محافظ الجيزة يتفقد جهود حملات النظافة ورفع الإشغالات بشارع فيصل    "الوطني الفلسطيني": آلية توزيع المساعدات تحولت لأداة لقتل الشعب لا لإنقاذه    متمردون مرتبطون بتنظيم داعش يقتلون 66 مدنيا شرقي الكونغو    رئيس سبورتنج لشبونة: العبقري الذي نصح جيوكيريس سيجعل رحيله صعبا    سبورت: برشلونة يحدد سعر بيع باو فيكتور    المعمل الجنائي يعاين موقع حريق مخزن أحذية فى الموسكى    نهى عباس: مجلة نور مشروع تربوى وفكرى لبناء وعى الطفل وتعزيز هويته    أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. محمد هنيدى: أنا زى الفل وخضوعى لعملية جراحية شائعة.. رامى صبرى يُحيى الذكرى الرابعة لوفاة شقيقه بطريقة مؤثرة: نص حياتى مات معاه.. أحمد سعد يكشف عن خطة إطلاق ألبومه "بيستهبل"    نانسي نور: "ستوديو إكسترا" يعرض الصورة الكاملة ويكشف الحقيقة بالدليل    5 ليال لبنانية.. نانسي عجرم وناصيف زيتون ونجوى كرم وآدم يضيئون سماء مهرجان قرطاج في تونس    حرائق تخرج عن السيطرة في واحة العوينات جنوب غربي ليبيا    مانشستر يونايتد يراهن على حارس برازيلي لإنقاذ الموسم    مودريتش: ريال مدريد سيظل بيتي للأبد    بعد افتتاحه بحضور كامل الوزير.. مجموعة العربي: نخطط لتصدير نصف إنتاج مصنع الزجاج الهندسي    تكريم الفائزين بجائزة الشيخ محمد بن صالح باشراحيل وحرمه للإبداع بدار الأوبرا    صحة الأقصر تطلق قافلة طبية مجانية بمركز شباب الحسينات في الطود.. يومي 14 و15 يوليو    سباق مجلس الشيوخ.. الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في القائمة الوطنية من أجل مصر تستعد بخطة المؤتمرات واللقاءات الجماهيرية    الوطنية للانتخابات تفحص مرشحى "الشيوخ".. والإعلان الأسماء النهائية الجمعه 18 يوليو    الضرائب: تحميل الفواتير الإلكترونية من بوابة المصلحة مجاني تماما    دميترييف: بيروقراطية الاتحاد الأوروبي تدمر قدرته التنافسية    نجم الزمالك يعلق على موقف بتروجت من صفقة حامد حمدان: لكل نادٍ حق إدارة ملفاته    الخارجية الأمريكية تسرح أكثر من 1300 من موظفيها (تفاصيل)    اتفاقية بين أكت وكاشير لتحويل تجربة الدفع الإلكتروني في قطاع الضيافة بمصر    للسائقين احذروا.. عقوبة السير عكس الاتجاه الحبس والغرامة    خيار مثالي.. سر فستان مي عمر "الأخضر" في أحدث ظهور لها    هل الوضوء داخل الحمام صحيح؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    هبوط أرضي أسفل كوبرى التجنيد ونائب محافظ القاهرة تتفقد أعمال إصلاح.. صور    مها الصغير مُهددة بالحبس 3 سنوات| عضو ب المحامين العرب يعلن مفاجأة    "ذكريات ستبقى في قلبي إلى الأبد".. بيولي يودع النصر    توجيه وزاري بتيسير مشاركة صاحبات الحرف اليدوية في المعارض الدائمة بالمحافظات    محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بكودية الإسلام    البابا تواضروس يصلي قداس عيد الرسل مع شباب أسبوع الخدمة العالمي    رائحة الجثة فضحته.. خفير خصوصي يقتل زوجته ويدفنها في مزرعة بالشرقية    صدمة| 3 سنين حبش لسارقي التيار الكهربائي فى هذه الحالات    وكيل وسام أبو علي.. السلاح المزدوج للاعب الذي استعمله مع الأهلي؟    رئيس جامعة الأزهر: آية الدعاء في عرفة تقسم الناس إلى فريقين.. وأقوال المفسرين تكشف دقة التوجيه القرآني    ننشر مؤشرات تنسيق الدبلومات الفنية 2025    7 شهداء على الأقل ونحو 40 مصابا فى غارتين إسرائيليتين على مخيم الشاطئ    حالة الطقس غدا الأحد 13-7-2025 في محافظة الفيوم    5 طرق بسيطة لترطيب الجسم في الصيف    وكيل تضامن الغربية تزور مصابى حادث طريق المحلة كفر الشيخ الدولى    شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو مجمع البحوث الإسلامية أبرز علماء الاقتصاد الإسلامي    حصاد أسبوعي لنشاط وزير الشئون النيابية.. شارك في جلسات برلمانية حاسمة وأكد أهمية دعم الشباب والحوار المؤسسي    جولة مفاجئة فجراً لمدير "فرع الرعاية الصحية" تغطي مستشفيات إسنا والكرنك والدولي وإيزيس    قصور الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لاكتشاف المواهب    سحب على 10 تذاكر.. تامر عبدالمنعم يفاجيء جمهور الإسكندرية    تأييد حكم المؤبد ل«ميكانيكي» بتهمة قتل والدته في الشرقية    استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركي والإداري    وزير الإسكان يتفقد محاور الطرق ومحطة تنقية مياه الشرب الجديدة بمدينة السادات    وزيرة البيئة تبحث مع سفيرة المكسيك بمصر سبل التعاون    نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    القبض على تشكيلات عصابية تخصصت في السرقة بالقاهرة    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    نجم تشيلسي: قادرون على تحقيق المفاجأة أمام ريال مدريد    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فاروق في المزاد».. نهاية عصر الملك في ساحة «القبة»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 07 - 07 - 2025

في يوم الجمعة 12 فبراير 1954، تحول قصر القبة، أحد رموز الملكية المصرية، إلى ساحة لبيع تاريخ أسرة محمد علي العريق، عندما تم تنظيم مزاد علني عالمي لبيع مقتنيات الملك فاروق. الحدث لم يكن فقط تفريغًا لمحتويات القصور، بل لحظة فارقة في تاريخ مصر الحديث، حملت أبعادًا سياسية واقتصادية ونفسية، وشكّلت مأساة ذات رمزية ثقيلة في ذاكرة المصريين.
فالمزاد لم يبع ممتلكات فحسب، بل مزق صفحات من تاريخ طويل في لحظة واحدة، لتخرج ممتلكات ملك مصر إلى أيدي الأجانب، وتبقى الحسرة في قلوب من شهدوا انهيار المجد الملكي أمام أعينهم.
◄ بداية المزاد الكبير: من الملك إلى الجمهور
كان يوم 12 فبراير 1954 بداية فريدة لمزاد علني ضخم أقيم داخل قصر القبة، حيث فتحت أبوابه ليستقبل الزوار والمشترين من مختلف أنحاء العالم، لاقتناء ما تبقى من تحف وساعات ومجوهرات ونفائس اقتناها الملك فاروق خلال فترة حكمه.
افتتح البكباشي محمود يونس، المشرف العام على المزاد، الجلسة بجملة حملت دلالات سياسية واضحة: "باسم الله وباسم الجمهورية نفتتح هذا المزاد الذي تعرض فيه تحف اقتناها الملك من دم الشعب، وهي تباع اليوم ليعود ثمنها إلى صاحبه، الشعب".
الحضور كان مزيجًا من رجال الصحافة، والمشترين الأجانب، وبعض المصريين الذين اكتفوا بالمشاهدة فقط، خشية اتهامهم بشراء "رموز الفساد الملكي".
◄ من الطوابع إلى التحف: بداية البيع المؤلم
بدأ المزاد ببيع مجموعة طوابع بريدية نادرة، حرص «فاروق» على جمعها من دول مختلفة، شملت طوابع تعود إلى الفترة ما بين 1864 و1879، بعضها بيع بخمسة عشر جنيهًا، وآخرون وصلوا إلى 280 جنيهًا لمجموعة مكونة من أربعة طوابع متلاصقة.
انتهت جولة الطوابع بحصيلة بلغت ستة آلاف جنيه، لتنتقل بعدها المطرقة إلى مقتنيات أخرى مثل العملات، والمجوهرات، والساعات، والعلب الموسيقية، والفضيات.
وصفت شركة سوزبي العالمية المتخصصة، التي شاركت في تنظيم المزاد إلى جانب شركة «هامر»، هذا الحدث بأنه أكبر مزاد حضرته على الإطلاق، واستغرق الإعداد له شهورًا طويلة، شملت تصوير وتصنيف المقتنيات، وإرسال كتيبات إلى المهتمين في مختلف أنحاء العالم.
لكن ما لفت الانتباه بشدة هو عزوف المصريين عن الشراء، إما خشية من ربطهم بالفساد، أو لأسباب مالية، أو لرفضهم اقتناء ما اعتبروه «أدلة على الاستبداد والترف».
◄ مفارقة مؤلمة: فاروق في المزاد... والحجز في إيطاليا
من يطالع جريدة الأهرام بتاريخ 13 فبراير 1954، سيجد أن خبر المزاد يتصدر الصفحة الأولى، لكن في الزاوية السفلية اليمنى يظهر خبر صغير يكشف عن مفارقة ساخرة: «الحكم على فاروق بدفع ثلاثة ملايين ليرة إيطالية ثمنًا لملابس داخلية».
اقرأ أيضا| أصل الحكاية| موكب الملك فاروق الأول يخترق طنطا وسط احتفال تاريخي
وفي التفاصيل، أن محامي شركة إيطالية زار قصر فاروق بإيطاليا لتحصيل دين مقابل ملابس داخلية اشتراها ولم يدفع ثمنها، وعند محاولة الحجز على ممتلكاته، تبيّن أن كل شيء باسم سكرتيره الخاص.
◄ مزادات سابقة: الطيور والخمور والسيارات
لم يكن مزاد قصر القبة هو الأول، بل سبقه ثلاثة مزادات أخرى في عام 1953:
1. الطيور والدواجن في قصر المنتزه: وكان زبائن المزاد من المصريين، وبيعت دجاجة من نوع «اللجهورن» بجنيه كامل!
2. الخمور الملكية: شملت 7370 زجاجة، أغلاها زجاجة ويسكي بتوقيع فاروق بيعت ب270 قرشًا، وحضر المزاد خواجات ووكلاء كازينوهات.
3. السيارات الملكية: شملت 46 سيارة، منها كاديلاك بيعت ب780 جنيهًا، وأخرى للملكة نازلي بيعت ب455 جنيهًا. وقدمت شقيقات فاروق مذكرة تطالب بوقف البيع بحجة ملكيتهن للسيارات.
◄ الدولة تبرر: "هل نعيش على أنقاض التاريخ؟"
في تحقيق لمجلة «آخر ساعة» بتاريخ 17 فبراير 1954 بعنوان «فاروق في المزاد»، نقلت المجلة عن مسؤول لم يُذكر اسمه، قوله: «هل كان المطلوب أن نحتفظ بمئات السيارات والتحف القديمة؟ هل نخصص ميزانية لحفظ تاريخ الملك؟ نحن الآن نبني مستقبلًا جديدًا».
وأكد أن المزاد الدولي الحالي كان مربحًا أكثر من المزادات المحلية، وشكّل فرصة لدخول أموال جديدة إلى الدولة.
اختلفت الآراء بين من رأى في المزاد مأساة وطنية وبيعًا لتاريخ مصر الحديث، وبين من اعتبره تطهيرًا للفساد وعودة لما اقتناه الملك من "دم الشعب". لكن الثابت أن المزاد شكّل لحظة صادمة في ضمير المصريين، وهم يشاهدون كنوزًا لا تُقدّر بثمن تنتقل إلى أيدي الأجانب، بينما هم عاجزون عن اقتنائها أو حتى الدفاع عنها.
لم يكن «مزاد فاروق» مجرد بيع لممتلكات ملك سابق، بل كان تجسيدًا لسقوط مرحلة تاريخية كاملة، ورمزًا لبدء مرحلة جديدة تحاول فيها مصر التحرر من إرث الملكية. لكنّ الحقيقة المُرّة، أن بعض المجد، مهما بلغت أخطاؤه، لا يُشترى ولا يُباع... وأن التاريخ، حتى لو حاولنا تصفيته، يبقى حيًّا في ذاكرة الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.