حب التقليد، والرغبة فى إثبات أنهم لا يخافون من الألعاب الخطرة، وغالباً ما يكون لديهم نقص فى هرمون الدوبامين الخاص بالفص الصدغى الأمامى فى المخ، والذى يحفز غالباً بالإثارة والمخاطرة، مما يجعلهم يمارسون هذه الألعاب الخطرة دون إدراك لعامل الخطر». وللتحكم فى الأمر ومحاولة منع الأبناء من ممارسة هذه الألعاب، تنصح د. بسمة الآباء والأمهات بضرورة منع الأبناء من القيام بهذه الأفعال التى تمثل خطورة شديدة.. وقد تتسبب فى فقدان حياتهم، مع شرح خطورة الأمر ومحاولة إيجاد بدائل، ويجب أن يعرفوا جيداً أنه ليس كل شيء متاحاً فى أى وقت، وأنه ليس من المُفترض تجربة الأشياء التى تنطوى على بوادر خطر، وأنه لا مبرر لوضع النفس طواعية فى مواقف خطرة. وتضيف: «أن هناك أبعاداً أخرى للمشكلة، مثل: تعود الأبناء على مشاهدة أفلام الرعب أو ممارسة ألعاب عنيفة بها جوانب خطر. لذلك، يجب توعيتهم بخطورة الأمر من خلال المنطق والإقناع والاستشهاد بحوادث واقعية، ويجب أن يكون الرفض قاطعاً لا رجعة فيه، لأنه فى النهاية نابع من الخوف عليهم، مع وجود رقابة، وتعزيز الشعور بداخلهم أن الخوف من الخطر مطلوب فى بعض المواقف، وأن الخوف لا يعنى الجبن، بل هو دليل على العقلانية والحفاظ على الحياة». أمراض المصايف وعن الأمراض التى تصيب الأسر فى المصايف نتيجة التعرض فتراتٍ طويلة للحرارة والشمس ومياه البحر والكلور فى حمامات السباحة، يقول د. سعيد شلبى، أستاذ أمراض الباطنة بالمركز القومى للبحوث: «إن هناك نوعاً من الفيروسات المنتشرة فى هذه الفترة، تصيب الجهاز الهضمى، وتسبب ارتفاعاً فى درجات الحرارة وآلاماً فى البطن وإسهالاً وميلاً للقىء، وليس لها علاج محدد، وما يمكن فعله هو علاج الأعراض مثل: تناول خوافض الحرارة أو مطهر معوى وتعويض السوائل لتجنب الجفاف، مع الحذر من العدوى البكتيرية الثانوية الناتجة عن شرب مياه غير نظيفة أو تناول خضراوات وفواكه دون غسيل جيد، لأن هذه العدوى سوف تزيد الأمر سوءاً».. وأشار إلى أن الناس فى المصايف ينامون والنوافذ مفتوحة بسبب الحرارة، وفى وقت الفجر يبرد الطقس، مما يؤدى إلى إصاباتٍ بالبرد والرشح وارتفاع فى درجة الحرارة وأعراض تنفسية متعددة، وهو أمر شائع.. وأكد أن التعرض للشمس لفتراتٍ طويلة يؤثر سلباً على المصيفين، خاصة الأطفال وأصحاب البشرة الفاتحة، حيث تؤدى الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء إلى حروق جلدية.. أما كبار السن ممن تجاوزوا الستين عاماً، فقد تظهر على جلدهم بقع بنية خاصة فى الوجه والكفين، وعند تعرضها المستمر للشمس قد تتحول إلى سرطان جلد، لذا شدد على ضرورة استخدام الكريمات الواقية من الشمس. ويشير د. سعيد إلى أن نزول البحر أو حمامات السباحة لفتراتٍ طويلة قد يؤدى إلى الإصابة بالإسهال بسبب شرب المياه المالحة أو تلك التى تحتوى على كلور ومواد أخرى، مؤكداً على ضرورة توعية الأطفال بعدم ابتلاع المياه قدر الإمكان.