في خضم التصعيد غير المسبوق بين إسرائيل وإيران عقب هجوم جوي شنته تل أبيب الأسبوع الماضي، برزت الصين كلاعب دبلوماسي يسعى إلى تقديم نفسه كوسيط محتمل للسلام، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي وتداخل الأدوار الدولية. وحسبما أشارت شبكة CNN بأن الصين أدانت صراحةً "انتهاك إسرائيل لسيادة إيران وأمنها وسلامة أراضيها"، وأكدت دعمها "لحق طهران في الدفاع عن سيادتها وحقوقها المشروعة"، بحسب ما جاء في اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية الصيني وانج يي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، يوم السبت. كما تحدث وانج يي في اتصال منفصل مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، حيث دعا الطرفين إلى "حل الخلافات عبر الحوار"، وأبدى استعداد بلاده "للعب دور بنّاء في تهدئة الوضع"، وفقًا لما نشرته الخارجية الصينية. العديد من الرسائل تُعد الإدانة الصينية للهجوم الإسرائيلي خطوة لافتة، خاصة أنها تأتي في وقت امتنعت فيه بكين عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، ما يعكس الاصطفاف المتزايد للصين في مواجهة السياسات الأمريكية على الساحة الدولية، خاصة في قضايا الشرق الأوسط. ويرى مراقبون أن الصين تستغل الفراغ الذي خلفته سياسات "أمريكا أولاً" في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لمحاولة توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، لاسيما في الدول النامية التي انتقدت بقوة الهجمات الإسرائيلية على غزة. توازن الشراكة الصينيةالإيرانية تُعد الصين شريكًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا رئيسيًا لإيران، وقد عززت التعاون معها في السنوات الأخيرة، بما في ذلك إجراء مناورات بحرية مشتركة. كما عارضت بكين العقوبات الأمريكية على طهران، وانتقدت انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015، واتهمتها بالتسبب في زعزعة الاستقرار في المنطقة. وفي اتصاله مع عراقجي، ألمح وانج يي إلى الولاياتالمتحدة دون تسميتها، قائلاً إن على "الدول ذات التأثير على إسرائيل أن تبذل جهودًا ملموسة لإعادة السلام". مصالح اقتصادية تعتمد الصين بشكل كبير على النفط القادم من الشرق الأوسط، ما يفسر حرصها على منع تصعيد إضافي قد يهدد أمن الطاقة العالمي. ورغم أن الصين لم تُدرج واردات النفط الإيراني في بياناتها الرسمية منذ عام 2022، إلا أن تقارير أشارت إلى استمرارها في استيراده عبر قنوات غير معلنة. وقد فرضت واشنطن مؤخرًا عقوبات على عدد من الشركات الصينية بسبب اتهامها بالتورط في تجارة النفط الإيراني، كما كشفت تقارير أن مواد كيماوية صينية تُستخدم في تصنيع وقود الصواريخ وصلت إلى إيران في الأشهر الماضية. من يقود مسار التسوية؟ بالرغم من جهود بكين، يشير محللون إلى أن زمام المبادرة في احتواء التصعيد لا يزال في يد القوى الإقليمية والولاياتالمتحدة، التي تُعد الضامن الرئيسي لأمن إسرائيل. من جانبه، قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في منشور عبر مواقع التواصل، إن "إيران وإسرائيل ستتوصلان إلى اتفاق"، مضيفًا أن "العديد من الاتصالات والاجتماعات" تجري حاليًا.