قد يدفع التورط الأمريكى المباشر إيران إلى تحريك أذرعها فى المنطقة والخلايا النائمة التابعة لمخابراتها حول العالم أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أن الولاياتالمتحدة نفذت «هجومًا ناجحًا للغاية» على مواقع نووية فى إيران، بما فى ذلك فوردو ونطنز وأصفهان وهو ماذكره ترامب فى منشور على منصته «تروث سوشيال». ومن الواضح من متابعة ما جرى قبل وبعد المشاركة الأمريكية فى توجيه الضربات وجود تنسيق أمنى واستراتيجى بين الجانبين الإسرائيلى والأمريكى. وقد تمت مراجعة وتقييم وحصر بنك الأهداف والخطط العسكرية، والدروس الأولية المستخلصة من الهجمات الأمريكية برغم ما أشار إليه رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو مسبقا وقبل توجيه الضربات من أن إسرائيل لديها القدرة على إزالة جميع المنشآت النووية الإيرانية، سواء قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الانضمام أم لا. كما تم تشكيل آلية مشتركة (غرفة استراتيجية) قبل توجيه الضربات الأمريكية على إيران تأكيدا لما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أنه من المتوقع أن يتوسع الدعم الأمريكى خلال الأيام المقبلة، وضرورة تعامل المسئولين الإسرائيليين بحذر واحترام مع الرئيس الأمريكى ترامب فى تصريحاتهم العلنية بما فى ذلك مرحلة ما بعد الضربات. ستؤدى هذه الضربة إلى فترات من التصعيد، ولكنها قد تسرّع أيضًا فى إنهاء الحرب وتقويض البرنامج النووى الإيرانى بعد انضمام الولاياتالمتحدة للمواجهة خاصة وقد أعلن أن الجانبين الأمريكى والإسرائيلى سبق أن تم التنسيق بينهما فى مناورات جرت بين الطرفين خلال الأشهر الأخيرة وقد تضمن التنسيق الإسرائيلى الأمريكى -قبل توجيه الضربات- تبادل معلومات استخباراتية بشأن التقدم فى استهداف المشروع النووى الإيراني، من دون الحاجة لفترة تجهيز أو تنسيق إضافى وأنه بمجرد أن اتخذ الرئيس ترامب قرار الهجوم كان بمقدور الجانب الأمريكى العمل مباشرة بعد نقل كل ما لدى إسرائيل من معلومات للعمل المشترك فى مسارح العمليات داخل إيران فيما ألمح رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى فى البرلمان الإيرانى إسماعيل كسّاري، إلى إمكانية لجوء إيران إلى إغلاق الممر الملاحى الذى يمر عبره نحو 20% من نفط العالم، وهو ما سيمثل إجراءً غير مسبوق فى مسار المواجهة الأمريكية الإسرائيلية تجاه إيران (تدخّل الولاياتالمتحدة فى الصراع قد يجبر إيران على توسيع تهديداتها لتشمل سفنا غير إسرائيلية). فى المجمل قد يدفع التورط الأمريكى المباشر فى الصراع بين إسرائيل وإيران، إيران إلى تحريك أذرعها فى المنطقة والخلايا النائمة التابعة لمخابراتها حول العالم. ومن الواضح أن إيران راعت منذ بدء الهجمات الإسرائيلية يوم 13 يونيو الجاري، بشكل استراتيجى الحفاظ على مخزون كافٍ من الصواريخ تحسبا لهجوم أمريكى محتمل واستعدادًا لتوسيع نطاق الحرب حيث تمتلك الولاياتالمتحدة قواعد عسكرية فى 19 موقعا على الأقل فى منطقة الشرق الأوسط، تستضيف ما يتراوح بين 40 إلى 50 ألف جندى أمريكي. ومن غير المستبعد حدوث ردود انتقامية إيرانية تستهدف القواعد الأمريكية فى المنطقة، فضلا عن إمكانية تعطيل حركة نقل النفط العالمية فى مضيق هرمز، الذى يعتبر ممرا حيويا لشحن النفط. وقد تطلق إيران الخيار شبه الصفرى لعمليات تخريبية أخرى باعتبار المواجهة الحالية صراعا وجوديا للنظام (قامت سلطات إنفاذ القانون فى الولاياتالمتحدة بتعزيز عمليات المراقبة لعملاء إيران داخل أمريكا) ومعلوم أن القوة الإيرانية تتمتع بكفاءة عالية فى الحروب غير المتكافئة، إذ استعدت إيران لهجوم محتمل على حركة الشحن البحرى عبر مضيق هرمز، الذى يعد البوابة الرئيسية للبحر الأحمر وقناة السويس، ويقع بين جيبوتى واليمن، بعرض 15 ميلا عند أضيق نقطة، وهو ما يتيح لأنصار الله الحوثيين فى اليمن تكثيف هجماتهم الصاروخية على السفن، الأمر الذى سيؤدى إلى عواقب وخيمة على سلاسل الإمداد العالمية. وقد توجه إيران وكلاءها مثل الحوثيين فى اليمن، وحزب الله فى لبنان، والفصائل العراقية بما فى ذلك الحشد الشعبى لاستهداف بعض المواقع وهو ما يؤكد أن إيران لديها قوة إسناد ولو نظريا حتى الآن بما فى ذلك احتمال إقدام الحوثيين على استهداف الحضور الأمريكى فى الخليج مجددا. وقد تلجأ إيران إلى احتجاز مواطنين أمريكيين على أراضيها أو فى الدول التى تتواجد فيها أذرعها المسلحة حيث أكد تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية، صدر مؤخرا أن بعض الأمريكيين واجهوا صعوبات خلال مغادرتهم إيران، محذّرة مواطنيها من أنهم قد يصادفون نقاط تفتيش واستجوابات من قبل السلطات الإيرانية (أعلن التليفزيون الإيراني، أمس أن كل مواطن أمريكى فى المنطقة سيكون هدفًا مشروعًا لإيران، كما أكد الحرس الثورى الإيرانى أنه سيستهدف جميع مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية فى الشرق الأوسط). وأخيرا يكشف الموقف الأمريكى المعقد الذى يوازن بين الرغبة فى القضاء على المشروع النووى الإيرانى بعد توجيه الضربات، لكنه يحذر فى الوقت ذاته من خوض حرب مفتوحة مع إيران ستعرض وجوده العسكرى بالمنطقة للخطر، واحتمالات استهداف قواعده العسكرية الموجودة فيها، وقد يقع مجددا فى مستنقع شبيه بالمستنقع العراقى أو الأفغانى يستنزف موارد الولاياتالمتحدة، ويؤلِّب الرأى العام الأمريكى على قرار الرئيس ترامب بالهجوم على إيران ويستند موقف رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو إلى اعتبارين: أولا: تحميل الولاياتالمتحدة عبء الحرب لتتخفف منه إسرائيل. ثانيا: يعلم نتنياهو أن إسرائيل لا تمتلك القدرات العسكرية للقضاء التام على المشروع النووى الإيرانى بدون دعم أمريكى كما ستستكمل الولاياتالمتحدة مهامها ولو بصورة جزئية فى استهداف مواقع إيرانية أخرى إذا ساءت وضعية إسرائيل ولم تعد قادرة على كبح الهجمات الإيرانية وإذا بدت إيران ضعيفة غير قادرة على توجيه ضربات مؤلمة توقع خسائر كبيرة، أو رفضت إيران القبول بالشروط الأمريكية للعودة إلى المفاوضات مجددا.