"أناسٌ يأتيهم الموت من كل مكان".. بات هذا هو أدق وصف ينطبق على سكان قطاع غزة المنهكين من نار الحرب الإسرائيلية المشتعلة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي ما إن تنطفئ شرارتها بهدنةٍ مؤقتةٍ حتى تدور عجلتها من جديد من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي أنزل الإجرام والعقاب في كل أنحاء القطاع. وأصبح سكان غزة يواجهون "مثلث من القتل" أضلاعه من القصف الإسرائيلي المستمر والمجاعة المهندسة من قبل الاحتلال والمرض الذي تفشى كالهشيم في النار في أجساد الأشخاص جراء تدهور الأوضاع المعيشية والبيئية والصحية في مختلف أنحاء القطاع. مثلث الرعب في غزة وقال الدكتور محمد أبو سليمة، مدير مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، إن "مثلث الرعب لا يزال يضرب قطاع غزة بقوة.. القتل بالقصف والقتل بالمجاعة والقتل بالمرض". وأوضح مدير مجمع الشفاء قائلًا: "نسجّل يوميًا أكثر من 100 شهيد ومئات الجرحى نتيجة العدوان المستمر". اقرأ أيضًا: اقتحام المقبرة التركية.. جريمة إسرائيلية جديدة في خان يونس فوق جثث الموتى وأشار أبو سليمة إلى أن الوضع الصحي كارثي "فلا أدوية ولا مستهلكات طبية والمرضى والجرحى يموتون أمام أعيننا ونحن عاجزون عن إنقاذهم". وأكد مدير مجمع الشفاء الطبي أن المستشفيات في قطاع غزة تواجه أزمة وقود غير مسبوقة. وحذّرت الأممالمتحدة، اليوم السبت، على لسان وكالات تابعة لها، من أن نقص الوقود في قطاع غزة بلغ "مستويات حرجة"، ما يهدّد بمفاقمة معاناة سكان القطاع المدمر بفعل الحرب. وأكدت سبع وكالات تابعة للأمم المتحدة، خلال إعلان مشترك، أن "الوقود هو العمود الفقري للبقاء على قيد الحياة في غزة". وتحدّثت الوكالات عن الحاجة إلى "الوقود لتشغيل المستشفيات وأنظمة المياه وشبكات الصرف الصحي وسيارات الإسعاف والعمليات الإنسانية بكل جوانبها"، لافتة أيضًا إلى حاجة المخابز للوقود. (للمزيد طالع: الأممالمتحدة تحذر من أن نقص الوقود في غزة بلغ مستويات حرجة) خطر المجاعة وبالنسبة لمسألة "القتل بالمجاعة"، قال الدكتور محمد أبو سليمة إن "المجاعة وسوء التغذية تفشّيا بشكل خطير، وجميع الفئات تُعاني خصوصًا الأطفال والرضّع وكبار السن والمرضى". وحول أزمة المجاعة المتفاقمة منذ أكثر من 130 يومًا مع استئناف إسرائيل حربها على قطاع غزة وإغلاقها جميع المعابر في وجه إدخال المساعدات إلى القطاع، قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن خطر المجاعة يتفاقم، والموت بات يهدد حياة مئات الآلاف من الأشخاص، بينهم 650 ألف طفل، وسط صمت دولي مخزٍ تجاه ذلك. وقال المكتب الإعلامي الحكومي، في بيانٍ صادرٍ عنه، اليوم السبت 12 يوليو/ تموز، "يدخل اليوم الحصار المُحكم على قطاع غزة يومه ال133 على التوالي، منذ أن أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إغلاق كافة المعابر ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود، في واحدة من أشدّ جرائم الحصار الجماعي في العصر الحديث". وأردف قائلًا: "إن المجاعة التي تضرب القطاع تشتد يومًا بعد يوم، وقد سجّلنا خلال الأيام الثلاثة الماضية عشرات حالات الوفاة نتيجة نقص الغذاء والمكملات الدوائية الأساسية، في مشهد إنساني بالغ القسوة"، مضيفًا أن الاحتلال يُمعن في جريمته بمنع إدخال الطحين وحليب الأطفال والمواد والمكملات الغذائية والطبية بشكل كامل، في سياسة ممنهجة لتجويع السكان وخاصة الأطفال وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة. وأشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن عدد الأطفال الذين استشهدوا بسبب سوء التغذية بلغ حتى الآن 67 طفلًا، بينما يواجه أكثر من 650 ألف طفل دون سن الخامسة خطراً حقيقياً ومباشراً من سوء التغذية الحاد خلال الأسابيع القادمة من بين 1.1 مليون طفل في قطاع غزة. ووتابع قائلًا: "ويعيش حاليًا نحو مليون وربع المليون شخص في غزة حالة جوع كارثي، بينما يُعاني 96% من سكان القطاع من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم ما يزيد عن مليون طفل، وهو واقع صادم يعكس حجم المأساة الإنسانية غير المسبوقة في غزة".