كشفت تطورات حديثة عن استخدام كل من إيران وإسرائيل لوسائل التواصل الاجتماعي كأدوات تجسس متطورة في إطار صراعهما المستمر، إذ تحولت المنصات الرقمية إلى ساحة حرب استخباراتية خفية تستهدف مواطني الطرفين عبر تقنيات متقدمة وأساليب جديدة تماماً عن التجسس التقليدي. اقرأ أيضا: مستشار سابق في البنتاجون: واشنطن حذرت طهران من الضربات قبل ساعتين من تنفيذها الاستراتيجية الإيرانية اعتقلت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي "شين بيت" ثلاثة إسرائيليين الأسبوع الماضي بتهمة التجسس لصالح إيران، من بينهم دميتري كوهين البالغ 28 عاماً من حيفا، والذي جمع معلومات حول خطيبة نجل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفقاً لما أوردته صحيفة "تليجراف" البريطانية. وكشف عوديد عيلام، الرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب في الموساد، في حديثه ل"تليجراف" أن الحرس الثوري الإيراني تبنى "مفهوماً جديداً" في التجسس يستهدف عشرات الآلاف من الإسرائيليين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأوضح أن هذا المفهوم يعتمد على "الأرقام الكبيرة" حيث "يتواصلون مع 10 آلاف هدف مختلف، ربما 30% سيردون على النهج الأولي، و10% من هؤلاء سيكونون مستعدين للمضي قدماً، و2 إلى 5% سيقولون نعم". وأضاف عيلام مشبهاً هذا الأسلوب: "إنهم لا يصطادون أسماك القرش، بل يصطادون السردين"، مؤكداً أن هذه الطريقة "بدائية" لكنها تشكل تهديداً حقيقياً كونها "رخيصة وفعالة من حيث التكلفة". ويستهدف هذا النهج عادة المهاجرين اليهود من الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الأقل الذين لا يملكون "انتماءً أيديولوجياً قوياً لإسرائيل" ويحتاجون المال. وتبدأ العملية بمهام "ناعمة" مثل الكتابة على الجدران ضد نتنياهو، ثم تتطور تدريجياً إلى أعمال تخريبية صغيرة مثل ثقب الإطارات، لتصل في النهاية إلى جمع المعلومات الاستخباراتية حول القواعد الإسرائيلية والمواقع الاستراتيجية، وحتى محاولات الاغتيال. العمليات الإسرائيلية المضادة في الجهة المقابلة، تتهم السلطات الإيرانية الاستخبارات الإسرائيلية باستخدام منصات التواصل الاجتماعي الناطقة بالفارسية لتجنيد الجواسيس وجمع المعلومات. وقال مسؤول إيراني للصحيفة البريطانية: "الأوغاد تسللوا في كل مكان"، مؤكداً وجود قلق كبير دفع السلطات لقطع الإنترنت واعتقال أشخاص من داخل الحرس الثوري نفسه. وبحسب المسؤولين الإيرانيين، كثفت الوحدة العسكرية الإسرائيلية 8200، المختصة في الحرب السيبرانية، عملياتها عبر قنوات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الناطقة بالفارسية منذ بداية الحرب. وتعتمد هذه العمليات على إنشاء حسابات مزيفة تتظاهر بأنها لمواطنين إيرانيين عاديين، مع نهج صبور يمتد لأشهر أو سنوات لبناء هويات رقمية مقنعة قبل تفعيلها لأغراض استخباراتية. وقال مسؤول أمني إيراني لوكالة "مهر" الإيرانية: "بعض هذه الحسابات المزيفة تم إنشاؤها منذ وقت طويل وخضعت لما نسميه بناء الهوية، حيث مارست نشاطاً عادياً على الشبكات الاجتماعية الفارسية لأشهر لخلق سجل نشاط حتى يمكن التعرف عليها والوثوق بها كمواطنين عاديين". الحملات الأمنية والقمع المتبادل ردت إيران بحملة أمنية واسعة، حيث اعتقلت أكثر من 700 شخص بتهمة أشكال مختلفة من التعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية خلال 12 يوماً فقط من الصراع الأخير، وأعدمت ستة أشخاص على الأقل بتهمة التجسس. كما أعدمت السلطات الإيرانية محمد أمين مهدوي شايسته، الموصوف بأنه "زعيم شبكة سيبرانية مرتبطة بالموساد". في المقابل، حذر عيلام من أن أحكام المحاكم الإسرائيلية متساهلة، حيث تبلغ في المتوسط سبع سنوات مع تخفيض 30% للسلوك الحسن، قائلاً: "نحن نواجه أزمة وجودية... لكن المحكمة تنظر لهؤلاء الناس البائسين الذين يقفون أمامهم منكسي الرؤوس ويقولون 'آسف، لم أكن أعلم'". عروض المساعدة والدعاية في تطور لافت، نشر الموساد رسالة على حسابه الناطق بالفارسية في موقع إكس يوم الخميس، يعرض فيها المساعدة الطبية للمواطنين الإيرانيين المصابين في الصراع الأخير. وجاء في الرسالة: "في هذه اللحظة، النظام مركز على كبار الشخصيات، وليس على رعاية مواطنيه. نحن نقف معكم وشكلنا فريقاً من الأطباء المتخصصين"، مع دعوة للتواصل عبر واتساب أو تليجرام أو سيغنال، مع نصيحة باستخدام شبكات VPN للحماية. وحذرت الخدمات الأمنية الإيرانية المواطنين من "عدم فتح الروابط المستلمة من حسابات مجهولة" و"حجب أي حسابات ترسل رسائل أو روابط غير مرغوب فيها فوراً"، كما حذرت من مخاطر التجسس من تطبيقات شركة ميتا، بما في ذلك واتساب وفيسبوك.