ما تفعله إسرائيل فى سوريا تسلسل طبيعى لانتهاكاتها لكل القوانين الدولية والإنسانية منذ أكتوبر 2023، بدعم أمريكى ووسط صمت دولى يصل لحد التواطؤ، فقد غَضَّ العالم بصره عن إبادتها الجماعية للفلسطينيين فى غزة، وعن مجازرها بالضفة، وعن توغلها فى الأراضى اللبنانية، وعن انتهاكها للسيادة السورية عندما دمرت قدراتها العسكرية واستولت على كامل الجولان فور سقوط الأسد، وعن خرقها للأعراف والمواثيق الدولية عندما باغتت ايران بضربة عسكرية وعندما اغتالت إسماعيل هنية فى قلب طهران.. ولأنها أمنت المحاسبة، تمادت فى إساءة الأدب وتحولت «لبلطجى» المنطقة الذى يعيث فى الأرض فسادًا يمينًا ويسارًا دون وازع أو رادع، فلم تكتف بقضم الأراضى السورية دون حق، ولكن دعست سيادة الدولة بأقدامها عندما ضربت آليات للجيش السورى لمنعها من دخول مدينة السويداء «السورية» لفرض الأمن فيها، وبلغ بها «الفُجر» أن تطلب من القوات السورية الانسحاب التام من المدينة، التى تقع فيما أعلنته إسرائيل من جانب واحد منطقة منزوعة السلاح جنوبسوريا، بزعم فرض حمايتها على طائفة الدروز السورية المتمركزة هناك، بل وقصفت هيئة الأركان السورية ومحيط قصر الشعب الرئاسى فى قلب العاصمة دمشق كرسالة تهديد مباشرة للنظام.. ولا يخفى على أحد أن المسارات التى تسير فيها إسرائيل بالتوازى، عبر إعادة رسم جغرافية الضفة الغربية وتفريغ شمال ووسط غزة، والاحتفاظ بالسيطرة على مناطق فى الجنوب اللبنانى، واغتصاب المزيد من الأراضى السورية، بذريعة حفظ أمن إسرائيل القومى وتأمين مواقع عازلة حول حدودها، ما هو إلا خطة ممنهجة لخلق واقع على الأرض يكرس خريطتها للشرق الأوسط الجديد ويمنحها توسعًا جغرافيًا تعرف أن هذا هو الوقت المثالى له فى ظل وجود ترامب فى السلطة، ودعونا لا ننسى تصريحات ترامب فى أول مؤتمر صحفى له عن الشرق الأوسط فى ولايته الثانية، عندما قال إن «إسرائيل صغيرة جدًا فى الشرق الأوسط، مثل رأس القلم مقارنة بالطاولة، وهذا ليس جيدًا»!!