اندلاع الاحتجاجات مؤخرًا فى لوس أنجلوس، نتيجة لمداهمات إدارة الهجرة والجمارك (ICE) في السادس من يونيو 2025، كشف بوضوح عن الانقسامات العميقة داخل المجتمع الأمريكي، وأثار تساؤلات ملحة بشأن تماسك البلاد الداخلى وظل العنصرية الذي لا يزال يخيم عليها. وقد أصبحت هذه الاحتجاجات، التي تميزت بمزيج من التظاهرات السلمية والمواجهات العنيفة، رمزًا قويًا للتوترات الداخلية الأوسع المرتبطة بالهجرة وتطبيق القانون والعدالة العرقية. ◄ مظاهرات تضامنية في نيويورك وشيكاغو ودالاس جاءت الشرارة الأولى عندما نفذ عملاء ICE مداهمات منسقة في عدة مناطق في لوس أنجلوس، بما فى ذلك حى الأزياء (Fashion District) ومنطقة ويستليك (Westlake)، حيث تم احتجاز العشرات من الأشخاص المشتبه في مخالفتهم لقوانين الهجرة، وقد كانت هذه المداهمات جزءًا من حملة فيدرالية أوسع على المهاجرين غير الموثقين، لكن الطابع العدوانى لتلك العمليات والوجود البارز لعناصر فيدرالية مجهزة بعتاد مكافحة الشغب أثار غضبًا عامًا سريعًا. وخلال ساعات، تجمع آلاف المتظاهرين في وسط المدينة، حيث سعى الكثير منهم إلى منع تنفيذ عمليات الاعتقال والمطالبة بوقف ما يرونه سياسات هجرة جائرة وعنصرية التوجه، وفقًا لموقع cbsnews الأمريكي. ◄ اقرأ أيضًا | «أكسيوس» ترامب ناقش مع مساعديه توجيه ضربة عسكرية ل «منشأة فوردو النووية الإيرانية» ◄ معقدة ومتقلبة تطورت الاحتجاجات بطريقة معقدة ومتقلبة، فعلى الرغم من أن العديد من التظاهرات بقى ضمن منطقة تبلغ حوالي خمس كتل سكنية وكانت سلمية إلى حد كبير، إلا أن مواجهات كبيرة حدثت مع قوات إنفاذ القانون. وقد استخدمت شرطة لوس أنجلوس (LAPD) وعناصر ICE الغاز المسيل للدموع، ورذاذ الفلفل، والقنابل الصوتية، والذخائر غير القاتلة لتفريق الحشود بعد قيام بعض المحتجين بإلقاء الحجارة وقطع الخرسانة ومحاولة إشعال النار فى مركبات الشرطة، كما أغلق المتظاهرون الطريق السريع US 101، وقاموا بتدمير ممتلكات من بينها سيارات ذاتية القيادة، وأشعلوا النيران فى الحاويات، وهى أفعال غذت السردية القائلة بتصاعد أعمال العنف. واستجابةً للوضع المتصاعد، اتخذت الحكومة الفيدرالية خطوة استثنائية بتحويل الحرس الوطنى فى كاليفورنيا إلى قوات فيدرالية ونشر آلاف من قوات الحرس الوطنى ومشاة البحرية فى لوس أنجلوس. وأذن الرئيس دونالد ترامب بنشر 2000 عنصر إضافى من الحرس الوطنى، وحشد 700 من مشاة البحرية لدعم سلطات إنفاذ القانون المحلية فى السيطرة على الاضطرابات. وقد قوبلت هذه الخطوة بعاصفة من الانتقادات من المسئولين المحليين، بمن فيهم حاكم كاليفورنيا «جافين نيوسوم»، وعمدة لوس أنجلوس «كارين باس»، الذين وصفوا هذا التحرك بأنه متسرع واستفزازى واستبدادى. وجود عناصر عسكرية مسلحة فى شوارع المدينة، زاد من حدة الجدل حول التوازن بين الحفاظ على النظام واحترام الحريات المدنية، بحسب ما ذكرته شبكة CNN الإخبارية الأمريكية. ◄ أزمة داخلية وتكمن خلف هذه المواجهات مسألة أعمق وأكثر إزعاجًا.. حيث تثير تساؤلات حول إمكانية أن تعكس هذه التوترات وجود أزمة داخلية عميقة فى أمريكا، خاصةً فيما يتعلق بالعنصرية والهجرة؟! يرى العديد من النشطاء وقادة المجتمع أن مداهمات ICE، وما أعقبها من حملة قمع، تستهدف بشكل غير متناسب المجتمعات اللاتينية والمهاجرين، مما يعزز الاتهامات طويلة الأمد بالعنصرية المنهجية داخل وكالات إنفاذ القانون والهجرة، حيث أصبحت هذه الاحتجاجات نقطة تجمع لمن يرون أن هذه الحملات ليست سوى جزء من نمط أوسع من عنف الدولة العنصرى.وقد ألهمت احتجاجات لوس أنجلوس أيضًا مظاهرات تضامنية فى مدن أمريكية رئيسية أخرى، بما فى ذلك نيويورك وشيكاغو ودالاس، ما يشير إلى أن القضايا المطروحة تتجاوز كاليفورنيا بكثير. ويؤكد تهديد الحكومة الفيدرالية بنشر قوات فى مدن أخرى فى حال انتشار الاحتجاجات على المخاطر الكبيرة واحتمالية التصعيد على مستوى البلاد. ◄ تصدعات عميقة فى جوهر الأمر، تكشف اضطرابات لوس أنجلوس عن تصدعات عميقة فى النسيج الاجتماعى الأمريكى، لقد أصبحت نقطة التقاء لسياسات الهجرة، والعدالة العرقية، وممارسات إنفاذ القانون، وأظهرت مدى عدم الرضا عن كيفية تعامل الدولة مع بعض فئات المجتمع.. كما أن عسكرة الاستجابة للاحتجاجات أثارت مخاوف بشأن تآكل المعايير الديمقراطية واحتمالية اللجوء إلى تدابير استبدادية لقمع المعارضة.