الساعة تقترب من الرابعة فجرًا، في وقت يظن فيه الناس أن الليل ستار الأمان، كان هناك من يعتبره ستارًا للدم. داخل بيت ريفي بقرية المعصرة، في مركز ميت غمر، يستيقظ الحاج عبدالعزيز، رجل خمسيني، على صوت حركة غريبة، ينهض بتوجس، وفجأة يصطدم بزوج ابنته الذي جاء متخفيًا وصعد للبيت من خلال سلم خشبي وكأنه لص، وقبل أن يتفوه الحاج عبدالعزيز بكلمة، تلقى عدة طعنات في جسده ليرتطم جثمانه بالأرض، ثم يصعد المتهم للطابق الثاني، ويطعن زوجة الحاج عبدالعزيز هي الأخرى، بينما تخرج ابنتهما وفاء -زوجة المتهم- للدفاع عن والدتها فتتلقى عدة طعنات هي الأخرى، مذبحة حقيقية حدثت أمام عين طفل يبلغ من العمر 5 سنوات، جريمة تقشعر لها الأبدان، راح ضحيتها 3 أرواح دفعة واحدة.. تفاصيل مثيرة وعدالة ناجزة. منذ 5 سنوات، داخل قرية المعصرة التابعة لمركز ميت غمر، تقدم شاب يدعى أحمد محمد، إلى وفاء عبدالعزيز، الابنة الوحيدة لأسرتها، وفرحتهما الوحيدة، وعلى الرغم من أنها حاصلة على مؤهل عالٍ، إلا أنها أحبته ووافقت على الارتباط به، ورغم تحذيرات أسرتها من إتمام تلك الزيجة إلا أنها أصرت عليه، ولم تقف الأسرة أمام رغبة وفرحة ابنتهما الوحيدة، ووافقوا على إتمام تلك الزيجة. ووسط حفل زفاف بهيج حضره الأهل والأحباب، عُقد قران وفاء على الشاب أحمد؛ الذي تعلق قلبها به، وكانت تتلهف مرور الأيام لإتمام زواجهما، وانتقلا للعيش في شقتهما الجديدة، متعاهدين على السير معًا لتجاوز الصعاب والعراقيل دون التوقف؛ أملًا في حياة زوجية سعيدة يسودها التفاهم والوئام، لكنها لم تدر أن أحلامها في تكوين «عش زوجية» سعيد سيتبدد، وأن الشاب الذي تعلق به قلبها سيحول حياتها جحيمًا، بل تنتهي حياتها وحياة والديها على يده وتترك طفلين في ظلمة اليتم. الوجه الأخر بمجرد انتهاء شهر العسل، كشف أحمد عن وجهه القبيح لزوجته، وحول حياتها لجحيم، لتنقلب حياتهما رأسًا على عقب، ووسط حالة الحزن والمأساة التي تعيشها وفاء، زف إليها خبر حملها، شعرت بالسعادة وكأنها تمتلك الأرض بمن عليها، اعتقدت أن مولودها الجديد سيعيد السعادة لحياتهما مرة أخرى، مرت الأيام ووضعت طفلها الأول، وحال الزوج كما هو لم يتغير، حتى رزقا بطفلة ثانية. الحياة بينهما أصبحت صعبة، ومع ذلك كانت وفاء تتحمل من أجل طفليها، حتى والدها الحاج عبدالعزيز كان يساعدهما في المصاريف ولم يبخل عنهما بأي شيء، انفصلت وفاء عن زوجها مرة ولكنها عادت له بسبب طفليها وحبها الكبير له، حتى يوم الجريمة. حدثت مشاجرة بين وفاء وزوجها، فاضطر والد الزوج لطرده من البيت، والاتصال هاتفيًا بالحاج عبدالعزيز والد وفاء؛ ليطلب منه أن يأتي ويأخذ ابنته وطفليها، وبالفعل تركت وفاء منزل زوجها وعادت لبيت أسرتها. لا أحد يعرف تحديدًا ماذا حدث للزوج؛ الذي طغى الانتقام على قلبه فأعمى بصيرته وأصبح لا يرى إلا الدم والتنكيل، وتناسى عشرة 5 سنوات عاشتها معه زوجته. جلس تتقاذفه الأفكار السوداء، تتطاير من عينيه شرارة الحقد والانتقام، انتفض من مكانه واستل سكينًا من المطبخ مصطحبًا سلم خشبي واتجه نحو بيت زوجته فجرًا. سيناريو مرعب المتهم يعلم أن حماه يقيم بمفرده فى شقة بالطابق الثانى، وأن حماته وزوجته وطفليه بالطابق الثالث، وأن بوابة المنزل تغلق بالأقفال من الداخل، فتسلل من شرفة السلم الداخلي، فاستقيظ حماه على صوت مريب، وبمجرد ما شاهده أمامه باغته بطعنات متفرقة فى البطن تسببت فى خروج أحشائه، وتركه غارقًا في دمائه بكل قسوة وجحود ثم صعد إلى الطابق الثالث، وطرق الباب، واعتقدت حماته أنه زوجها، وما إن فتحت حتى انهال عليها بالطعنات المتفرقة في جسدها ورقبتها، وأثناء محاولة زوجته الدفاع عنها، سقطت فوقها، وانهال عليها هى الأخرى بالطعن؛ منها طعنة شديدة فى الرئة، وكسر قدميها وذراعيها، كل ذلك يحدث في حضور طفليه، البالغين من العمر 3 و5 أعوام، دون أي رحمة، لدرجة أن الطفل الأكبر أصيب بحالة من الهلع، واختبأ فى شرفة المنزل، وظل يبكى، وبعد هروب الأب، عاد إلى والدته، وكانت تصارع الموت، وطلبت منه إيقاظ الجيران، وإلقاء مفتاح المنزل لهم، ثم هاتفت والدة المتهم، وأخبرتها بأنه قتل والديها، واستغاثت بها، وبعدها فقدت الوعى. جثث ودماء أصوات الصراخ والشجار سمعها الجيران ولكنها كانت منخفضة جدا وتُسمع بالكاد، وسرعان ما تعالت، وكانت مصحوبة ببكاء طفلين صغيرين ليلفت الصوت انتباه الجيران ويبدأون البحث عن مصدر الصوت ومن أين يأتى ليجدوا طفلًا لا يتجاوز 5 سنوات يبكي فى شرفة بيت الحاج عبدالعزيز، ويردد: "بابا قتل جدو عبدالعزيز وتيتة وماما"، ويلقى مفتاح المنزل فى الشارع، ليصعد الجيران سريعا، ويعثرون على جثة الحاج عبدالعزيز وزوجته الحاجة صفاء غارقتين فى دمائهما، ووفاء تصارع الموت، مشهد صعب لم يتحمله الكبار فما بالطفلين الصغار، حاول الأهالي تمالك أعصابهم ونقلوا وفاء للمستشفى في محاولة لإنقاذها؛ ظلت في المستشفى عدة أيام، تعانى مضاعفات بسبب تأثر الرئة بالطعنة، حيث تعمل بكفاءة 40٪ فقط.. تحيطها دعوات من الجميع بالشفاء حتى تعود لطفليها، لكنها إرادة الله، ماتت وفاء وتركت طفلين في ظلمة اليتم، طفلين سيظلان يتذكران تلك اللحظة التي ذُبحت فيها والدتهما أمام عيونهما بدم بارد. حالة من الحزن سيطرت على أهالي القرية، الذين شهدوا جميعا بأخلاق وطيبة المجني عليهم، وأنهم دائما ما كانوا في حالهم ولم يكن لهم أي عداوات مع أحد، ودائما ما يساعدون المتهم، لكنه قابل الإحسان بالإساءة، وأنهى حياتهم بدم بارد.الكل حزين ليس فقط على الضحايا الذين سالت دمائهم بلا ذنب وإنما على الطفلين الصغيرين اللذين شاهدا والدهما يقتل جدهما وجدتهما ووالدتهما، طفلان فجأة وفي لحظة وجدا نفسهما وحيدين في تلك الحياة، هم فقط الذين سيدفعان الثمن، الأب ينتظره الإعدام، فماذا جنى الآن؟!، لا شيء، فقط تلوثت يداه بالدم وقتل ثلاثة أرواح بلا ذنب، وترك طفلين في ظلمة اليتم، وهو خلف القضبان ينتظر النطق بحكم الإعدام فيه، وما فعله سيراه كوابيسًا تنغص عليه حياته حتى يفقد هو الآخر حياته، فبعد تداول القضية على مدار 4 أشهر فقط، جاءت العدالة الناجزة، وقضت محكمة جنايات المنصورة، برئاسة المستشار فاروق فخري، رئيس الدائرة، بإحالة أوراق المتهم لفضيلة مفتى الجمهورية، لأخذ الرأى الشرعى فى إعدامه، وحددت جلسة 16 يوليو المقبل للنطق بالحكم. اقرأ أيضا:جريمة علي القهوة| ضبط المتهمين بقتل «الحلوانى» بطلق ناري ببنها