د. طارق فهمى إسرائيل تعمل على قطع أواصر التواصل السياسى والإدارى إضافة للامنى عن حركة حماس بهدف إضعاف وجودها بالكامل ومن خلال إجراءات وتدابير أمنية وسياسية واجتماعية تواجه حركة حماس إشكاليات عديدة فى الوقت الراهن تتطلب سرعة التفاعل مع الموقف الأمريكى الراهن وتأكيدات الرئيس الأمريكى ترامب بقرب التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس وإتمام صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين لدى حركة حماس. تواجه حركة حماس كثيرا من الإشكاليات الحقيقية فى الوقت الراهن نتيجة للتطورات الجارية، تشكيل جهاز الأمن العام شاباك لميليشيات فلسطينية تعمل فى بعض المناطق المتماسة فى رفح وخان يونس، الأمر الذى ينافس وجود حركة حماس فى هذه المناطق التى تحظى بوجود إسرائيلى كبير، الأمر الذى قد يقوض نفوذ حركة حماس وتهدد وجودها الأمنى والسياسى ويخصم من تأثيرها الجماهيرى، ودخول بعض العشائر على خط منافسة حركة حماس فى مناطق وجودها، وبرغم ان بعض العشائر رفضت التعاون مع الاحتلال الإسرائيلى إلا أن بعض العناصر العشائرية بدأت بالفعل التنسيق فى مناطق وجودها الراهن ما قد يقلل من سلطة حركة حماس على الأرض، خاصة ان إسرائيل تعمل على قطع أواصر التواصل السياسى والإدارى إضافة للامنى عن حركة حماس بهدف إضعاف وجودها بالكامل ومن خلال إجراءات وتدابير أمنية وسياسية واجتماعية. إضافة لوجود إشكاليات داخل حركة حماس، وخاصة الجناح العسكرى فى الداخل، والذى ما زال يمثل مركز الثقل الكبير فى توجيه قرارات الحركة برغم تصفية الكثير من عناصره، إلا أن الجناح العسكرى ما زال متماسكا فى مواجهة ما يجرى، الا أنه يعانى من أزمة قيادة كبيرة لا تتعلق بشخص عز الدين الحداد وإنما بصعود جيل وسط لقيادة الحركة فى مستواها الأعلى، ما يمثل إشكالية حقيقية فى تحديد الأولويات والمهام وفى ظل حالة التخبط التى تواجه الحركة فى الأقاليم والخارج الامر الذى يصعب اتخاذ قرار واحد او على الأقل حدوث نوع من التوافقات السياسية فى حدها الأدنى. كما تعانى حركة حماس من أزمة فى تجنيد بعض عناصرها، خاصة فى المناطق التى تواجدت فيها اسرائيل ونشرت فيها عددا كبيرا من العناصر الأمنية والاستخبارية لمنع عمليات التجنيد التى تتم بوسائل عدة، ومن خلال قيام أجهزة الأمن الإسرائيلية باغتيال الكوادر الأمنية مع استمرار فى ملاحقة عناصرها خاصة فى خان يونس ومدينة غزة، ما يؤكد على ان جهاز الأمن الداخلى شاباك ماض فى نهجه بتفكيك قواعد الحركة فى مناطق نفوذها وبما لا يسمح بالفعل بعودة عناصرها للتواجد أو القيام بأى أعمال فى مواجهة إسرائيل وإن كانت الحركة بدأت الاعتماد فى ذلك على وسائل أخرى ومنها التخطيط للتعامل مع العناصر العسكرية واستهداف أكبر قدر من الجنود والضباط فى الكمائن ومناطق التماس المشتركة داخل القطاع، وكذلك صعوبة التوصل إلى قنوات تواصل مع قيادات الخارج نتيجة لتقطع وسائل الاتصال العاجلة والتى من خلالها يتم توحيد القرار أو تبنى مواقف خاصة ان الحركة ونتيجة لضغوطات الداخل عملت على المضى فى مسارات جدية منها التفاوض عبر وسطاء خارج الإطار الرسمى (مسار رجل الأعمال الأمريكى من أصول فلسطينية بشارة بحبح)، ما يؤكد على أن الحركة باتت تتعجل التوصل لاتفاق مع إسرائيل وإن كانت تريد فى الوقت الراهن اتفاق هدنة طويلة الأجل والعمل على موقف شامل وليس فقط إجراءات أو تدابير مؤقتة مرحلية فى ظل تعدد الأزمات التى تواجه الحركة فى الداخل. أضف الى ذلك تأثير المواجهة الإيرانية الإسرائيلية على الدعم الإيرانى لحركة حماس ولو بصورة رمزية، ما قد يدفع الحركة وكذلك حركة الجهاد لإعادة ترتيب المسارات، وتوحيد المواقف فى الوقت الراهن، خاصة ان قيادات الداخل فى الحركة لهم مواقف مختلفة عن مواقف / توجهات المكتب السياسى فى الخارج، وهو ما سينعكس بطبيعة الحال على وضع الحركة ومواقفها وتماسك توجهاتها فى حال قبول التوصل لاتفاق ولو مرحلى مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة. تعانى حركة حماس من أزمة تمويل كبيرة والحصول على دعم مالى من الخارج، مما يؤثر على مستوى المواجهة خاصة ان هذا التمويل كان يأتى من قنوات وجهات جفت منابعها فى الوقت الراهن، ما يؤكد على أن الحركة إضافة لصعوبات التمويل وتدمير بنيتها العسكرية بصورة كبيرة وعدم قدرتها على تطوير منظومة صواريخها لن تستطيع المواجهة الدورية والكاملة لإنهاك القدرات الإسرائيلية وستكتفى كما هو واضح بالقيام بعمليات نوعية كلما استطاعت، ولعل توقف توظيف الصواريخ بعد تدمير محطات الإطلاق يؤكد هذا الأمر على ارض الواقع. فى المجمل ستؤثر جملة الإشكاليات السابق الإشارة إليها فى قرار حركة حماس بالاتجاه إلى إبرام الصفقة المؤجلة مع إسرائيل، تخوفا من انفتاح المشهد داخل القطاع وإعلان إسرائيل أنها تستعد لعملية عسكرية ضخمة لمواجهة حركة حماس وإنهاء وجودها بالكامل وهو ما يعنى أن إسرائيل قد تتجه إلى الخيار الصفرى فى حال تشدد الحركة وعدم قبولها بالمعروض أمريكيا. من المبكر التأكيد على أن حركة حماس قادرة على التقاط أنفاسها فى ظل الواقع الراهن للحركة وما تواجهه من تحديات حقيقية داخل القطاع ومحاولة إسرائيل تشجيع المجتمع المحلى فى القطاع للمساهمة فى إدارة ذاته والعمل معا من خلال الشراكة مع إسرائيل فى القيام بالمهام الإدارية والخدمية إلى حين تولى سلطة مسئولة إدارة القطاع او التعامل مع متطلباته وتوفير الاحتياجات اليومية. لن تنجح قيادة حماس (التى يتولاها فى الوقت الراهن عز الدين الحداد) إضافة لبعض المساعدين له من الجناح العسكرى، فى استعادة دور الحركة فى الداخل او التعامل الحاسم مع ما يجرى فى القطاع، فى ظل أزمة القيادة وتحولات القيادات الوسطى فى الحركة والتى انتقلت إلى الصف الأول، مع صعوبة الرهانات على عودة التوافقات بين القيادات فى الداخل وفى الأقاليم والخارج فى الوقت الراهن مع التوقع وختاما بمواقف أخرى قد تطرح عقب زيارة نتنياهو لواشنطن خلال الساعات المقبلة.