ويأتى سماد النانو ليمثل فرصة حقيقية لسد هذه الفجوة وتحقيق استخدام أمثل للعناصر الغذائية، حيث يتيح امتصاصا أعلى من قبل النبات مع تقليل الكمية المستخدمة من الأسمدة بنسبة كبيرة، كما يساعد على تحسين خواص التربة وزيادة الإنتاجية دون تحميل المزارع أعباء إضافية. ◄ سماد النانو وتعد الأسمدة النانوية نوعا جديدا من الأسمدة يُصنع على مقياس الجزيئات النانوية (أى أقل من 100 نانومتر)، مما يجعلها تمتاز بقدرتها الفائقة على الامتصاص داخل النبات، سواء عن طريق الجذور أو الأوراق. وتُصمم هذه الأسمدة لتوفير العناصر الغذائية للنبات بكفاءة أعلى مقارنة بالأسمدة التقليدية، مع تقليل الفاقد عند استخدامها. وهناك العديد من دول العالم الكبرى دخلت هذا المجال وبقوة مثل الهند، والصين، والولاياتالمتحدة، والبرازيل، وتعتبر مصر، والمغرب، والسعودية، والإمارات وجنوب إفريقيا أهم الدول العربية والإفريقية التى اقتحمت هذا المجال بقوة. ومن هذا المنطلق تؤكد آراء الخبراء والمختصين أن التحول التدريجى نحو استخدام سماد النانو لا يمثل مجرد بديل تقنى للأسمدة التقليدية، بل هو خطوة استراتيجية تفرضها الحاجة إلى تقليص الفجوة بين العرض والطلب وتحقيق أمن غذائي مستدام يلبى احتياجات السوق المحلى . ◄ اقرأ أيضًا | كلية النانو تكنولوجي بجامعة القاهرة تنظم مؤتمرها العلمي الثاني 19 يوليو ◄ طرق التصنيع يقول الدكتور شريف محمد عبدالدايم، أستاذ كيمياء وسُمية المبيدات بجامعة كفر الشيخ ، مدير إنتاج شركة سايجو للأسمدة والمخصبات الزراعية، إن تصنيع سماد النانو يتم باستخدام تقنيات متقدمة مثل الطحن فائق الدقة، أو التفاعلات الكيميائية الدقيقة (Sol-gel)، وأحيانًا عبر طرق صديقة للبيئة باستخدام كائنات دقيقة أو مستخلصات نباتية. وتسمح هذه التقنيات بإنتاج جسيمات دقيقة للغاية يمكنها النفاذ بسهولة إلى أنسجة النبات، بل والتحكم فى إطلاق المغذيات بشكل تدريجى حسب احتياج المحصول. ويرى الدكتور شريف أن لهذه الأسمدة ميزات أبرزها زيادة كفاءة استخدام العناصر الغذائية بنسبة قد تصل ل80٪، وتقليل كمية السماد المستخدمة بنسبة تصل ل50٪، وتحسين جودة المحاصيل ورفع قيمتها التسويقية، فضلا عن تقليل التأثيرات السلبية على البيئة مقارنة بالأسمدة التقليدية. ◄ «النانو» في الزراعة وعلى سبيل المثال استخدمت هذه الأسمدة بالأسواق الزراعية الكبرى على أصناف مختلفة حسب احتياجات كل دولة، ففى الهند تمت تجربتها على أصناف القمح والأرز، بينما الصين استخدمتها على أصناف الذرة والأرز والقطن، أما الولاياتالمتحدة ففى محاصيل الخضار والفواكه، وفى مصر توجد تجارب ناجحة كثيرة على الأسمدة المصنعة فى صورة جزيئات نانو مثل نانو الزنك، الحديد، السيليكون، المغنيسيوم، الهيوميك والفولفيك. أما الدكتورة شيماء الطنطاوى، أستاذة إنتاج وفسيولوجيا المحاصيل بكلية الزراعة جامعة كفر الشيخ، فتوضح أن بداية استخدام تكنولوجيا النانو كانت فى عام 1990، والتى تُعد الانطلاقة الحقيقية لعصر النانو، وتُصنَّف هذه التكنولوجيا الحديثة ضمن تقنيات الجيل الخامس للاستخدام النانوى، قبل أن تمتد لتشمل العديد من المجالات، أبرزها القطاع الزراعى. وكان الهدف من إدخال تكنولوجيا النانو فى الزراعة تقليل الاعتماد على الأسمدة الكيميائية مرتفعة التكلفة، والحد من آثارها السلبية على البيئة، بما يحقق استخدامًا أقل للأسمدة ولكن بكفاءة أعلى ونظرًا لفوائد هذه التكنولوجيا الواعدة، شهد العالم اهتمامًا متزايدًا بها، لا سيما فى أوروبا، والصين، والهند، والولاياتالمتحدة. وتقوم تكنولوجيا النانو على تحويل المواد الكيميائية من صورتها التقليدية الضخمة إلى صورة نانوية متناهية الصغر، ما يؤدى لتغيير خصائصها الفيزيائية والكيميائية، وزيادة مساحة سطح التفاعل، بالتالى رفع مستوى النشاط والامتصاص، مما يسهم في تقليل كميات المركبات المستخدمة، والحصول على إنتاج زراعى أعلى دون الحاجة إلى استخدام كميات كبيرة من الأسمدة التقليدية. ◄ نتائج التجارب تتابع: الهدف الأساسى من استخدام الأسمدة النانوية هو ترشيد استهلاك الأسمدة، وتحقيق كفاءة أعلى فى الإنتاج. وقد أجرينا فى مصر العديد من الدراسات على محاصيل الخضر والحبوب، وتبين من النتائج أن استخدام سماد النانو يقلل من كمية الأسمدة التقليدية بنسبة تتراوح بين 40٪ و60٪، مع الحفاظ على نفس الإنتاجية أو زيادتها. في إحدى التجارب على محصول القمح، تم تقليل كمية السماد بنسبة 45% باستخدام سماد النانو النيتروجينى، دون أن يؤثر ذلك سلبًا على حجم الإنتاج. أما فى محصول الذرة، فقد تم خفض كمية السماد التقليدى بنسبة 50٪، مع تحقيق زيادة فى الإنتاجية بنسبة وصلت إلى 30%، علمًا بأن بعض هذه التجارب أُجريت فى أراضٍ ملحية ذات ظروف بيئية صعبة. ◄ طريقة الاستخدام بالنسبة لمحاصيل الخضر، يُخفَّف السماد النانوى بالماء ويُرش مباشرة على النباتات، أما فى المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والأرز، فيُؤخذ نصف كمية السماد المعتادة، وتُخفف بالماء، ثم تُرش على النباتات أو تُحقن مباشرة فى التربة مرتين خلال الموسم الزراعي، ويتم تحديد نوع السماد النانوى المستخدم سواء كان فوسفات أو يوريا أو نيتروجين أو عناصر صغرى مثل السيلينيوم أو السيليكون وفقًا لطبيعة المحصول ونوع التربة والمياه.