الثلاثاء 24 يونيو 2025.. الذهب يتراجع 85 جنيها وعيار 21 يسجل 4715 جنيها    رئيس وزراء لبنان: نريد بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقوانا الذاتية    منتخب فلسطين للسيدات يفتتح مشواره في تصفيات كأس آسيا 2026 بمواجهة ماليزيا    مبابي يواصل الغياب عن تدريبات ريال مدريد الجماعية    طرح بوستر عرض الملك وأنا وافتتاحه على مسرح البالون..الأحد المقبل    خلال 6 أيام منذ طرحه.. "فى عز الضهر" لمينا مسعود يحصد 2.5 مليون جنيه    معهد التخطيط القومي ينظم المؤتمر الدولي السنوي حول «الابتكار والتنمية المستدامة»    وزير الإسكان يتابع موقف منظومة الصرف الصحي بمدن شرق القاهرة    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية التابع للأوقاف    وزير التعليم العالي يعقد اجتماعًا مع رؤساء الجامعات الأهلية الحكومية الجديدة (التفاصيل)    محافظ مطروح يهنئ الرئيس السيسي بالعام الهجري الجديد    «مش النهاية وبداية عهد جديد».. الشناوي يوجه رسالة اعتذار لجماهير الأهلي عقب توديع المونديال    الأهلي يتلقى عرضين لرحيل وسام أبو علي    بنسبة نجاح 78.81%.. اعتماد نتيجة الشهادة الإعدادية بالأقصر    الثانوية العامة 2025.. "التعليم": التعامل بحزم مع محاولات الغش في الامتحانات    أمن المنافذ يضبط 28 قضية أمن عام وهجرة غير شرعية خلال 24 ساعة    إصابة عاملين إثر سقوطهم من اعلي مأذنة مسجد بالمنيا    حملات أمنية لضبط تجار المخدرات والأسلحة النارية غير المرخصة بأسيوط وأسوان ودمياط    ضبط 10 آلاف قطعة لوليتا فاسدة ومخازن مخالفة في حملة رقابية ببني سويف    ارتفاع أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية.. الفراخ البيضاء تصل ل100 جنيه للكيلو    إزالة 10 تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ضمن الموجة 26 بالشرقية    هكذا نعى أحمد الطاهري وفاة والد تامر عبد المنعم    الليلة.. تامر عاشور يحيي حفلا بمهرجان موازين    رئيس الوزراء يستعرض مع رئيس "برجيل القابضة" أوجه التعاون في مجال زرع النخاع    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    قافلة طبية للكشف على نزلاء مستشفى الصحة النفسية في الخانكة    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية في محافظة قنا ضمن زيارة ميدانية    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    "حياتي ومغمراتي".. أحدث إصدارات القومي للترجمة    مستغلة الحرب على إيران.. إسرائيل تشدد قيودها على القدس    «مصر للطيران» تستأنف تشغيل رحلاتها الجوية إلى دول الخليج    البطريركان أفرام الثاني ويوحنا العاشر يزوران جرحى تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    واشنطن بوست: ترامب دمر خطط «الناتو» بشأن أوكرانيا بضربة إيران    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    ضبط 1257 قضية في حملات ب مترو الأنفاق والقطارات ومحطات السكك الحديدية    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    وزير البترول: وحدات التغييز الجديدة تعزز جاهزية البنية التحتية لتأمين الغاز خلال الصيف    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد وداع كأس العالم للأندية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    أقوى 46 سؤالا فى الفيزياء لطلاب الثانوية العامة.. أفكار لن يخرج عنها الامتحان    السفير الأمريكى لدى إسرائيل يرحب بإعلان ترامب وقف إطلاق النار مع إيران    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    علاج الإمساك المزمن، بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    ذاكرة الكتب| التاريخ الأسود ل إسرائيل في اغتيال علماء الذرة العرب.. سميرة موسى نموذجًا    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    سى إن إن عن مسئول إيرانى: إسرائيل تواصل الهجمات ولم نتلق مقترحات لوقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساطير مخابراتية زائفة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 24 - 06 - 2025

‬الاختراق ‬الذى ‬حققته ‬أجهزة ‬الاستخبارات ‬الإسرائيلية ‬فى ‬الداخل ‬الإيرانى ‬أصاب ‬كل ‬من ‬تابعه ‬بالدهشة ‬سواء ‬أصدقاء ‬أو ‬أعداء ‬نظام ‬إيران ‬بسبب ‬حجم ‬هذا ‬الاختراق ‬الاستخباراتى ‬ودقته. ‬
أعطت ‬هذه ‬الدهشة ‬انطباعات ‬أن ‬إسرائيل ‬تمتلك ‬جهازًا ‬للاستخبارات ‬الخارجية " ‬الموساد " ‬فوق ‬الفعل ‬البشرى ‬وقادر ‬على ‬صناعة ‬الأساطير، ‬لكن ‬مراجعة ‬الحقائق ‬تثبت ‬أن ‬تاريخ ‬هذا ‬الجهاز ‬ونشاطه ‬منذ ‬تأسيسه ‬مع ‬مقارنته ‬بعمليات ‬أجهزة ‬استخباراتية ‬أخرى ‬تؤكد ‬أننا ‬أمام ‬جهاز ‬استخباراتى ‬نكساته ‬أكبر ‬بكثير ‬من ‬نجاحاته ‬وكل ‬مايروج ‬له ‬مجرد ‬أساطير ‬زائفة ‬تغذيها ‬الدعاية ‬السوداء. ‬
يأتى ‬الاختراق ‬الأخير ‬والناجح ‬للداخل ‬الإيرانى ‬ومن ‬قبله ‬لذراع ‬نظام ‬إيران ‬فى ‬لبنان ‬ميليشيا ‬‮«‬حزب ‬الله‮»‬ ‬ليعطى ‬تأكيدًا ‬للأسطورة ‬الزائفة ‬حول ‬مهارة ‬هذا ‬الجهاز ‬والعاملين ‬به ‬وينفى ‬عنه ‬الفشل، ‬لكن ‬هناك ‬سؤالا ‬ملحًا ‬يفرض ‬نفسه ‬على ‬المتابع ‬المندهش ‬لماذا ‬تحقق ‬إسرائيل ‬وجهازها ‬الاستخباراتى ‬هذه ‬الاختراقات ‬الناجحة ‬ضد ‬النظام ‬الإيرانى ‬وأذرعه ‬فقط ‬ونجد ‬الفشل ‬يطاردها ‬فى ‬أغلب ‬عملياتها ‬الأخرى؟ ‬
قبل ‬الإجابة ‬على ‬هذا ‬السؤال ‬يمكن ‬لأى ‬متابع ‬مندهش ‬الوصول ‬إلى ‬شبكة ‬المعلومات ‬وسيجد ‬الشبكة ‬مكتظة ‬بإخفاقات ‬الجهاز ‬‮«‬ ‬الرهيب‮»‬ ‬وهى ‬معلومات ‬ليست ‬سرية ‬أو ‬صعب ‬الوصول ‬إليها ‬لأن ‬العمليات ‬الفاشلة ‬لايمكن ‬إخفاء ‬تفاصيلها، ‬وعملاء ‬الموساد ‬الذين ‬تم ‬كشفهم ‬أو ‬القبض ‬عليهم ‬أثناء ‬هذه ‬العمليات ‬الكارثية ‬تتصدر ‬أسماءهم ‬وصورهم ‬شبكة ‬المعلومات. ‬
عندما ‬نعود ‬لسؤالنا ‬ندرك ‬أولا ‬أن ‬النجاح ‬الذى ‬تحققه ‬أجهزة ‬المخابرات ‬الإسرائيلية ‬ضد ‬نظام ‬إيران ‬وأذرعها ‬لايعود ‬إلى ‬مهارتها ‬بل ‬إلى ‬عوامل ‬خاصة ‬بالنظام ‬الإيرانى ‬وتصل ‬هذه ‬العوامل ‬إلى ‬درجة ‬صراع ‬داخلى ‬إيرانى / ‬إيرانى ‬تستغله ‬إسرائيل ‬فى ‬تنفيذ ‬عملياتها. ‬
‬لم ‬تبن ‬إسرائيل ‬شبكات ‬معقدة ‬فى ‬الداخل ‬الإيرانى ‬أو ‬جندت ‬بذكاء ‬فذ ‬آلاف ‬الإيرانيين ‬ليعملوا ‬فى ‬خدمتها ‬أو ‬كما ‬تروج ‬تل ‬أبيب ‬بغطرسة ‬أن ‬جهازها ‬الاستخباراتى ‬بكامله ‬داخل ‬المدن ‬الإيرانية ‬يعمل ‬على ‬تحقيق ‬أهدافه، ‬الحقيقة ‬أن ‬تراكم ‬العوامل ‬المرتبطة ‬بالصراع ‬الإيرانى / ‬الإيرانى ‬فتحت ‬لإسرائيل ‬أبواب ‬الداخل ‬الإيرانى ‬على ‬مصراعيه ‬ولو ‬حاولنا ‬تحليل ‬هذا ‬الصراع ‬بكافة ‬جوانبه ‬فالأمر ‬يحتاج ‬إلى ‬مجلدات ‬لكنها ‬إطلالة ‬سريعة ‬عليه ‬تنفى ‬الادعاء ‬الذى ‬يروج ‬له ‬المتغطرسون.‬
أول ‬هذه ‬العوامل ‬يمكن ‬تسميته (‬تداعيات ‬الثورة ‬المسروقة) ‬وقد ‬بدأ ‬نشاط ‬هذا ‬العامل ‬مع ‬اللحظات ‬الأولى ‬لاندلاع ‬الثورة ‬الإيرانية ‬فى ‬فبراير ‬1979، ‬صورت ‬دعاية ‬النظام ‬الإيرانى ‬أن ‬من ‬صنع ‬الثورة ‬هم ‬رجال ‬الدين ‬الملالى ‬وأن ‬لحظة ‬انتصار ‬هذه ‬الثورة ‬كانت ‬لحظة ‬هبوط ‬الخومينى ‬على ‬أرض ‬طهران ‬محمولا ‬على ‬طائرة ‬الخطوط ‬الجوية ‬الفرنسية ‬وبصحبة ‬لفيف ‬من ‬الأصدقاء ‬الغربيين ‬هى ‬لحظة ‬انتصار ‬الثورة. ‬
لم ‬يكن ‬الملالى ‬إلا ‬جزءًا ‬محدودًا ‬من ‬هذه ‬الثورة ‬بل ‬أسهمت ‬تيارات ‬سياسية ‬أخرى ‬فى ‬صناعتها ‬وبنصيب ‬كبير ‬لكن ‬الشعبوية ‬باسم ‬الدين ‬ومساعدة ‬الدعاية ‬الغربية ‬التى ‬كانت ‬تريد ‬تنظيمًا ‬دينيًا ‬على ‬حدود ‬الاتحاد ‬السوفيتى ‬وقتها ‬أتمت ‬عملية ‬السرقة ‬بنجاح ‬ولم ‬يكتف ‬نظام ‬أو ‬تنظيم ‬الملالى ‬بتحييد ‬هذه ‬التيارات، ‬لكن ‬انطلقت ‬عمليات ‬تصفية ‬وإعدامات ‬واغتيالات ‬فى ‬شوارع ‬طهران ‬والمدن ‬الأخرى ‬لكل ‬من ‬عارض ‬الخومينى ‬وملاليه. ‬
بعد ‬هذه ‬الهجمة ‬الشرسة ‬تشكل ‬المجلس ‬الوطنى ‬للمقاومة ‬الإيرانية ‬فى ‬1981 ‬ليعلن ‬الكفاح ‬المسلح ‬ضد ‬النظام ‬الإيرانى ‬وفى ‬قلب ‬هذا ‬المجلس ‬حركة ‬مجاهدى ‬خلق ‬للإطاحة ‬بنظام ‬خومينى ‬ونحن ‬هنا ‬لانتكلم ‬عن ‬حركات ‬مقاومة ‬صوتية ‬بل ‬حركات ‬مسلحة ‬وتمتلك ‬أجهزة ‬استخبارات ‬والأهم ‬أنها ‬ممتدة ‬فى ‬الداخل ‬الإيرانى ‬رغم ‬أن ‬قيادتها ‬تديرها ‬من ‬خارج ‬إيران ‬وأيضا ‬لها ‬ثارات ‬شخصية ‬مع ‬النظام ‬الإيرانى..‬
لنعرف ‬مدى ‬امتداد ‬هذه ‬الحركات ‬داخل ‬إيران ‬فالبرنامج ‬النووى ‬الإيرانى ‬كاملا ‬بأدق ‬تفاصيله ‬وتصميمات ‬منشآته ‬ومن ‬يتولى ‬إدارته ‬وأسماء ‬العلماء ‬الذين ‬يشرفون ‬عليه ‬نشرته ‬عناصر ‬حركة ‬مجاهدى ‬خلق ‬فى ‬العام ‬2002 ‬أمام ‬العالم ‬لتبدأ ‬أزمة ‬إيران ‬وبرنامجها ‬النووى ‬مع ‬الولايات ‬المتحدة ‬والغرب.‬
ظل ‬هذا ‬البرنامج ‬سريًا ‬لما ‬يزيد ‬عن ‬عشر ‬سنوات ‬ولم ‬يكتشفه ‬الجهاز ‬الاستخباراتى ‬‮«‬ ‬الرهيب‮»‬ ‬بل ‬كشف ‬نتيجة ‬الصراع ‬الداخلى ‬الإيرانى / ‬الإيرانى، ‬لذلك ‬عندما ‬نشاهد ‬هذه ‬الدقة ‬فى ‬أاصطياد ‬العلماء ‬وقيادات ‬الحرس ‬الثورى ‬داخل ‬شققهم ‬وبيوتهم ‬الآمنة ‬فلم ‬يكن ‬هذا ‬نتيجة ‬براعة ‬هذا ‬الجهاز ‬لكنها ‬ناتجة ‬عن ‬تواجد ‬تلك ‬العناصر ‬الإيرانية ‬فى ‬الداخل ‬وهى ‬من ‬تقوم ‬بكل ‬العمل ‬وتحولها ‬الدعاية ‬الإسرائيلية ‬لصالحها ‬بعد ‬أن ‬تتعاون ‬معها. ‬
بالنسبة ‬لنقطة ‬الدعاية ‬تلك ‬فإن ‬اللقطات ‬التى ‬نشرتها ‬إسرائيل ‬لما ‬تزعم ‬بأنها ‬عناصر ‬تابعة ‬لها ‬تعمل ‬فى ‬الداخل ‬الإيرانى ‬هى ‬فى ‬حقيقتها ‬عناصر ‬تلك ‬الحركات ‬المعارضة ‬، ‬تبقى ‬نقطة ‬لماذا ‬لا ‬تشير ‬هذه ‬العناصر ‬إلى ‬عملها ‬ويتم ‬نسبته ‬الى ‬إسرائيل ‬ومخابراتها؟ ‬لأن ‬الهدف ‬النهائى ‬الذى ‬تسعى ‬إليه ‬هذه ‬الحركات ‬هو ‬إضعاف ‬النظام ‬ثم ‬سقوطه ‬بتحرك ‬شعبى ‬لتتولى ‬بعدها ‬الحكم ‬لذلك ‬فهى ‬لا ‬تريد ‬أن ‬توصم ‬نفسها ‬بالخيانة ‬والتعاون ‬مع ‬إسرائيل ‬حتى ‬تستطيع ‬أن ‬تقود ‬هذا ‬الحراك ‬الشعبى ‬كحركة ‬معارضة ‬وليس ‬حركة ‬خائنة ‬استعانت ‬بالخارج ‬للوصول ‬إلى ‬الحكم. ‬
العامل ‬الثانى ‬الذى ‬يشعل ‬الصراع ‬الإيرانى /‬الإيرانى ‬يمكن ‬أن ‬نطلق ‬عليه (‬البازار ‬وزعيمه) ‬يعتبر ‬مصطلح ‬البازار ‬فى ‬إيران ‬رمزًا ‬للطبقة ‬الغنية ‬المسيطرة ‬والتى ‬تحالفت ‬مع ‬النظام ‬بعد ‬الثورة ‬من ‬أجل ‬الحفاظ ‬على ‬مصالحها ‬وكان ‬يقود ‬هذه ‬الطبقة ‬هاشمى ‬رفسنجانى ‬أغنى ‬رجل ‬فى ‬إيران ‬وملك ‬البترول ‬والفستق ‬وأيضا ‬رئيس ‬إيران ‬السابق ‬رغم ‬أن ‬هناك ‬جانبًا ‬يجعل ‬رفسنجانى ‬محسوبًا ‬على ‬طبقة ‬رجال ‬الدين ‬إلا ‬أن ‬انتماءه ‬الأكبر ‬لهذه ‬الطبقة ‬الغنية ‬المسيطرة ‬والتى ‬بدأت ‬فى ‬الصدام ‬مع ‬النظام ‬بعد ‬صعود ‬نجم ‬قاسم ‬سليمانى ‬وإدارته ‬للحرس ‬الثورى ‬وتجلى ‬هذا ‬الصراع ‬فى ‬خصومة ‬قاتلة ‬بين ‬رفسنجانى ‬وسليمانى. ‬
رفض ‬رفسنجانى ‬سيطرة ‬سليمانى ‬وحرسه ‬على ‬مقدرات ‬إيران ‬السياسية ‬والاقتصادية ‬وإعلان ‬عدائهم ‬للغرب ‬بهذه ‬الشراسة ‬وعدم ‬حساب ‬التوازنات ‬الدولية ‬خاصة ‬بعد ‬فرض ‬العقوبات ‬على ‬إيران ‬وبدأت ‬المعركة ‬بين ‬الاثنين ‬تظهر ‬إلى ‬العلن ‬وتحديدًا ‬عندما ‬ألقى ‬سليمانى ‬كل ‬أوراق ‬إيران ‬فى ‬الجانب ‬الصينى ‬وكانت ‬رؤية ‬رفسنجانى ‬أن ‬الرعونة ‬التى ‬يمارسها ‬سليمانى ‬فى ‬إدارة ‬موقف ‬إيران ‬داخل ‬اللعبة ‬الدولية ‬الخطرة ‬ستؤدى ‬فى ‬النهاية ‬إلى ‬صدام ‬إيرانى / ‬غربى ‬تقوده ‬الولايات ‬المتحدة ‬يتعدى ‬فرض ‬العقوبات ‬إلى ‬صدام ‬عسكرى ‬مباشر. ‬
عندما ‬وجد ‬رفسنجانى ‬أنه ‬يتم ‬محاصرته ‬سياسيًا ‬واقتصاديًا ‬ورفض ‬ترشحه ‬للرئاسة ‬مرة ‬أخرى ‬واتهامه ‬بأنه ‬رجل ‬أمريكا ‬اتجه ‬إلى ‬تأييد ‬الحركات ‬الإصلاحية ‬التى ‬تعترض ‬على ‬مايفعله ‬النظام ‬الإيرانى ‬وحرسه ‬والمليارات ‬التى ‬تنفق ‬على ‬ميليشيات ‬خارجية، ‬والإيرانيون ‬يعانون ‬من ‬أزمة ‬اقتصادية ‬طاحنة ‬وهو ‬ما ‬أدى ‬إلى ‬العديد ‬من ‬الهبات ‬الشعبية ‬ولكن ‬الحرس ‬قمعها ‬وهنا ‬وصل ‬الصراع ‬بين ‬الرجلين ‬أو ‬التيارين ‬تيار ‬رفسنجانى ‬المؤيد ‬من ‬طبقة ‬تمتلك ‬نفوذًا ‬وقدرة ‬اقتصادية ‬وتيار ‬سليمانى ‬وحرسه ‬الذى ‬يريد ‬فرض ‬سطوته ‬على ‬إيران ‬بكاملها ‬وعلى ‬المرشد ‬خامنئنى ‬الذى ‬انحاز ‬إلى ‬سليمانى. ‬
فى ‬العام ‬2017 ‬أعلن ‬عن ‬وفاة ‬رفسنجانى ‬بأزمة ‬قلبية ‬فى ‬ظروف ‬غامضة ‬وهنا ‬خرجت ‬عائلة ‬رفسنجانى ‬وعلى ‬رأسها ‬ابنتيه ‬فائزة ‬وفاطمة ‬ليعلنتا ‬أن ‬والدهما ‬اغتيل ‬على ‬يد ‬الحرس ‬الثورى ‬بأوامر ‬من ‬سليمانى ‬ولم ‬يمت ‬بأزمة ‬قلبية ‬واللتان ‬تم ‬اعتقالهما ‬على ‬الفور ‬
تعددت ‬روايات ‬اغتيال ‬رفسنجانى ‬بأنه ‬تعرض ‬لتسمم ‬بعناصر ‬مشعة ‬أو ‬تم ‬تسميمه ‬بسم ‬لا ‬يمكن ‬كشفه ‬لكن ‬هناك ‬رواية ‬أصبحت ‬سائدة ‬حول ‬كيفية ‬اغتيال ‬رفسنجانى ‬وهى ‬أن ‬قاسم ‬سليمانى ‬طلب ‬الالتقاء ‬به ‬فى ‬أحد ‬فيلات ‬مخابرات ‬الحرس ‬الثورى ‬الآمنة ‬لإنهاء ‬الخلافات ‬بينهما ‬وفتح ‬صفحة ‬جديدة ‬وبمجرد ‬وصول ‬رفسنجانى ‬إلى ‬المكان ‬تولت ‬عناصر ‬مخابرات ‬الحرس ‬الثورى ‬إغراقه ‬فى ‬حمام ‬سباحة ‬الفيلا ‬ليعلن ‬بعد ‬ذلك ‬وفاته ‬بأزمة ‬قلبية. ‬
لم ‬يكن ‬رفسنجانى ‬رجلا ‬عاديًا ‬داخل ‬النظام ‬الإيرانى ‬أو ‬على ‬الهامش ‬هو ‬وعائلته ‬بل ‬هو ‬يمثل ‬تيارًا ‬ذو ‬نفوذ ‬وقوة ‬كبيرة ‬وتستطيع ‬بقوتها ‬الاقتصادية ‬اختراق ‬النظام ‬الإيرانى ‬وحرسه ‬إلى ‬أعلى ‬المستويات ‬غير ‬اتصال ‬هذا ‬التيار ‬بدوائر ‬صنع ‬القرارالغربية ‬والأمريكية ‬لذلك ‬وبعد ‬فترة ‬وجيزة ‬وفى ‬نفس ‬الشهر ‬يناير ‬الذى ‬مات ‬فيه ‬أو ‬قتل ‬رفسنجانى ‬اغتيل ‬قاسم ‬سليمانى ‬فى ‬مطار ‬بغداد ‬بصاروخ ‬أمريكى ‬برفقة ‬ابو ‬مهدى ‬المهندس ‬القائد ‬بالميليشيات ‬الإيرانية ‬فى ‬العراق ‬أثناء ‬فترة ‬ولاية ‬ترامب ‬الأولى. ‬
رغم ‬الاحتياطات ‬الأمنية ‬عالية ‬المستوى ‬التى ‬كانت ‬تغلف ‬كافة ‬تحركات ‬قاسم ‬سليمانى ‬الرجل ‬الأقوى ‬فى ‬إيران ‬إلا ‬أن ‬المعلومات ‬عن ‬تحركاته ‬وساعة ‬تواجده ‬فى ‬مطار ‬بغداد ‬وصلت ‬إلى ‬المخابرات ‬الأمريكية ‬بدقة ‬متناهية ‬من ‬داخل ‬إيران ‬،من ‬كان ‬يستطيع ‬بنفوذه ‬تحقيق ‬هذا ‬الاختراق ‬الصادم ‬فى ‬الجدار ‬الأمنى ‬الإيرانى؟ ‬ومن ‬يحمل ‬ثأرًا ‬ضد ‬سليمانى ‬وحرسه ‬الثورى ‬لم ‬يغلق ‬ملفه ‬بعد؟ ...‬وإذ ‬كان ‬تم ‬اصطياد ‬الرأس ‬فالذيول ‬مازالت ‬طليقة. ‬
لذلك ‬عندما ‬نشاهد ‬الدقة ‬فى ‬اصطياد ‬قيادات ‬الحرس ‬الثورى ‬والعلماء ‬بالبرنامج ‬النووى ‬فى ‬شققها ‬الآمنة ‬أو ‬بمجرد ‬استبدال ‬القائد ‬المغتال ‬بآخر ‬يتم ‬فى ‬ساعات ‬اغتيال ‬هذا ‬الآخر ‬يجب ‬أن ‬نتذكر ‬عملية ‬قاسم ‬سليمانى ‬وأن ‬كل ‬هذا ‬الاختراق ‬نتيجة ‬للصراع ‬الإيرانى/ ‬الإيرانى ‬والتحالفات ‬فى ‬هذا ‬الداخل ‬القائمة ‬بين ‬طبقة ‬ذات ‬نفوذ ‬اقتصادى ‬تستطيع ‬شراء ‬المعلومات ‬وعناصر ‬معارضة ‬مدربة ‬ومسلحة ‬تتحرك ‬على ‬الأرض ‬تستخدم ‬هذه ‬المعلومات ‬وهدف ‬الجميع ‬إسقاط ‬النظام ‬وحرسه ‬، ‬أما ‬الجهاز ‬الاستخباراتى ‬‮«‬الرهيب‮»‬ ‬فهو ‬غارق ‬فى ‬بحور ‬الدعاية ‬الزائفة ‬محاولا ‬التغطية ‬على ‬إخفاقاته ‬المتوالية. ‬
نأتى ‬للعامل ‬الثالث ‬العامل ‬الذى ‬صنعه ‬النظام ‬الإيرانى ‬بيده ‬دون ‬تدخل ‬خارجى ‬أو ‬داخلى ‬وهو (‬تدمير ‬مفهوم ‬الدولة ‬الإيرانية) ‬فمنذ ‬استيلاء ‬نظام ‬الملالى ‬على ‬الحكم ‬قرر ‬استبدال ‬مفهوم ‬الدولة ‬المنضبط ‬بمراهقة ‬التنظيم ‬المنفلت ‬فقد ‬تم ‬تفكيك ‬كل ‬مقومات ‬الدولة ‬الإيرانية ‬لصالح ‬المراهقة ‬التنظيمية ‬وكان ‬على ‬رأس ‬ذلك ‬تخريب ‬الجيش ‬واستبداله ‬بما ‬يسمى ‬بالحرس ‬الثورى ‬وتوالى ‬بعد ‬ذلك ‬تحطيم ‬كافة ‬مؤسسات ‬الدولة ‬السياسية ‬،الاقتصادية، ‬الأمنية ‬والاجتماعية ‬لصالح ‬جنون ‬التنظيم ‬وأول ‬درجات ‬الجنون ‬التنظيمى ‬هى ‬السرية ‬فى ‬إدارة ‬الأمة ‬فلا ‬أحد ‬يعلم ‬من ‬يدير ‬ولصالح ‬من ‬وهو ‬المضاد ‬تمامًا ‬لمفهوم ‬الدولة ‬المنضبط ‬حتى ‬لو ‬تعرض ‬مفهوم ‬الدولة ‬لهزات ‬فما ‬يحافظ ‬على ‬استمراره ‬وضوح ‬مؤسساته ‬وقابلية ‬إصلاحها ‬عكس ‬التنظيم ‬وسريته ‬وغموضه. ‬
المضحك ‬أن ‬النظام ‬الإيرانى ‬وجد ‬فى ‬الفاشية ‬الإخوانية ‬وغبائها ‬المزمن ‬ضالته ‬فرغم ‬اختلاف ‬المذهب ‬إلا ‬أن ‬الاثنين ‬ينتميان ‬لنفس ‬الجنون ‬التنظيمى ‬فبدلا ‬من ‬المرشد ‬العام ‬يصبح ‬فى ‬إيران ‬المرشد ‬الأعلى ‬ويتحول ‬التنظيم ‬الخاص ‬فى ‬صورته ‬الإيرانية ‬إلى ‬الحرس ‬الثورى ‬ومجلس ‬شورى ‬الجماعة ‬فى ‬النسخة ‬الفارسية ‬يطلق ‬عليه ‬مصلحة ‬تشخيص ‬النظام. ‬
الأكثر ‬إضحاكا ‬أن ‬نظام ‬الملالى ‬أراد ‬أن ‬ينقل ‬خبراته ‬التنظيمية ‬العميقة ‬إلى ‬الفاشية ‬الإخوانية ‬يوم ‬أن ‬تسللت ‬إلى ‬السلطة ‬فى ‬مصر ‬لكن ‬ضعف ‬الطالب ‬والمطلوب ‬لأن ‬الأمة ‬المصرية ‬هى ‬من ‬ابتكرت ‬مفهوم ‬الدولة ‬وأهدته ‬للبشرية ‬من ‬أجل ‬أن ‬تنظم ‬الحركة ‬الإنسانية ‬لذلك ‬أطاحت ‬الأمة ‬المصرية ‬فى ‬ساعات ‬بالفاشية ‬الإخوانية ‬وجنونها ‬التنظيمى ‬ومن ‬ورائها. ‬
توضح ‬العوامل ‬السابقة ‬أن ‬الصراع ‬الإيرانى / ‬الإيرانى ‬هو ‬السبب ‬الرئيسى ‬فى ‬هذا ‬الاختراق ‬الفاضح ‬فى ‬الداخل ‬الإيرانى ‬والذى ‬امتد ‬حتى ‬إلى ‬أذرعه ‬الميليشياويه ‬فى ‬لبنان ‬أما ‬عبقرية ‬الجهاز ‬الاستخباراتى "‬الرهيب" ‬فهى ‬مجرد ‬اساطير ‬زائفة. ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.