،، يعزز الاتحاد الأوروبى ومصر علاقاتهما فى ظل التحديات المشتركة التى تواجههما، كما تزيد بروكسل دعمها الاقتصادى للقاهرة، وهو ما ظهر فى الموافقة على الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالى لمصر بقيمة 4 مليارات يورو.. «الأخبار» التقت السفير أحمد أبو زيد ، سفير مصر لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبى، والذى أكد أن بدء صرف الدعم المالى، سيكون قبل نهاية العام الجارى، كما أشار إلى مواجهة السفارة الدعوات التخريبية لمهاجمة السفارات المصرية على خلفية الحرب فى غزة، وتحدث عن الكثير من القضايا الهامة ،، بدء صرف الشريحة الثانية من الدعم المالى قبل نهاية العام من يحاول الاعتداء على السفارات المصرية مصيره السجن ■ كيف تطورت العلاقات «المصرية - الأوروبية» بعد توقيع اتفاق الشراكة العام الماضى؟ العلاقات «المصرية - الأوروبية»، ممتدة ومتشعبة تاريخياً، لكن نقطة التحول الرئيسية كانت التوقيع على الشراكة الاستراتيجية والشاملة العام الماضى والتى ارتفعت بالعلاقة، حيث لم تصل علاقة الاتحاد الأوروبى لمستوى الشراكة الاستراتيجية سوى مع عدد محدود من الدول، وبالتالى عندما تكون مصر الدولة الأولى فى الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا التى لها هذه الوضعية، فهذا فى حد ذاته مؤشر على أهمية مصر للاتحاد الأوروبى وأهمية الاتحاد الأوروبى بالنسبة لمصر. مصر شريك مهم ■ ما دلالة موافقة الاتحاد الأوروبى على الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالى لمصر؟ حزمة الدعم المالى الكلى، جاءت فى إطار اتفاق الشراكة الاستراتيجية والشاملة، وهو يمثل مبادرة من جانب الاتحاد الأوروبى للدعم الاقتصادى لمصر فى ضوء الوضع الاقتصادى العالمى والإقليمى، وتأثيره على الاقتصاد المصرى، مع وجود حالة توتر شديد فى الشرق الأوسط تؤثر على الملاحة البحرية فى البحر الأحمر وأثرت على عوائد قناة السويس. والاتحاد الأوروبى يرى أن مصر شريك مهم للغاية لدعم الاستقرار والسلام. ولكى تستمر مصر فى القيام بدورها الإقليمى للاستقرار ودعم السلام وحل النزاعات فى المنطقة، ارتأى الاتحاد الأوروبى أهمية دعم مصر اقتصادياً بحزمة من 5 مليارات يورو، مقسمة إلى شريحتين الأولى تم صرفها فى نهاية العام الماضى بقيمة مليار يورو، والحزمة الثانية تم إقرارها فى يونيو الماضى من جانب كل من البرلمان الأوروبى والمجلس الأوروبى جهتى التشريع فى الاتحاد الأوروبى. وقد جاء قرار الموافقة على الشريحة الثانية بعد مفاوضات شاقة مع المجلس الأوروبى والبرلمان الأوروبى، الذى يضم أكثر من 740 عضواً يمثلون اتجاهات سياسية مختلفة، وعملت السفارة المصرية فى بروكسل على التواصل اليومى الدائم مع كافة الأطراف مما نتج عنه اتخاذ القرار بأغلبية كبيرة وبإجماع الدول الأعضاء، مما يعبر عن خصوصية العلاقة بين مصر والاتحاد الأوروبى وأنها فى صالح كل منهما. ■ متى سيتم صرف الدفعة الأولى من الشريحة الثانية لحزمة الدعم المالى؟ من المتوقع بدء صرف الشرائح الأولى منها قبل نهاية العام الجارى، وصرف هذه الحزمة مرتبط بإصلاحات اقتصادية من خلال البرنامج الذى يتم تنفيذه مع صندوق النقد الدولى، ويجب أن يتأكد الجميع أن الإصلاحى الاقتصادى على المسار الصحيح، مما يجعل المشرعين فى الاتحاد الأوروبى فى ثقة من أن هذا الدعم سيحقق الاستفادة القصوى، وبالتالى كان هناك تفاوض وحوار حول برنامج الإصلاح الاقتصادى، وتفاعل من جانب السفارة المصرية فى بروكسل بشكل يومى مع المجموعات المختلفة السياسية فى البرلمان الأوروبى، لشرح أيضاً الدور المصرى فى المنطقة وجهودها لإحلال السلام فى القضية الفلسطينية والسودان وسوريا وكل الأزمات المحيطة. ■ ماذا عن القمة المصرية - الأوروبية المرتقبة؟ اتفاق الشراكة الاستراتيجية والشاملة نصت على عقد قمة كل عامين، والمفترض أن القمة ستعقد هذا العام، لتكون القمة الأولى فى الإطار الجديد للعلاقات، وهو ما يعطى قوة دفع أخرى جديدة تعزز العلاقات والتنسيق الإقليمى، لأنه يعطى الفرصة لكل طرف لطرح أولوياته واهتماماته، والدخول فى تشاور سياسى حول الوضع الإقليمى والدولى والتحديات التى نواجهها، فى ظل مرحلة غير مسبوقة من التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية، سواء فى القارة الأوروبية أو الشرق الأوسط أو العالم،وهو ما يتطلب مزيد من التشاور والتفاعل بين الشركاء. ■ هل يطرح الاتحاد الأوروبى اشتراطات معينة فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان؟ مسار الإصلاحات السياسية فى مصر يكون محل نقاش بين الشركاء، وهذا أمر طبيعى لأن كل شريك يكون مهتماً باستقرار الوضع الاجتماعى فى الدولة الأخرى، كما أن الاتحاد الأوروبى بمقدوره المساعدة فى عمليات الإصلاح المؤسسى والاقتصادى والسياسى.. ولم نرصد أى محاولة لفرض شروط معينة من جانب الاتحاد الأوروبى ومختلف الشركاء، ومصر لم ولن تقبل بشروط، بالتالى نحن نتحدث عن عملية الإصلاح الاقتصادى والسياسى فى مصر، وهى عملية وطنية تقوم بها الدولة لصالح شعبها وانطلاقا من مسئوليتها تجاه مواطنيها، ونحن مدركون أن شركاءنا مهتمون بمتابعة هذا المسار، وبالتالى لا نخفى أى شىء، بالعكس مصر استقبلت وفودا خلال الأشهر الماضية من معظم المجموعات السياسية فى البرلمان الأوروبى، للقاء مختلف المسئولين والمجتمع المدنى لفهم طبيعة الأوضاع فى مصر. القضية الفلسطينية ■ كيف ترى موقف الاتحاد الأوروبى من الحرب فى غزة؟ موقف الاتحاد الأوروبى بشكل عام إيجابى من حيث التضامن مع القضية الفلسطينية والتأكيد على ضرورة احترام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، وقد أكد العديد من القادة الأوروبيين أن المعاناة الإنسانية فى غزة لا يمكن أن تستمر، لكن ما نشهده من انتهاكات يومية للقانون الدولى يجعل المواقف الأوروبية لا بد أن ترقى إلى مستوى أعلى من البيانات إلى إجراءات وعقوبات على الاستيطان. وندرك أيضاً أن هناك قيودا داخل الاتحاد الأوروبى نتيجة اختلافات المواقف بين بعض الدول فى ظل آلية اتخاذ القرارات بشكل جماعى، وبالتالى أحياناً المواقف المتخذة ربما لا ترقى للمستوى الذى ننتظره أو نتوقعه، ولذلك نحن مستمرون فى التفاعل وفى الضغط وفى شرح أهمية إن تطوير الموقف الأوروبى تجاه القضية الفلسطينية ليكون أكثر تأثيراً. وحالياً تتم مراجعة لاتفاقية المشاركة الأوروبية مع إسرائيل لبحث مدى انتهاكها لحقوق الإنسان، وفى هذه المرحلة مصر مع شركائها العرب يقومون بدور فى تشجيع الدول الأوروبية على اتخاذ مواقف أكثر قوة باتجاه الحق الفلسطينى، وتابعنا تزايد الاعتراف بالدولة الفلسطينية. والجانب الأوروبى يحرص على الاستماع إلى الرؤية المصرية بشأن الحرب فى غزة وهناك حوار سياسى للاستعداد لمؤتمر إعادة الإعمار والتعافى المبكر فى القطاع، كما يعمل الاتحاد الأوروبى على إبقاء حل الدولتين مطروحاً على الطاولة باعتباره الحل الجذرى للقضية الفلسطينية. ■ كيف يتم التواصل مع الجاليات المصرية قبل الاستحقاقات الانتخابية المهمة هذا العام؟ حريصون جداً على التواصل مع التجمعات المصرية طبعاً فى الخارج، وهناك حرص واضح من جانب الجاليات أن يكون لها دور فاعل ويكون لها نشاط وحرص مقابل من جانب الدولة المصرية والسفارات ووزارة الخارجية والهجرة على التواصل، وعلى تنظيم فعاليات، ومن الملاحظ منذ تولى الوزير د. بدر عبد العاطى وضم وزارتى الخارجية والهجرة هناك تنشيط لملف المصريين فى الخارج، وهو ما يهدف إلى شرح الوضع فى مصر والتحديات التى تواجهها والفرص المتاحة، وتأكيد توافر الخدمات القنصلية وحل المشكلات، وعرض المبادرات من الدولة مثل استيراد السيارات والتجنيد وغيرها. وفيما يتعلق بالانتخابات، بدأنا الاستعدادات اللوجيستية منذ فترة للعمل على تهيئة الظروف للمواطنين لتكون عملية الانتخاب سهلة ومريحة، وستعقد انتخابات مجلس الشيوخ يومى الأول والثانى من أغسطس فى دورتها الأولى ثم يومى 25 و26 أغسطس للدورة الثانية. ■ كيف تواجه السفارة الدعوات التخريبية لمهاجمة السفارات المصرية على خلفية الحرب فى غزة؟ نلاحظ محاولات للقيام بأعمال تخريبية توحى وكأن المسئول عن حصار غزة هى مصر، وهى محاولات مشينة تدعو للاشمئزاز أن نجد هذه الانتهازية السياسية من بعض التيارات المعروفة لمحاولة استغلال معاناة الشعب الفلسطينى الناتجة عن تصرفات الاحتلال، لتحقيق أغراض سياسية، وهذه المحاولات مفضوحة لأنه من المعروف أن مصر تبذل كل الجهد لإدخال المساعدات والوساطة لوقف الحرب، وما نسمعه من كافة الشركاء هو التقدير لما تقوم به مصر، والكل يعلم من هو المتسبب فى عدم دخول المساعدات، والكل يعلم من المسيطر على الجانب الآخر من المعبر. وبالتالى، هى محاولة رخيصة وليست ذات تأثير، وطبعا السلطات المحلية تأخذ إجراءاتها على الفور، لأن هذا يمثل اعتداء على مقر بعثة دبلوماسية مجرم قانوناً، وبالتالى أى شخص يقدم على تلك الأعمال سيكون مصيره السجن، ولا يتصور أحد أن هذا يعد من قبيل حرية التعبير عن الرأى، لأن التظاهر يكون بترخيص وفى أماكن محددة، أما الاعتداء على بعثة دبلوماسية فهو جريمة مكتملة الأركان. وقد تواصلت السفارة المصرية فى بروكسل مع الشرطة البلجيكية التى أفادت أنها ترصد أى تحركات وإذا حدث مثل هذا الشىء ستتخذ إجراءات قانونية على الفور. الاهتمام الاستثمارى ■ كيف تقيم تطور العلاقات الثنائية بين مصر وبلجيكا؟ فى مؤتمر الاستثمار الأوروبى فى يونيو 2024 وقعت شركات بلجيكية كبرى العديد من العقود الضخمة أحدها بقيمة 4 مليارات يورو فى مجال الهيدروجين الأخضر، وبالتالى الاستثمارات البلجيكية فى مصر فى تزايد، وهناك شركات كثيرة فى مجالات الإنشاءات والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، كما من المهم الإشارة إلى اتجاه العديد من المصريين للدراسة فى تخصصات متقدمة فى الجامعات البلجيكية. كما أن هناك اهتماما كبيرا من جانب مستثمرى لوكسمبورج بالقدوم إلى مصر ونعمل الآن على الإعداد لزيارة وزير الخارجية والتجارة إلى القاهرة بصحبة وفد من رجال الأعمال فى بداية العام المقبل. وبالتالى الاهتمام الاستثمارى موجود فى ظل وجود مناطق اقتصادية مثل قناة السويس والعمالة المصرية المدربة وهى أقل تكلفة من دول أخرى، فضلاً عن حوافز الاستثمار من جانب الدولة والقرب الجغرافى من أوروبا. ■ كيف تطور مصر علاقاتها مع حلف شمال الأطلنطى «الناتو»؟ الحلف أنشأ منذ سنوات آلية للتعاون مع مجموعة اسمها شركاء حوار المتوسط من 7 دول بينها مصر، مما يعبر عن اهتمام الحلف بالتعاون مع جواره الجنوبى إدراكاً لوجود تحديات أمنية تؤثر على مصالح دول الحلف مثل الإرهاب وأمن الملاحة الدولية والهجرة غير الشرعية والجرائم العابرة للحدود ومكافحة الألغام. كل هذه موضوعات الناتو حريص على دعم قدرات دول الجنوب فيها. ومصر عندما تدخل فى الشراكة مع دول العالم حريصة ألا تقع فى فخ التحالفات والاستقطاب لأن مصر لديها علاقة متوازنة مع شركائها جميعا، فهى حينما تتعاون مع الناتو لا تكون فى مواجهة محور آخر، والحلف يدرك ذلك ويتفهمه ويحترمه، وجميع شركائنا يدركون أن سمة علاقات مصر الخارجية هى تنويع الشركاء وعدم الدخول فى استقطاب.