»بأي ذنب قتلوا».. هذا السؤال يراود الجميع عندما نطالع تفاصيل جريمة قتل ذهب ضحيتها طفل و طفلة في عمر الزهور لم تتفتح اعينهم على الدنيا بعد. الاجابة تتمثل في نفوس رديئة تشبعت بالغيرة والحسد والحقد، قرر أصحابها تفريغ طاقتهم السوداء واشعال نار الحزن والاسى في نفوس أهالي هؤلاء الاطفال بقتلهم بطرق بشعة لا تجرؤ عليها الحيوانات المفترسة.. ربما لعلم الجناة بضعف الاطفال وقلة حيلتهم وسهولة النيل منهم، وربما لغلاوتهم الشديدة داخل قلوب ذويهم مما يجعل قتلهم موجعا بقسوة. وعلى الرغم من أن عدد هذه الجرائم لا يرقى لدرجة الظاهرة إلا أنها في النهاية يجب أن تخضع للبحث والتقصي حول اسبابها وتجنب تكرارها، تفاصيل أكثر إثارة سوف نسردها لكم داخل السطور التالية. «سجدة» طفلة بريئة صافية النية ذات وجه بشوش لا تعرف سوى الابتسامة الصادقة على وجهها معروفة لدى الجميع بأنها طفلة تسبق عمرها كونها ذكية للغاية وسريعة البديهة والملاحظة لا تعرف سوى دراستها.. نظرات عينيها توحي لك بعدة كلمات اتركوني ألعب واجري وألاحق فراشات طفولتي. تبلغ من العمر حوالي 8 سنوات ومقيدة في الصف الثاني الابتدائي تقيم مع اسرتها الصغيرة المكونه من الاب «عمرو» والام «نورا» وشقيقتها «سلمى» التي تكبرها بحوالي عامين، في منطقة دار السلام التابعة لمحافظة القاهرة. قبل توجه الاب والام إلى عملهما، حضنت «سجدة» والديها بشكل غريب وكأنها تودعهما، ثم ذهبا إلى عملهما تاركين ابنتيهما داخل المنزل، وعلى غير العادة، خرجت الأختان لشراء بعض الحلوى من محل قريب من منزلهما حتى تتمكنا من قضاء اليوم بطريقة مختلفة، ثواني قليلة ووصلت الطفلتان امام المحل لشراء ما تحتاجانه، في الوقت ذاته كانت خطة ماكرة رسمتها جارتهما «أم عبده» لاستدراج الطفلة «سجدة» إلى شقتها دون أن يراها أحد من المارة أو الجيران، لكن بعد ثواني قليلة وبينما كانت «سلمى» تحاسب على الطلبات لم تجد شقيقتها «سجدة» بجوارها، فظنت وقتها ببراءة الاطفال أن شقيقتها قد عادت للمنزل، فعادت «سلمى» لكنها لم تجد شقيقتها، جلست تنتظرها حتى مرت أكثر من نصف ساعة ولم تعد. طلبت والدتها التي هرولت الى المنزل وبدأت بالبحث عن صغيرتها لدى الجيران، لكن باءت بالفشل، مما أثار قلقها لكن عندما تأزم الوضع اتصلت الام بوالدها لتخبره بأن «سجدة» غير موجودة، على إثر ذلك ترك الأب عمله وهرول سريعًا إلى المنزل ليستكمل البحث في كل ارجاء المنطقة، وفي النهاية توجه إلى ديوان القسم لتحرير محضر بتغيب ابنته. تلقى رئيس مباحث قسم شرطة دار السلام بلاغًا من الاب يروي فيه الحكاية كاملة، لتبدأ المباحث عملها. في نفس الوقت لم ييأس الاب وهرول مسرعًا للبحث مرة أخرى لكن في تلك المرة اتسعت دائرة البحث حتى وصل الامر لجروب المنطقة على صفحات السوشيال ميديا في محاولة للعثور عليها. كل ساعة كانت تمر على الاسرة الصغيرة كانت تمر وكأنها سنة، لكنهم يأملون أن تعود إليهم سالمة. كانت الكارثة الكبرى قبل فجر اليوم التالي، بعدما تلقى «عمرو» مكالمة من أحد جيرانه ليخبره أنه عثر على طفلته «سجدة»، هرول الاب وهو في حالة من الجنون ليقف أمام جوال به جثمان ابنته، انهار في البكاء بعدما رأى صغيرته في هذا المشهد القاسي وظهرت على جسدها آثار خنق حول الرقبة واعتداء يظهر بوضوح على البطن. في ذات اللحظات توصل رجال المباحث لمقطع فيديو لم يكمل دقيقة رصدته وحدة مباحث القسم من إحدى كاميرات المراقبة بمحيط العقار محل سكنها، ليتبين من المقطع ايضًا ظهور سيدة استدرجت طفلته. تحركت قوة من ديوان القسم إلى مكان اكتشاف الواقعة، وبإجراء التحريات اللازمة، وبالكشف المبدأي للجثة اثار الشكوك حول قتلها، كما تبين أن المتهمة هي جارتهم «أم عبده» وأنها تخلصت من جثة «سجدة» بإلقائها داخل جوال ألقته أمام شقة أحد الجيران لإبعاد الشبهات عنها، تم إعداد عدة كمائن ثابتة ومتحركة مستهدفة المتهمة، وفي خلال ساعات قليلة ألقي القبض عليها، بمواجهتها اعترفت بارتكاب الجريمة انتقامًا من والدتها بسبب بعض المشكلات بينهما، تحرر محضر بالواقعة وأخطر اللواء طارق راشد مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة الذي أمر بإحالتها إلى النيابة العامة، التي قررت حبسها 4 أيام على ذمة التحقيقات، كما طلبت تحريات المباحث النهائية بشأن الجريمة، فيما استعجلت تقرير الطب الشرعي لتحديد أسباب الوفاة، عقب توقيع الكشف الطبي بعد إجراء الصفة التشريحية لإعداد تقرير وافي عن الجريمة وما دار فيها وملابساتها الغامضة. انتقام غبي في واقعة لم تختلف كثيرًا عن «سجدة»، تجردت ربة منزل من كل مشاعر الإنسانية ولعبت دور الشيطان، وأقدمت على اختطاف نجل جارتها بسبب غيرتها من والدته، لم تشفع نظرات الفزع التي ملأت عيون الصغير، بل قتلته من أجل الانتقام. «حمزة» لم يتجاوز عمره ال4 أعوام طفل جميل خمري اللون في غاية البراءة، كان محبوبا لدى أسرته وأهل قريته، لكن في يوم خرج كعادته ليلهو مع أصدقائه، واختفى من وقت ذهابه ولم يظهر في ذلك اليوم مرة أخرى إلا وهو جثة هامدة داخل «شوال» أعلى أحد الأسطح. على الفور بدأ رئيس المباحث بالبحث وإجراء التحريات اللازمة وتفريغ الكاميرات في محيط المنزل ليتبين؛ أن جارتهم استدرجته داخل منزلها ولم يخرج من وقتها، وعند استجواب المتهمة ظهر عليها علامات الارتباك فبدأ بمناقشتها لعدة ساعات لتنهار قائلة: «أيوه قتلته عشان أمه دائمًا شايفه نفسها أحسن مني ومن أي حد، فجلست أفكر في طريقة فقلت لازم أحرق قلب أمه عليه فاستدرجته وضربته بالمكواة على رأسه ثم حملت جثته وألقيتها على السطح حتى أتصرف فيها بعد أيام، وعندما علمت أنهم يبحثون عنه خرجت معهم للبحث عليه حتى لا يشك بي أحد، تحرر محضر بالواقعة وأخطر مدير أمن قنا، الذي أمر بإحالتها إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسها 4 أيام على ذمة التحقيقات. في واقعة أخرى شهدتها قرية بني عدي التابعة لمركز ناصر بمحافظة بنى سويف، جريمة قتل بشعة ليس لها وصف في حقيقة الامر، عندما اعتدى شاب بمطواة على نجل شقيقته، الذى يبلغ من العمر 14 عامًا، بعد تدخله لفض مشاجرة وقعت بين المتهم ووالدته، التى اعتدى عليها، ونقلت إلى المستشفى فى حالة خطيرة. كانت البداية عندما تلقى مدير أمن بنى سويف إخطارًا من مدير البحث الجنائى، بوصول «محمد رجب رمضان» 14 سنة جثة هامدة، إلى المركز الطبى بمركز ناصر، وجدته «سيدة.ق.م» 60 سنة، مصابة بطعنة فى البطن وتخضع للعلاج. على الفور أمر بتشكيل فريق وبسرعة الانتقال إلى مكان الوقعة وبإجراء التحريات تبين أن مشاجرة نشبت بين المتهم «أحمد.م» 28 سنة ووالدته، وعندما تدخل الطفل «محمد» للدفاع عن جدته تلقى طعنة نافذة بمطواة من المتهم ليسقط على الارض غارقًا وسط بركة من دمائه، بينما اعتدى المتهم على والدته بمطواة، وبإجراء باقي التحريات وبسؤال الجيران وشهود العيان تبين أن المتهم مريض نفسيًّا وقد سبق له دخول مستشفى الامراض النفسية، كما أن سبب المشاجرة خلافات عائلية، وقد امر المستشار خالد المتناوى المحامى العام الأول لنيابات بنى سويف بإحالة المتهم إلى مستشفى الصحة النفسية ومعرفة ما إن كانت هناك مشكلات يعانى منها، مثل الهلاوس أو الاضطرابات أو أمراض أخرى مثل الانفصام، وإعداد تقرير بحالته الصحية، كما أمرت النيابة العامة بتشريح الجثة لبيان ما بها من إصابات، والتصريح بدفن الجثة، والاستماع إلى أقوال والدة المتهم، بعد تماثلها للشفاء، وطلب استكمال باقي تحريات المباحث، كما أمرت النيابة بالتحفظ على «المطواة» المستخدمة فى ارتكاب الواقعة. برامج توعية وعلاجية وبالتواصل مع الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى، بدأ حديثه قائلاً: إن المجتمع يواجه انهيارًا فى الأخلاق والعلاقات الاجتماعية، نتيجة انتشار المخدرات وغيرها من العوامل والأسباب التى تؤدي إلى انتشار الجرائم بشتى أنواعها، كما أن الأطفال فئة من المجتمع يتعرضون بشكل كبير للجرائم، سواء قتل أو خطف أواغتصاب، وغيرها من أنواع العنف الذي يستهدفهم، بسبب تغير الشخصية المصرية، والمسخ الذى تتعرض له الثقافة، حيث أدى ذلك إلى انتشار ذلك النوع من الجرائم البشعة، كما أن الحل هو عودة الثقافة المصرية إلى طبيعتها وهذا بالفعل ما تفعله الدولة المصرية الآن، كما لابد من وجود حملات توعية تستهدف الكثير من فئات المجتمع. ليستكمل الدكتور إبراهيم عز الدين استاذ علم الاجتماع قائلا: إن تلك الجرائم تعد تجاوزات فردية من اشخاص يعانون من اضطرابات نفسية ليس أكثر، فهي لا تصل إلى حد الظاهرة، حيث أنها ليست جرائم منظمة تشبه التى نشهدها في بعض الدول الأوروبية، والتى تحدث بأعداد كبيرة وتمثل نسبًا عالية سنويًا، كما لابد على الاسر مراقبة الاطفال دائمًا وعدم الثقة الكاملة وتركهم لأحد مهما كان الاشخاص مقربين منهم سواء الجيران أو الاقارب، كما لابد من توفير برامج توعية وعلاجية لاصحاب الميول الإجرامية للحد من تطور شخصيتهم الإجرامية ولحماية للمجتمع، كما أن العدالة الناجزة وسرعة إصدار الأحكام القضائية فى حق مرتكبى الجرائم التى تستهدف الأطفال، تحقق الردع القوى لمرتكبيها ومن تسول نفسه لارتكاب مثل تلك الجرائم، اخيرًا لابد من توفير برامج علاجية للأطفال ضحايا تلك الجرائم لإعادة تأهيلهم ومواجهة السلبيات التى أصيبوا بها نفسيًا. اقرأ أيضا: غرق 4 أطفال من أسرة واحدة بسبب «صورة سيلفى» في بني سويف