لا ينظر الفنان التشكيلى محمد عبد الرحمن إلى الخط العربي، على أنه مجرد رموز لتوصيل المعاني، ولكن يتعامل معه على أنه كائن حي، يمتلك طاقة خاصة، يرى فى كل حرف حركة تصدر نغمة تميزه، ويؤكد أن الخط العربى وسيلة للتعبير عن عمق المشاعر. لم يظهر تأثير الخط العربى على لوحاته الفنية فقط، ولكن امتد إلى عمله كمهندس معمارى من خلال تصميمات البناء واستغلال المساحات، وكيف أن كل عنصر معمارى يشكل جزءا من تكوين أكبر، فبدأ يدمج بين الخط العربى والتكوينات، بحيث أصبحت الحروف جزءا من الكتل المعمارية، ليستمتع بتجسيد النصوص ضمن تكوينات تمزج بين الخطوط الهندسية والتعبيرات البصرية. اقرأ أيضًا| غنائيات البهجة والحداثة فى فضاء التصوير يقول الفنان محمد عبد الرحمن: «2003 كان عاما مفصليا فى مسيرتي.. قررت أن أتجاوز حدود الخطوط التقليدية، بإنتاج لوحات تجريدية وإنطباعية، متأثرا بمفاهيم الخط العربي، وتوسعت فى استخدام الألوان والخامات المختلفة، من خلال تجربة تفاعلية تشمل المشاعر، والتفكير، والذوق. ليصبح كل عمل حوار بين الشكل والمضمون، وبين الحرف واللون، وبين الخط والمساحة». وعام 2009 كان نقطة تحول أخرى، مع بداية ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، حيث التكنولوجيا منصة جديدة لتوسيع دائرة التأثير، فأنشأت صفحة باسم «فكرة، لون، كلمة» وكانت بداية التفاعل المباشر مع الجمهور، خاصة أصدقائى من المعماريين والفنانين، وبدأت فى استخدام الحروف بشكل مبتكر لخلق رؤية بصرية موازية لنصوص شعرية وأدبية، مما منحنى فرصة لاكتشاف أبعاد جديدة للفن. ويضيف: فى 2011، أخذ التفاعل يتوسع مع جمهور أكبر من المهتمين بالفن، وبدأت التجربة تشهد تطورا فى الأسلوب، مع إضافة التعاون مع الشعراء، بإنتاج أعمال فنية مستلهمة من قصائد شعراء معاصرين، فأصبحت الأعمال تحمل رسالة أكبر من كونها مجرد لوحات. وفى العام التالى جاء أول معرض خاص بعنوان «أرقام سرية» والذى كان مستلهما من قصائد الشاعر ميسرة صلاح الدين، ثم معرض «التأشيرة» بدار الأوبرا المصرية، مستلهما من قصائد الشاعر هشام الجخ، وكان المعرض يحمل رسالة دعوة لإلغاء التأشيرات بين المواطنين العرب، ودعوة للتوحد من خلال الفن، حيث الحرف العربى الرابط الأساسى والعامل المشترك. اقرأ أيضًا| في ذكراه| محمد حمزة .. شاعر من الزمن الجميل فى الفترة نفسها، بدأت فى التعاون مع شعراء مثل ممدوح فوزى و نور الدين الشريف، والعمل على مشاريع مستلهمة من شعر ابن عربى و جلال الدين الرومي. كنت دائما أسعى للتعبير عن الروحانية والبحث عن الجوهر الداخلى من خلال تداخل النصوص الشعرية مع الرموز البصرية، كما شاركت بمعرض دولى للألوان المائية بإيطاليا وآخر بتركيا مع فنانين من حول العالم ومعرض أمواج 3 وأمواج 4 بالمشاركة مع فناني الإسكندرية. ويستكمل: «بدأت أستكشف الأساليب الحديثة مثل الميكسيد ميديا، حيث دمجت الخامات المختلفة مع التصميم الرقمي، كانت هذه الأعمال تمثل تطورا فى أسلوبي، ما أتاح توسيع دائرة الجمهور من المهتمين بالفن، وأصبحت أعمالى متاحة للعرض الرقمي». فى الوقت الحالى تغيرت طريقة محمد قرر أن يعرض لوحاته بطريقة مبتكرة عبر لقطات للتصميمات الداخلية، بحيث تكون اللوحة جزءا من البيئة التى يعيش فيها الشخص، بهدف دمج الفن فى الحياة اليومية، كتفاعل مباشر بين الفن والمجتمع، بحيث يصبح الفن أداة لتجديد المكان والروح.