هل نحن أمام المشهد الأخير أم قبل الأخير من مسرحية «الشرق الأوسط الجديد» التى يقوم فيها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بدور المخرج، ويقوم رئيس وزراء الكيان الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بدور المخرج المنفذ؟ كل شىء معد سلفًا، كل اللاعبين على المسرح يعرفون أدوارهم، ويتقنونها، تدربوا عليها عدة مرات، بداية من الذهاب إلى مفاوضات دبلوماسية عبثية مع إيران، لاستهلاك الوقت، وإعطاء الفرصة لإسرائيل لتوجيه الضربة لإيران، ولتفتح بعدها أبواب جهنم على المنطقة كلها، وانتهاء بالضربة الأمريكية التى استهدفت القضاء على المنشآت النووية الإيرانية فى «فوردو» و»نطنز» و»أصفهان». الطريف والمبكى فى الوقت ذاته هو وصف ترامب لما حدث بأنه لحظة تاريخية لأمريكا وإسرائيل والعالم، وأنه على إيران الموافقة على إنهاء الحرب الآن (بمعنى آخر تعلن استسلامها)، محذرًا: «إما سلام، أو مأساة»، وفى الفاصل يظهر بنيامين نتنياهوعلى المسرح ليعلن شعار المرحلة الذى يجب على الجميع القبول به، عندما قال بلغة لا تحتمل اللبس: إن ما حدث يجسد مبدأ «السلام عبر القوة»، وأضاف: «الرئيس ترامب وأنا نقول دائمًا: أولاً تأتى القوة، ثم يأتى السلام». أوروبا كعادتها، تتابع المشهد، تصفق لأبطال العمل وتضفى الشرعية على ضرب إيران، تماما كما شرعنت ضرب أمريكا للعراق، وهو لا يملك أى قدرات نووية من أى نوع. ظنى أننا أمام المشهد قبل الأخير، فاستسلام إيران، بعد دخول أمريكا صراحة الحرب ضد إيران، يعد مسألة وقت، اذا لم يكن اليوم فسوف يكون الغد، وظنى أن الضربة الأمريكية الأولى سوف تعقبها ضربات أخرى، فالهدف لم يعد المشروع النووى الإيرانى فقط، بل هناك خطر على إسرائيل يجب إسكاته للأبد يتمثل فى تدمير قدرات إيران من الصواريخ البالستية، وقد يتطور الأمر لما هو أهم بإزاحة النظام الإيرانى، ودعم نظام صناعة أمريكية، يدين بالولاء لها، ويتصالح مع إسرائيل، وهذا بالطبع لن يمنع إيران من إلحاق المزيد من الخسائر الموجعة لإسرائيل، خلال هذه الفترة. لكن المشهد الأخير لم يأت بعد، وهو مشهد عنوانه: ماذا بعد ضرب إيران ؟