كانت ثورة يوليو كالبدر فى ليلة ظلماء حالكة السواد انتصر فيها الجيش العظيم لأبناء مصر لتبدأ ثورة الإنجازات الكبرى ستظل ثورة 23 يوليو 1952 يوما محفورا بحروف من نور وسيتوقف التاريخ أمامها كثيرا يتذكرها بالتحليل والتدقيق.. هذا اليوم من تلك الأيام المشهودة فى المحروسة.. ثورة 23 يوليو 1952 هى الثورة الأم لكل الثورات التى قامت فى المنطقة واستلهمت منها قيم التحرر والعدالة والعيش الكريم وأن تكون مواطنا فى وطنك لا غريبا عنه.. ثورة غيرت الحياة على أرض مصر وامتد تأثيرها إلى العالم كله فكانت صرخة لكل المظلومين ولكل الباحثين عن الحرية فى كافة بلدان العالم المحتلة. كانت ثورة ملهمة بكل المقاييس خلصت مصر من الاحتلال الأجنبى ورفعت رايات التحرر وأعادت مصر إلى أبنائها. وستبقى إنجازاتها منارة حية.. كانت ثورة بيضاء ناصعة بالمعنى الكبير وانتصارا لكل القيم النبيلة عندما وضع الشعب يده مع جيشه العظيم من أجل تحرير القرار الوطنى لا يشبهها الا ثورة 30 يونيو 2013 عندما هب المصريون لإنقاذ الوطن من الاحتلال الإخوانى البغيض واستجاب أيضا جيش مصر ملبيا النداء ومحققا لآمال وتطلعات هذا الشعب. لعل التشابه الكبير بين الثورتين ليس فقط فى تحرك الجيش لنصرة شعبه بل فيما تحقق بعد ذلك من إنجازات تحققت على أرضنا بفضل الإرادة الصلبة والتطلع إلى بناء الوطن معتمدا على سواعد أبنائه وولادة زعيمين ملهمين يعشقان مصر ويسابقان الزمن من أجل تحقيق آمال وأمانى هذا الشعب. هكذا عاش جمال عبد الناصر فى وجدان المصريين.. لن ننساه فهو أول من «طبطب» على أكتافهم بعد سنوات طويلة كان معظمهم لا يملك قوت يومه.. كانوا لا يملكون الأرض فملكهم أرضهم بقانون الإصلاح الزراعى الذى جعل الفلاح لأول مرة فى حياته يتحول من خانة الأجير إلى مالك لها.. فقراء مصر تحديدا يفخرون بجمال الذى وقف فى صفهم وساعدهم على الحياة الكريمة وأعاد لهم كرامتهم بعد أن كانوا عبيدا لأسياد ذلك الزمان. عبد الناصر صاحب مشروع العدالة الاجتماعية وصاحب مشروع السد العالى الذى أنار مصر من أقصاها إلى أقصاها والصناعات الثقيلة وقلاع الصناعة فى المحلة وكفر الدوار وشبرا الخيمة. كانت ثورة يوليو كالبدر فى ليلة ظلماء حالكة السواد انتصر فيها الجيش العظيم لأبناء مصر لتبدأ ثورة الإنجازات الكبرى وملحمة البناء التى تشمل كل مصر من أقصاها إلى أقصاها. وحظى ملف العدالة الاجتماعية باهتمام غير مسبوق فى عهد عبد الناصر. كانت جنازة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر خير شاهد على حب الشعب فقد خرج الملايين فى وداعه فى مصر وأقيمت صلاة الغائب عليه فى مختلف بقاع العالم العربى.. كانت الملايين تبكى فقدان الرجل الذى أنصف الفقراء وكان لهم «الضهر» والسند. 73 عاما مرت على ثورة يوليو 1952 وما تزال عنوانا للكرامة والعزة والفخر وستبقى دائما هى الحدث الذى تغيرت معه حياة مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعدما تمكنت من تحرير الوطن من المحتل الأجنبى وإقامة الجمهورية، وإذا كان لكل ثورة إيجابياتها وسلبياتها وإنجازاتها وإخفاقاتها فمما لا شك فيه أن حصيلة ثورة يوليو كانت فى سعيها المستمر إلى تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية وإزالة الفوارق بين الطبقات والاهتمام بالصحة والتعليم والثقافة وإعادة الكرامة للعامل والفلاح والقضاء على الإقطاع. لقد أحدثت ثورة يوليو تحولات ثقافية واقتصادية جوهرية فى مصر أعيد على إثرها صياغة التركيبة الاجتماعية والطبقية وأخرجت مصر من حالة التبعية للخارج. كانت الثورة هى العصر الذهبى للطبقة العاملة المطحونة الذين عانوا اشد المعاناة من الظلم وأصبح الفقراء قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء وأطباء وقضاة.