بينهم 4 سيدات.. 28 مرشحًا على المقاعد الفردية في انتخابات مجلس الشيوخ بالبحيرة    وزير الري: نتابع كل حركة في سد النهضة بالأقمار الصناعية    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 نظام 5 سنوات.. الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    «خبر مهم للغاية».. أحمد موسى: لن نحتاج للدولار في التبادل التجارى مع الصين وروسيا    محافظ الإسكندرية: استرداد 62 مليون جنيه من مستحقات الدولة عن سرقات الكهرباء شهريا    دعمه بسلالم احتياطية.. محافظ القليوبية يتابع تطوير كوبري المشاة الكهربائي ب بنها (صور)    10 جيجا.. إنترنت مجانى لتعويض المستخدمين بعد حريق سنترال رمسيس (فيديو)    الشركة المشغلة لسفينة أغرقها الحوثيون: مقتل فرد من الطاقم وفقدان 4 آخرين    الأزهر يستنكر زيارة أئمة أوروبيين للكيان الصهيونى: فئة ضالة    ثيو هيرنانديز: الهلال قادر على إسقاط كبار أوروبا    الشرع يرفض جميع مطالب قسد ويحذر عبدي : ألقوا السلاح وإلا ...    مستشار أوكراني: الحرب كبّدت بلادنا 500 مليار دولار.. والمساعدات الأوروبية لا تكفي    البنك الأهلى يفوز على الأميرية بسداسية فى أولى التجارب الودية    إنبي يضم 4 لاعبين جدد لتدعيم صفوفه فى الموسم المقبل    ريبيرو يحسم مصير العائدين من الإعارة قبل معسكر تونس    ملك إسماعيل ومحمد حسن يتوجان بذهبية المختلط للناشئين ببطولة العالم للتتابعات للخماسي    ممدوح عباس يكشف رحيل نجم الزمالك.. وموقفه من صفقات الأبيض    "تموين برج العرب" يضبط مخبز قام بتجميع طن و نصف دقيق بلدى مدعم بالمخالفه    خلال ساعات.. الحكومة: استعادة الخدمة بكامل طاقتها في نطاق سنترال رمسيس    جنايات سوهاج تحيل أوراق 3 متهمين للمفتى لقيامهم بأعمال القتل والسرقة    مصرع شابين في حادث تصادم بطريق القصير مرسى علم في البحر الأحمر    مكتبة الإسكندرية تُطلق مشروع "أرشيف سليم بك حسن" رائد علم المصريات    إيهاب توفيق يطرح أغنية "حد شافنا" بتوقيع بهاء الدين محمد وعزيز الشافعى    طنطا تختتم فعاليات المهرجان القومى للمسرح المصرى فى المحافظات.. صور    1 أغسطس.. عمرو دياب يحيي حفلا غنائيا في العلمين    بياع كلام.. المطربة حنين الشاطر تطرح أول ألبوم غنائى لها    أم كلثوم.. حكاية دور اعتذرت عنه عبلة كامل ليصبح الأهم في مسيرة صابرين (تفاصيل)    ما حكم إفشاء الأسرار الزوجية؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    خالد الجندي: إذا خاطب الله عبده يوم القيامة فهو في دائرة الأمن والأمان    ما حكم من حج ولم يزر قبر النبي؟ أمين الفتوى يٌجيب    أمين الفتوى يُوضح ما يجوز وما لا يجوز كشفه من أسرار بين الزوجين (فيديو)    ولادة نادرة لتوأم ملتصق بمستشفى الفيوم العام (صورة)    تفاصيل مفاوضات الأهلي لتجديد التعاقد مع عاشور    محافظ الجيزة يشهد فعاليات إطلاق معسكر صحح مفاهيمك لأعضاء اتحاد بشبابها    الصور الأولى ل تارا عماد من «ما تراه ليس كما يبدو»    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 229 صحفيًا    الحوثيون: استهدفنا إسرائيل بصواريخ باليستية ونواصل منع الملاحة نحو إيلات    إطلاق الدليل التدريبي لمبادرة "دوي" الوطنية بطريقة برايل    تعزز صحة الكبد- 3 توابل أضفها إلى طعامك    انتبه- 5 علامات مبكرة تكشف عن وجود ورم في معدتك    بن غفير يحمل الحكومة الإسرائيلية ومفاوضاتها مع "حماس" مسؤولية هجوم "غوش عتصيون"    مباحثات مصرية كندية للتعاون بمجال تطوير عمليات البحث والتنقيب عن البترول والغاز    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لبحث تعزيز التعاون المشترك    أوبك تخفض توقعات الطلب العالمي على النفط للسنوات الأربع المقبلة    شيكابالا يوجه رسالة دعم لإبراهيم سعيد: "لا شماتة في الأزمات"    ضبط 43 قضية «أمن عام» وتنفيذ 347 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة (تفاصيل)    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية الجديدة    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    مصرع سيدة وإصابة 6 آخرون إثر سقوط سيارة فى ترعة بالمنوفية    كامل الوزير يبحث مع نائب رئيس وزراء الكونغو تدعيم التعاون في مجالات النقل    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    الصحة تعلن توفير خدمات مبادرة فحص الأمراض المزمنة بمقرها في العاصمة الإدارية بالتزامن مع اليوم العالمي    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 4 محافظات    سبب وفاة المطرب الشعبي محمد عواد    القصر العيني يستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فاروق في المزاد».. نهاية عصر الملك في ساحة «القبة»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 07 - 07 - 2025

في يوم الجمعة 12 فبراير 1954، تحول قصر القبة، أحد رموز الملكية المصرية، إلى ساحة لبيع تاريخ أسرة محمد علي العريق، عندما تم تنظيم مزاد علني عالمي لبيع مقتنيات الملك فاروق. الحدث لم يكن فقط تفريغًا لمحتويات القصور، بل لحظة فارقة في تاريخ مصر الحديث، حملت أبعادًا سياسية واقتصادية ونفسية، وشكّلت مأساة ذات رمزية ثقيلة في ذاكرة المصريين.
فالمزاد لم يبع ممتلكات فحسب، بل مزق صفحات من تاريخ طويل في لحظة واحدة، لتخرج ممتلكات ملك مصر إلى أيدي الأجانب، وتبقى الحسرة في قلوب من شهدوا انهيار المجد الملكي أمام أعينهم.
◄ بداية المزاد الكبير: من الملك إلى الجمهور
كان يوم 12 فبراير 1954 بداية فريدة لمزاد علني ضخم أقيم داخل قصر القبة، حيث فتحت أبوابه ليستقبل الزوار والمشترين من مختلف أنحاء العالم، لاقتناء ما تبقى من تحف وساعات ومجوهرات ونفائس اقتناها الملك فاروق خلال فترة حكمه.
افتتح البكباشي محمود يونس، المشرف العام على المزاد، الجلسة بجملة حملت دلالات سياسية واضحة: "باسم الله وباسم الجمهورية نفتتح هذا المزاد الذي تعرض فيه تحف اقتناها الملك من دم الشعب، وهي تباع اليوم ليعود ثمنها إلى صاحبه، الشعب".
الحضور كان مزيجًا من رجال الصحافة، والمشترين الأجانب، وبعض المصريين الذين اكتفوا بالمشاهدة فقط، خشية اتهامهم بشراء "رموز الفساد الملكي".
◄ من الطوابع إلى التحف: بداية البيع المؤلم
بدأ المزاد ببيع مجموعة طوابع بريدية نادرة، حرص «فاروق» على جمعها من دول مختلفة، شملت طوابع تعود إلى الفترة ما بين 1864 و1879، بعضها بيع بخمسة عشر جنيهًا، وآخرون وصلوا إلى 280 جنيهًا لمجموعة مكونة من أربعة طوابع متلاصقة.
انتهت جولة الطوابع بحصيلة بلغت ستة آلاف جنيه، لتنتقل بعدها المطرقة إلى مقتنيات أخرى مثل العملات، والمجوهرات، والساعات، والعلب الموسيقية، والفضيات.
وصفت شركة سوزبي العالمية المتخصصة، التي شاركت في تنظيم المزاد إلى جانب شركة «هامر»، هذا الحدث بأنه أكبر مزاد حضرته على الإطلاق، واستغرق الإعداد له شهورًا طويلة، شملت تصوير وتصنيف المقتنيات، وإرسال كتيبات إلى المهتمين في مختلف أنحاء العالم.
لكن ما لفت الانتباه بشدة هو عزوف المصريين عن الشراء، إما خشية من ربطهم بالفساد، أو لأسباب مالية، أو لرفضهم اقتناء ما اعتبروه «أدلة على الاستبداد والترف».
◄ مفارقة مؤلمة: فاروق في المزاد... والحجز في إيطاليا
من يطالع جريدة الأهرام بتاريخ 13 فبراير 1954، سيجد أن خبر المزاد يتصدر الصفحة الأولى، لكن في الزاوية السفلية اليمنى يظهر خبر صغير يكشف عن مفارقة ساخرة: «الحكم على فاروق بدفع ثلاثة ملايين ليرة إيطالية ثمنًا لملابس داخلية».
اقرأ أيضا| أصل الحكاية| موكب الملك فاروق الأول يخترق طنطا وسط احتفال تاريخي
وفي التفاصيل، أن محامي شركة إيطالية زار قصر فاروق بإيطاليا لتحصيل دين مقابل ملابس داخلية اشتراها ولم يدفع ثمنها، وعند محاولة الحجز على ممتلكاته، تبيّن أن كل شيء باسم سكرتيره الخاص.
◄ مزادات سابقة: الطيور والخمور والسيارات
لم يكن مزاد قصر القبة هو الأول، بل سبقه ثلاثة مزادات أخرى في عام 1953:
1. الطيور والدواجن في قصر المنتزه: وكان زبائن المزاد من المصريين، وبيعت دجاجة من نوع «اللجهورن» بجنيه كامل!
2. الخمور الملكية: شملت 7370 زجاجة، أغلاها زجاجة ويسكي بتوقيع فاروق بيعت ب270 قرشًا، وحضر المزاد خواجات ووكلاء كازينوهات.
3. السيارات الملكية: شملت 46 سيارة، منها كاديلاك بيعت ب780 جنيهًا، وأخرى للملكة نازلي بيعت ب455 جنيهًا. وقدمت شقيقات فاروق مذكرة تطالب بوقف البيع بحجة ملكيتهن للسيارات.
◄ الدولة تبرر: "هل نعيش على أنقاض التاريخ؟"
في تحقيق لمجلة «آخر ساعة» بتاريخ 17 فبراير 1954 بعنوان «فاروق في المزاد»، نقلت المجلة عن مسؤول لم يُذكر اسمه، قوله: «هل كان المطلوب أن نحتفظ بمئات السيارات والتحف القديمة؟ هل نخصص ميزانية لحفظ تاريخ الملك؟ نحن الآن نبني مستقبلًا جديدًا».
وأكد أن المزاد الدولي الحالي كان مربحًا أكثر من المزادات المحلية، وشكّل فرصة لدخول أموال جديدة إلى الدولة.
اختلفت الآراء بين من رأى في المزاد مأساة وطنية وبيعًا لتاريخ مصر الحديث، وبين من اعتبره تطهيرًا للفساد وعودة لما اقتناه الملك من "دم الشعب". لكن الثابت أن المزاد شكّل لحظة صادمة في ضمير المصريين، وهم يشاهدون كنوزًا لا تُقدّر بثمن تنتقل إلى أيدي الأجانب، بينما هم عاجزون عن اقتنائها أو حتى الدفاع عنها.
لم يكن «مزاد فاروق» مجرد بيع لممتلكات ملك سابق، بل كان تجسيدًا لسقوط مرحلة تاريخية كاملة، ورمزًا لبدء مرحلة جديدة تحاول فيها مصر التحرر من إرث الملكية. لكنّ الحقيقة المُرّة، أن بعض المجد، مهما بلغت أخطاؤه، لا يُشترى ولا يُباع... وأن التاريخ، حتى لو حاولنا تصفيته، يبقى حيًّا في ذاكرة الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.