لا يعرف رجال الحماية المدنية الخوف ولا يخشون الصعاب.. يقضون ساعات يومهم فى مهام صعبة تهدد حياتهم في بعض الأحيان.. يمدون يد المساعدة لمصابى الكوارث والحوادث، ويعملون على حماية الممتلكات العامة مهما كلفهم الأمر، تتعدد مهامهم بين مكافحة الحرائق وتقديم المساعدة فى الكوارث الطبيعية، فضلا عن إنقاذ ضحايا الانهيارات والأمطار، فعند اندلاع أى حوادث يتقدمون الصفوف على خط المواجهة مع باقى أجهزة الدولة المعنية. ◄ كلاب بوليسية وكاميرات للبحث عن الضحايا ◄ رجال الحماية يضحون بحياتهم من أجل المواطنين هؤلاء الرجال مدربون جيدًا على التعامل مع كافة الطوارئ، إنهم رجال الحماية المدنية الذين يقدمون تضحيات وبسالة منقطعة النظير، وكان آخرها دورهم فى انتشال ضحايا عقارى السيدة زينب وحدائق القبة، يعاونهم فى ذلك رجال الهلال الأحمر الذين لا يقل دورهم عن أدوار غيرهم أهمية، فيقدمون أعمال الإغاثة فى حالات الكوارث والنكبات، كما يحتضنون الأحياء ويقدمون لهم الإسعافات الأولية، ويهدئون من روعهم وخوفهم، لا يلقون بالا بالشهرة أو يركضون خلف حصد الإعجاب فيكفيهم دعوات صادقة من الناس. ◄ اقرأ أيضًا | ب8 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع زيوت القناطر الخيرية ◄ نهايات متعددة ولا تتوقف أعمالهم عند هذا الحد فمتطوعو الهلال الأحمر يزورون المصابين بالمستشفيات ويقدمون الدعم النفسى لهم ولذويهم، وينسقون أعمالهم ما بين وزارات الداخلية والتضامن والمحليات لمواجهة الكوارث، كما أن أدوارهم لا تقتصر على الداخل فقط بل يشاركون ضمن جهود الإغاثة الإنسانية فى الكوارث العالمية، مؤكدين أن رسالتهم لا تعترف بحدود. ومن التقنيات الحديثة التى أصبحوا يستعينون بها أيضًا هى الكاميرات التليفزيونية الصغيرة التى تنفذ بين الأنقاض لتحدد ما إذا كان هناك أحياء لم يتم التوصل لهم، وفى حال التوصل لأى حى يهرع متطوعو الهلال الأحمر لإسعافه ونقله إلى واحد من المستشفيات القريبة للاطمئنان عليه. يقول الرقيب أحمد بدوى: فى لحظات الكوارث وعندما تنهار البيوت فجأة على رأس السكان تكون مهمتنا إنقاذهم مهما كلفنا الأمر، فثمة دقائق تفصل بين الحياة والموت، فما علينا إلا ارتداء خوذاتنا وحمل الأدوات ثم نهبط لباطن المنازل المنهارة وننتشل الأحياء، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع كتم فرحته عند إنقاذ الأحياء رغم الغبار والدخان الذى يغطى عينيه كاملًا. ويضيف بدوى: للأسف كل النهايات ليست سعيدة فأحيانا يتعرض بعضنا لفقدان حياته ففى واحد من الانهيارات المنزلية بمنطقة شبرا حاول أحد زملائنا الدخول من فتحة ضيقة لإنقاذ سيدة مسنة إلا أن جزءا من السقف انهار فوقه وإخراجه شهيدًا من تحت الأنقاض وكانت الابتسامة لا تفارق وجهه كأنه أتم عمله على أكمل وجه، مشيرًا إلى أنهم نادرًا ما يظهرون فى الإعلام ولا يهتمون بأضوائه البراقة. ◄ بسالة وشجاعة يقول الرائد كريم محمد: يعد عمل رجال الحماية المدنية من أصعب الأعمال وأكثرها خطورة إذ نتعامل مع الحوادث والكوارث الطبيعية سواء سيول أو انهيارات وتصدعات مبانٍ، فضلا عن إنقاذ أرواح الحيوانات والطيور، كذلك مقاومة الحرائق وإطفاؤها وبالطبع فإننا نتعرض لأخطار الاختناق والحروق بل تصل لحد الوفاة، مشيرًا إلى أن سجلات الحماية المدنية تضم أبطالًا كثرا استشهدوا أثناء مباشرة عملهم. ويشير كريم إلى أنه فى بعض الأوقات يستمر عملهم لساعات طويلة تصل لأيام حتى يتم إنقاذ الضحايا يعاونهم فى ذلك متطوعو الهلال الأحمر وفرق الإسعاف والطوارئ، مؤكدًا أنهم ينسون متاعبهم فور التوصل للأحياء من بين الركام والأنقاض. ◄ أيادي الرحمة بين زحام الخوف والأنقاض تظهر سترات رجال الهلال الأحمر، حمراء وسط الرماد والغبار، يعاونون رجال الحماية المدنية كتفا فى كتف، يركضون حاملين حقائب الإسعاف لمد يد العون للضحايا، يضمدون جراحهم، ويمدونهم بخراطيم الأكسجين منعا للإصابة بالاختناق وضيق التنفس، أبطال تطوعوا عن طيب خاطر لإنقاذ الأرواح وتهدئة روعها. سعيد أحد متطوعى الهلال الأحمر ما لبث أن علم بكارثة عقار السيدة زينب حتى حزم حقيبة إسعافه، وارتدى سترته الحمراء وتوجه على الفور مع بعض زملائه لتقديم يد المساعدة. لم يهتم سعيد بنزيف يديه هو الآخر إذ كان قد جرح من قطعة حديد وهو يحفر بيديه مرددا «مش مهم أنا.. هو الأول». أما «سوزان» وهى ممرضة شابة من فريق الهلال الأحمر فجلست فى إحدى الزوايا الجانبية محتضنة طفلة صغيرة خرجت من تحت الأنقاض، تقوم بتهدئة روعها واحتضانها حتى يداعب النوم عينيها.