رسالة واشنطن: منى العزب سميحة شتا أثار إعلان رجل الأعمال إيلون ماسك اعتزامه إنشاء حزب جديد حالة من الجدل فى الأوساط السياسية الأمريكية، حول تأثير ذلك على الخريطة السياسية الأمريكية، خاصة بعدما أظهرت الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة وجود حالة من التخبط السياسى داخل الحزبين الحاليين الجمهورى والديمقراطي، وسط مطالبات بتعديلات حزبية جوهرية فى كلا الحزبين. وأعلن الملياردير الأمريكي، ذو الأصول الجنوب إفريقية إيلون ماسك، وحليف الرئيس دونالد ترامب، قبل أن تنتهى علاقتهما مؤخرا، أنه تم تأسيس حزبه السياسى الجديد الذى أطلق عليه اسم «حزب أمريكا». اقرأ أيضًا| ماسك: الحظر المحتمل لحزب «البديل من أجل ألمانيا» سيكون هجوما متطرفا على الديمقراطية وكتب رئيس شركتى تيسلا وسبيس إكس على شبكته الاجتماعية إكس «عندما يتعلق الأمر بإفلاس بلدنا بسبب الهدر والفساد، فإننا نعيش فى نظام الحزب الواحد، وليس فى ديمقراطية»، مضيفا «اليوم، تم تأسيس حزب أمريكا ليعيد لكم حريتكم». وكان إيلون ماسك الذى أنفق ما يقرب من 300 مليون دولار للمساعدة فى انتخاب ترامب، عارض بشراسة مشروع قانون الميزانية «الكبير والجميل» الذى قدمه الرئيس الأمريكي، ووعد بتأسيس حزب سياسى جديد إذا تم تمرير مشروع القانون. وبدأت تهديدات ماسك بتأسيس حزب جديد منذ بدء الخلافات مع الرئيس الأمريكي، والتى حظيت بتغطية إعلامية واسعة، فى أوائل يونيو الماضي. وبعد فترة وجيزة من تنحيه عن منصبه كمستشار غير رسمى لشئون خفض الميزانية فى إدارة ترامب، أطلق إيلون ماسك الفكرة على منصته المفضلة لمعرفة ما إذا كان مئات الملايين من أنصاره يؤيدون تأسيس حزب جديد يكون، على حد قوله، «فى المنتصف تماما بين الديمقراطيين والجمهوريين» وفى محاولة لجس نبض الرأى العام أطلق ماسك استطلاعا للرأى حول فكرة تأسيس الحزب على شبكته الاجتماعية إكس، يوم الإعلان عن «القانون الكبير الجميل» الذى اقترحه ترامب، والذى عارضه وانتقده ماسك كثيرا. وقال قطب التكنولوجيا: «بنسبة اثنين إلى واحد، تريدون حزبا سياسيا جديدا، وستحصلون عليه»، بعدما أجاب 65% من حوالى 1٫2 مليون مشارك ب«نعم» على السؤال حول ما إذا كانوا يرغبون فى تأسيس «حزب أمريكا». وفى المقابل جاءت نتائج استطلاع الرأى الذى أجرته مؤسسة «يوجوف» والذى نشره موقع «اكسيوس»، لتظهر أن نسبة ضئيلة من الأمريكيين مستعدون للانضمام إلى الحزب السياسى الجديد الذى اقترحه إيلون ماسك، وأطلق عليه اسم «حزب أمريكا». اقرأ أيضًا| السيارات الكهربائية.. سبب أزمة ترامب وماسك ورغم أن ما يقرب من نصف المشاركين فى الاستطلاع (حوالى 45%) يرون أن وجود حزب سياسى رئيسى ثالث ضرورى للولايات المتحدة، فإن 11% فقط من إجمالى المستطلعين قالوا إنهم سيفكرون فى دعم حزب ماسك المقترح. ومع ذلك، وجد الاستطلاع أن الجمهوريين، خصوصا أنصار حركة «ماجا» (اجعل أمريكا عظيمة مجددا)، هم أكثر الداعمين لإيلون ماسك ولحزبه الجديد مقارنة بالتنظيمات السياسية الأخرى. أما فى المعسكر الديمقراطي، الذى يحمل آراء سلبية عن ماسك منذ بداية العام، فقد أظهر الاستطلاع أن 10% فقط من الديمقراطيين ينظرون إليه بإيجابية. وكان ماسك، الذى اشتهر بتذبذبه السياسي، حيث صوَّت لهيلارى كلينتون فى انتخابات عام 2016، ولجو بايدن عام 2020، حليفا مقربا لدونالد ترامب، ومول حملته خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وكان مكلفا بخفض الإنفاق الفيدرالى من خلال قيادته وزارة الكفاءة الحكومية قبل أن يندلع الشجار وتراشق التصريحات بين المليارديرين فى خلاف علنى فى مايو الماضي. وماسك المولود فى جنوب إفريقيا لا يمكنه الترشح فى الانتخابات الرئاسية المستقبلية، إذ يفرض الدستور على المرشحين أن يكونوا مولودين فى الولاياتالمتحدة. اقرأ أيضًا| بسبب سياساته المالية وعجز الميزانية.. ماسك يهاجم ترامب ويرى بعض المحللين أن اقتراح ماسك ليس جديا، وليس أكثر من مبارزة سياسية وتهديد فارغ. لأن ثروة إيلون ماسك لن تكفى لتأسيس حركة سياسية جديدة فى أمريكا. كما أن الحزب المحتمل سيواجه صعوبة فى تعبئة ناخبين لأن ماسك يدافع عن الأفكار الاقتصادية والاجتماعية نفسها التى يتبناها رواد الأعمال الأثرياء فى وادى السيليكون، والتى تميل بشدة لليمين وبالتالى لا يفترض أن تؤثر على معسكر مؤيدى ترامب. وأن الإعلان عن الحزب ليس إلا رسالة من ماسك بأنه مستعد لبذل كل ما فى وسعه من أجل إلحاق الضرر بنظام ترامب. إلا أن البعض الآخر يرى أنه من الممكن تأسيس حزب، وأن المال قد يُسهم فى ذلك. حيث يمكن للمال أن يكون بداية جيدة فى السياسة الأمريكية، لكنه يبقى غير كاف لإنشاء حزب يكون له ثقل الحزبين الحاليين إلا أنه إذا نفَّذ ماسك تهديداته وانقلب على الجمهوريين، بعد إنفاق مئات الملايين لدعم حملاتهم العام الماضي، فقد يتسبب ذلك فى صداع لأعضاء مجلس النواب، وسيواجهون تحديات فى الانتخابات التمهيدية للحزب قبل مواجهة خصومهم الديمقراطيين فى نوفمبر 2026. وفى هذه الحالة ستمثل خسارة مجلس النواب ضربة مدمرة لآمال الجمهوريين فى الاحتفاظ بالسيطرة على الكونجرس فى النصف الثانى من ولاية ترامب. كما يمكن أن يكون لها تأثير فى مساعدة الحزب الديمقراطى بتحقيق وضع أفضل لمرشحيه فى الانتخابات التشريعية. وبالرغم من أن إيلون ماسك فقد جزءا من شعبيته خلال الشهر الماضى بعد انفصاله عن إدارة ترامب، ودخوله فى حروب كلامية مع الرئيس الأمريكي، إلا أن الأحداث السياسية الداخلية خلال العقود الأخيرة أظهرت تحولا واسعا فى المزاج الانتخابى الأمريكى بما يجعل من الممكن توقع ما لم يكن من الممكن توقعه.