يمر ثلاثة وسبعون عاما، ولا تزال ثورة 23 يوليو يتردد صداها على صفحات الرواية المصرية، حيث شكّلت لحظة مفصلية في التاريخ المصري، ألهمت أجيالًا من الكتّاب والروائيين، احتفت بها باعتبارها وعدًا بالخلاص والعدالة الاجتماعية. يقول الناقد د.شريف الجيار عميد كلية الألسن بجامعة بنى سويف الأسبق: تعد ثورة 23 يوليو 1952، حدثًا مفصليًّا فى تاريخ مصر المعاصر، إذ أنهت الحكم الملكي، وأعلنت قيام الجمهورية، ولم يكن المشهد الثقافى والإبداعي، بعيدًا عن هذه التحولات الكبرى، على الصعيد السياسي والاجتماعي، لا سيما المتخيل الروائي، الذى التقط نبض المرحلة، وتفاعل معها بآليات متباينة، وطرح قراءات تاريخية وفلسفية لهذا الحدث الجلل، فتجلت رواية الخمسينيات والستينيات الواقعية؛ التى دعمت الثورة واحتفت بها، وبالحلم الجماعى للشعب المصري؛ حيث رأى كثير من الأدباء، أن الثورة تمثل أملًا فى التغيير الاجتماعي، والتحرر من الفساد والملكية والاستعمار، كما نجد فى روايات رد قلبي، والله معنا ليوسف السباعي، وغروب وشروق لجمال حماد، وفى بيتنا رجل لإحسان عبد القدوس، وصح النوم ليحيى حقي، وبين القصرين لنجيب محفوظ، والحرام ليوسف إدريس وغيرها، فظهرت الطبقات الكادحة والفلاحون والعمال، فى طوايا السياق الروائي، كأبناء الريف، والعشوائيات، والطبقة الوسطى الصاعدة. ◄ اقرأ أيضًا | ثورة 23 يوليو| ظهور خاص.. «ناصر» بجوار السيسي في ميادين «30 يونيو» وقد اتجهت الرواية إلى مساءلة المشروع الثوري، لا سيما بعد أزمة 1967، فظهر هذا الارتباك الوجودي، والواقع المأزوم، عبر سياقات روائية، تستعين بالرمزية والتاريخ كقناع نقدي، لترصد تحولات ما بعد الثورة، كما يتجلى فى روايات اللص والكلاب، والطريق، وثرثرة فوق النيل لنجيب محفوظ، وروايات اللجنة وتلك الرائحة لصنع الله إبراهيم، والزينى بركات لجمال الغيطاني، وغيرها. ومن ثم استطاعت الرواية المصرية، أن تتمثل التحولات الاجتماعية والسياسية والفكرية، التى أحدثتها هذه الثورة المجيدة. تحدثت الناقدة د.فاطمة الصعيدى قائلة: يمثل الثالث والعشرون من يوليو 1952 يومًا مجيدًا فى التاريخ المصري المعاصر، إذ عبر عن آمال المصريين فى الحرية والاستقلال. كثير من الأعمال الأدبية منها ما رصده يحيى حقى فى روايته صح النوم فى إشارة إلى ما كان يجرى قبل ثورة يوليو وبعدها، كما قدمت رواية الأرض لعبد الرحمن الشرقاوى حال الفلاح المصرى الذى يعانى من السخرة وتسلط الإقطاع الذى كان القضاء عليه محورًا من محاور ثورة يوليو المجيدة.