وزير التعليم العالي يبحث مع نظيره التشادي سبل تعزيز التعاون بين البلدين    وزير الكهرباء: تحسين معدلات الأداء والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة والتشغيل الاقتصادي للمنظومة الكهربائية.    منال عوض: نؤسس لمرحلة جديدة من الحوكمة البيئية وصون المحميات الطبيعية    الري تتابع إجراءات تعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية بالوزارة ومحاربة الفساد    هبوط شبه جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء    ما اعتراضات حماس على القرار الأمريكي بشأن غزة؟    عاجل- فيضانات وانهيارات أرضية تهدد شمال إيطاليا.. فرق الإنقاذ تبحث عن المفقودين    حرمان جماهير أتلتيك بيلباو من حضور مواجهة برشلونة    حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الثلاثاء 18-11-2025 في محافظة قنا    حريق هائل بمنطقة المنشية بالإسكندرية، والحماية المدنية تحاول السيطرة على النيران    اندلاع حريق هائل بممر أكشاك لبيع الأحذية بمحافظة الإسكندرية    إصابة 2 فى حادث تصادم بين توك توك وسيارة بكفر الشيخ    المطربة الهولندية لاروسي تصور أحدث أغنياتها في منطقة الأهرامات    وفاة الفنان السوري عدنان جارو وتشييع الجنازة وإقامة العزاء اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 18-11-2025 في محافظة قنا    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيفية الوقاية من ارتفاع سكر الدم مع أو دون مرض السكري    محافظ أسوان يتفقد مستشفى الرمد ويطمئن على جودة الخدمات الطبية والعلاجية (صور)    هيئة الرعاية الصحية تعلن نجاح أول عملية تركيب منظم لضربات القلب بمحافظة أسوان    انطلاق منتدى دبي للمستقبل بمشاركة 2500 خبير دولي    اليوم، "بنات الباشا" في عرضه العالمي الأول بمهرجان القاهرة السينمائي    قافلة «زاد العزة» ال75 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التمثيل العمالي بإيطاليا ينظم الملتقى الثاني لحماية حقوق العمال المصريين    طارق العشري: عودة فتوح من أهم مكاسب دورة الإمارات.. وإمام إضافة قوية لمصر في أمم إفريقيا    بعد وفاة وإصابة 5 أشخاص.. تفاصيل حادث الطريق الدولي الساحلي بكفر الشيخ: مُدرسين كانوا في طريقهم للمدرسة    توروب ينتظر عودة اللاعبين الدوليين للأهلي    كامل الوزير: طريق «مصر - تشاد» محور استراتيجى لتعزيز التواصل بين شمال ووسط أفريقيا    انتخابات مجلس النواب.. الهيئة الوطنية تعلن اليوم نتيجة المرحلة الأولى.. البنداري يوضح حالات إلغاء المرحلة الأولى بالكامل.. ويؤكد: تلقينا 88 طعنا في 70 دائرة انتخابية    محافظ أسيوط: إطلاق مسابقة لمحات من الهند بمشاركة 1300 طالب وطالبة    مقتل 15 مسلحا خلال عمليتين أمنيتين فى شمال غربى باكستان    وزير الصحة: دفع 39 مليون أفريقى نحو الفقر بسبب الزيادة الكارثية فى إنفاق الجيب    وزير التموين يتوجه إلى بيروت للمشاركة في مؤتمر "بيروت وان"    بث مباشر.. "البوابة نيوز" تنقل قداس ذكرى تجليس البابا تواضروس الثاني    رئيس منطقة بني سويف عن أزمة ناشئي بيراميدز: قيد اللاعبين مسؤولية الأندية وليس لي علاقة    استئناف عاطل على حكم سجنه بالمؤبد لسرقته شقة جواهرجي في عابدين اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استقيموا يرحمكم الله !?    عندما يتحدث في أمر الأمة من لم يجفّ الحليب عن شفتيه ..بقلم/ حمزة الشوابكة    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين بقضية خلية النزهة    اليوم.. الحكم في دعوى نفقة طليقة إبراهيم سعيد    ترامب لا يستبعد عملا عسكريا ضد فنزويلا رغم بوادر انفتاح دبلوماسي    جامعة عين شمس تطلق النسخة ال12 من معرض الزيوت العطرية 2025    دراسة: زيادة معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أمريكا تمنح حاملي تذاكر مونديال 2026 أولوية في مواعيد التأشيرات    ترامب: العالم كان يسخر من أمريكا في عهد بايدن لكن الاحترام عاد الآن    الدكتورة رانيا المشاط: الذكاء الاصطناعي سيساهم في خلق وظائف جديدة    موضوع بيراوده منذ 3 أيام، كامل الوزير يكشف كواليس ما قبل بيان السيسي بشأن الانتخابات (فيديو)    حازم الشناوي: بدأت من الإذاعة المدرسية ووالدي أول من اكتشف صوتي    مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    فاروق جعفر: أتمنى أن يستعين حلمي طولان باللاعبين صغار السن في كأس العرب    عاجل – حماس: تكليف القوة الدولية بنزع سلاح المقاومة يفقدها الحياد ويحوّلها لطرف في الصراع    اتجاه لإعادة مسرحية الانتخابات لمضاعفة الغلة .. السيسي يُكذّب الداخلية ويؤكد على التزوير والرشاوى ؟!    قتلوه في ذكرى ميلاده ال20: تصفية الطالب مصطفى النجار و"الداخلية"تزعم " أنه عنصر شديد الخطورة"    اليوم عيد ميلاد الثلاثي أحمد زكى وحلمى ومنى زكى.. قصة صورة جمعتهم معاً    التأهل والثأر.. ألمانيا إلى كأس العالم بسداسية في مرمى سلوفاكيا    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة يعبد وتداهم عددًا من المنازل    الصحة ل ستوديو إكسترا: تنظيم المسئولية الطبية يخلق بيئة آمنة للفريق الصحي    شاهد.. برومو جديد ل ميد تيرم قبل عرضه على ON    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبد الستار يكتب: المعلومة.. سلاح الفتنة القادم!

انفجارٌ على الهواء، وصمتٌ يملأ شاشات الإيرانيين. في ثوانٍ معدودة، تحوَّل استوديو التلفزيون الرسمي بطهران إلى كومة زجاج محترق بعدما أصابته غارة جوية مركَّزة. لم يكن الهدف مجرَّد مبنى، بل معنوياتُ شعب بأكمله.
لكنَّ هذه الصواريخ ليست سوى الستار في مسرحٍ أكبر؛ المسرح الحقيقي يدور داخل عقول ملايين المتابعين الذين تُمطِرهم الخوارزميات بالأخبار العاجلة، وتُعيد صياغة خوفهم وغضبهم كلَّ ثانية.
من (أسد النهوض) إلى (الحرب على الوعي)
الهجوم الإسرائيلي بدأ باستهداف القدرات النووية والعسكرية، ثم تحوَّل سريعًا إلى مراكز البث، وشبكات الاتصالات، ومخازن الطاقة، في محاولات مدروسة لشلّ الدولة لا الجيش فحسب. قبل أن تُطلَق أول طلقة، كانت البيانات تُجمَع، والمعلومات تُحلَّل، والضربة تُبنى على معلومة لا على مدفع.
والمعلومة هنا لم تأتِ من الأقمار الصناعية فقط، بل من داخل إيران نفسها. أحد أخطر المفاجآت في هذه الحرب كان الجاسوس الإيراني الذي سلَّم لإسرائيل إحداثيات مراكز القيادة ومسارات تحركات القادة العسكريين. هذا الجاسوس لم يحمل سلاحًا، لكنه كان أخطر من قاذفة صواريخ؛ لأنه ببساطة كان يملك ما يُسمَّى اليوم: "القنبلة المعلوماتية".
عندما تصبح المعلومة هي السلاح
في حروب الجيل الرابع، كما صاغها وليام ليند، لم يعد الانتصار مرهونًا بعدد الدبابات، بل بكمّ الشائعات ونوعية الرسائل الموجَّهة. أما الجيل الخامس فقد ذهب أبعد: الحرب الآن تدور في ميدان البيانات. من يعرف أكثر... يربح أكثر.
نشر الخوف يبدأ ببوست لا بصاروخ. شلّ القيادة يتمُّ بزرع شكوك لا بزرع ألغام.
اغتيال الروح المعنوية قد يحدث بمقطع فيديو مفبرك... قبل أن يسمع الناس صوت الانفجار الحقيقي.
هذا تمامًا ما حدث حين بدأت وسائل إعلام عالمية تُسرِّب صورًا وفيديوهات لضربات داخل طهران، قبل أن تعترف الحكومة رسميًا بأيّ شيء. الحرب لا تنتظر الإعلانات الرسمية، بل تُبنى على ما يُقال... لا ما يُفعَل.
من أوكرانيا إلى إيران: نسخة مطوَّرة من حرب العقول
ما شهدناه في الحرب الأوكرانية كان تمرينًا حيًّا على هذا النوع من الحروب. "ديب فيك" مزوَّر للرئيس الأوكراني يدعو فيه للاستسلام. هجمات سيبرانية تُطفئ الكهرباء عن مدن كاملة في توقيت متزامن مع القصف. حرب معلنة في السماء... وأخرى خفية في الذاكرة والمعلومة والشعور.
اليوم، ما يحدث في إيران هو نفس السيناريو لكن بمستوى أعلى:
* طائرات بدون طيّار موجَّهة بالمعلومة، لا بالإحداثيات العامة.
* منشآت تُستهدَف لأن أحدهم في الداخل أرسل خريطة عبر تطبيق مشفَّر.
* قيادة تُربكها الشائعات أكثر من الصواريخ.
السلاح الأخطر: الفراغ
قصف مبنى التلفزيون الرسمي لم يكن فقط استهدافًا إعلاميًا، بل خلق فراغًا معلوماتيًا ترك المواطنين في مواجهة طوفان من التفسيرات، التحليلات، والتضليل. حين تصمت الدولة، يتكلم الخوف. وهذا هو بيت القصيد في حروب الجيل الخامس.
من ينتصر؟ من يعرف أولًا
لا جندي يدخل الحرب اليوم دون أن يكون محمَّلًا ب"تطبيقات الحرب". لا قائد يخطط قبل أن يقرأ ما جمعته الطائرات المسيَّرة من بيانات. ولا دولة تبقى واقفة إذا كانت معلوماتها الداخلية مخترقة.
فقدان السيطرة على المعلومة، ولو للحظة، قد يُحسَم به مصير معركة... أو سقوط نظام.
الختام: حين تصبح الحقيقة هي الضحية الأولى
في زمنٍ مضى، كانت الحروب تُخاض في ساحاتٍ معروفة، بين جيوشٍ متقابلة، بزمانٍ يبدأ مع أول طلقة وينتهي عند توقيع الهدنة. أمّا اليوم، فقد انزاحت المعركة إلى فضاءٍ غير مرئي، واختفى العدوُّ خلف الشاشات، وصار ميدان القتال هو وعي البشر وذاكرتهم.
التكنولوجيا لم تعد مجرَّد وسيلة، بل باتت القائدَ الخفيَّ لجيوشٍ رقمية تقاتل بلا زيٍّ عسكري. وجواسيسُ العصر الحديث لا يحملون حقائب جلدية ولا كاميرات خفية؛ يكفيهم حفنة دولارات وضمائر مباعة وهاتفٌ ذكيّ، ورسالةٌ مُشفَّرة يودِعون فيها إحداثيّات مركز قيادة، فيسقط الصاروخ قبل أن يسمع أحدٌ طرقات الباب.
المعلومة أصبحت الرصاصةَ الأقوى: من يمتلكها أولاً ينتصر أسرع، ومن يُشكِّك خصمه في نفسه يهزمه قبل أن يهزمه في الميدان. هكذا تحوَّلت حرب المعلومات إلى الأصل، وما دونها تفاصيل.
بعد أن كانت الحقيقة درع الشعوب، أضحت الضحيةَ الأولى في كلِّ نزاع. هل تُهزَم أمةٌ قبل أن تُطلِق رصاصة؟ نعم... إذا جَهِلت ما يُحاك في داخلها. وما نشهده اليوم بين إسرائيل وإيران يعيد صياغة تعريف الحرب: لم تعد معركةً على الأرض، بل صراعًا على الحقيقة نفسها؛ ومن يُمسك زمام الحقيقة يكتب التاريخ القادم.
إذا أردتَ أن تعرف خطَّ دفاعك الأخير، فلا تنظر إلى الحدود... بل إلى شاشتك. فمن لا يُحصِّن عقله سيكون أول ضحايا من يستهدف روحه.
واخيراً: احذروا... فالعينُ على مصر.
مصر ليست مجرّد وطنٍ نعيش فيه؛ بل قلبُ المنطقة النابض، وموضعُ الحُلم والخوف والرهبة في آنٍ معًا.
جميعُ من حولنا يرقبوننا؛ بعضهم يتربّص، وبعضهم يبتسم بخبث، منتظرين لحظةَ ضعفٍ أو شرخٍ في جدار الوعي.
الخطر لم يَعُد يرتدي بزّةً عسكرية، ولم يَعُد يأتي محمولًا على جناح طائرة.
الخطر بات أقرب إلينا من هواتفنا، يتسلّل في منشور، أو يتخفّى في مقطعٍ قصير، أو يتسلل خلسةً في رسالةٍ عابرة.
عدوّك الحقيقي قد لا يُطلق رصاصةً، بل يزرعُ شكًّا... ويتركك تنهار من الداخل.
وفي زمنٍ تتغيّر فيه خرائطُ العالم دون أن تُسمَع صفاراتُ الإنذار، تصبحُ كلُّ كلمةٍ مسؤوليّة، وكلُّ مشاركةٍ موقفًا، وكلُّ لحظةِ وعيٍ فرصةً للنجاة.
كونوا على وعي... فإنّ الحربَ من حولنا صامتة، لكنّ صداها يهزُّ أوطانًا.
لا تستهينوا بتأثير الفوضى، ولا تظنوا أن مصر بعيدة عن مرمى النيران.
فكّروا قبل أن تنشروا، تحققوا قبل أن تُصدّقوا، وكونوا درعًا من الوعي لوطنٍ لا يُعوّض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.