تقييم الخسائر في المنشآت الإيرانيه مازال مبكرا.. واستهداف المدن الإسرائيلية الرادع الوحيد في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، ومع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، جاءت الضربة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي الإيرانية لتثير العديد من التساؤلات حول أهدافها وتداعياتها المستقبلية. لفهم أعمق لهذه العملية وأبعادها الاستراتيجية، نستعرض تحليلاً معمقاً من قامتين عسكريتين، هما اللواء أركان حرب نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، واللواء طيار دكتور هشام الحلبي، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية. يقدم الخبيران رؤى قيمة حول التكتيكات المستخدمة، الأهداف المحققة، والتوقعات للردود المحتملة، مسلطين الضوء على الجوانب العسكرية البحتة لهذا التصعيد.. إقرأ أيضًا| فيديوجراف| إسرائيل تضرب إيران ب«إنذار مسبق» أكد اللواء اركان حرب نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أن المشهد الراهن للصراع بين إسرائيل وإيران يوضح نجاح الضربات الإسرائيلية الأخيرة داخل العمق الإيراني. وأوضح اللواء سالم أن العملية الإسرائيلية تمثل "عملية شل وإرباك كبيرة جداً" لإيران، مستشهداً بالإعلان الأمريكي عن عدم موافقتها على الضربات الإسرائيلية، والمباحثات الجارية مع إيران، والتي خلقت إيحاءً بعدم وجود ضربة وشيكة. في المقابل، كانت خلايا الموساد الإسرائيلية تعمل على تجهيز وسائل الهجوم داخل إيران. استراتيجية "الشل والإرباك" والضربات المركزة واوضح اللواء سالم أن الهجوم الإسرائيلي بدأ ب "ضربة مفاجئة" استهدفت القيادات والعلماء الإيرانيين في أماكن سكنهم. ووصف هذا التكتيك بأنه "شل وإرباك للقيادات"، ما يمنح المهاجم فرصة لتحقيق أهدافه قبل أن يستعيد الطرف الآخر وعيه. إيران تدعو لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بشأن الضربة الإسرائيلية عقب ذلك، ومن داخل إيران وعبر الطائرات المسيرة، تم استهداف وسائل الرادار والدفاع الجوي الإيراني، ما أحدث "ثغرة" في المنظومة الدفاعية. وقد مكنت هذه الثغرة القوات الجوية الإسرائيلية من اختراق الأجواء الإيرانية والوصول إلى أهداف حيوية مثل مركز تخصيب اليورانيوم الرئيسي بالإضافة إلى استهداف المطارات وأهداف أخرى يمكن أن تشكل تهديدًا لإسرائيل، مثل الصواريخ الباليستية وأماكن تجميع الطائرات المسيرة. وتطرق اللواء سالم الخبير الاستراتيجي إلى إعلان إيران الأخير عن "مناورة تدريبية"، مؤكداً أنها لم تكن مجرد تدريب، بل كانت "عملية فتح استراتيجي لقواتها" لتكون جاهزة للرد على إسرائيل. وأشار إلى أن إيران وضعت قواتها، سواء صواريخ باليستية أو مسيرات، في أماكنها لشن هجمات على إسرائيل. الضربة الإسرائيلية عطلت قدرة إيران على صناعة صواريخ جديدة وفيما يتعلق بالقدرة الإيرانية على الرد، تساءل اللواء سالم عن مدى تأثير الرد الإيراني الحالي. واعتبر أن الضربة "التي ستوجع إسرائيل تماماً" هي تلك التي تركز على "ضرب المدن الإسرائيلية والمدنيين"، مشيراً إلى أن إسرائيل لا يمكنها تحمل خسائر بشرية كبيرة في المدن مقارنة بتحملها لضرب الأهداف العسكرية التي تحظى بدعم أمريكي مستمر. واختتم اللواء سالم تحليله بأن إسرائيل جاهزة لكل الاحتمالات على مختلف الجبهات. أكد اللواء طيار دكتور هشام الحلبي، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن هذه الضربة كانت "متوقعة وذات مؤشرات واضحة"، مشيراً إلى أن احتمالاتها تزايدت بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة. أوضح اللواء الحلبي أن للضربة أهدافاً واضحة، أولها "تدمير مناطق ومنشآت عسكرية، خاصة الدفاع الجوي الإيراني"، لضمان حرية التحرك الجوي وأريحية في استهداف باقي الأهداف. وشمل الاستهداف أيضاً منشآت عسكرية، لاسيما منصات الصواريخ أرض-أرض ومنظومات القيادة والسيطرة الخاصة بها. ضربة إسرائيلية على إيران لا ترقى للتوقعات.. خبير عسكري يوضح الأسباب وأضاف أن العملية تضمنت استهدافاً ل "قيادات في الحرس الثوري الإيراني وعسكريين، إضافة إلى علماء ذرة". وفيما يتعلق بالمنشآت النووية المدنية، أشار اللواء الحلبي إلى أن بعضها تعرض للاستهداف، لكنه أكد أن "نسبة التدمير في هذه الأهداف النووية التي لا تتعلق بشكل مباشر بتخزين المواد النووية أو المفاعلات ما زالت مبكرة" للتقييم الدقيق. وأكد اللواء الحلبي أن الضربة حققت "بعض النجاحات الواضحة"، لافتاً إلى إعلان إسرائيل الصريح عن استمرار هذه الضربات لعدة أيام، وهو ما يهدف إلى تجهيز المجتمع الإسرائيلي وإقناعه بأن هذه الإجراءات تصب في صالحه. وعلق اللواء الحلبي على الموقف الأمريكي قائلاً: "صحيح أنه لا يوجد اشتراك أمريكي مباشر في الضربة، لكنني أرى أن الاشتراك غير المباشر من أمريكا واضح جداً بشكل كبير". جوتيريش يدين الضربة الإسرائيلية في رفح ويدعو لوقف الحرب وفي سياق تعليقه على التحليلات المتداولة، شدد اللواء الحلبي على أن "الحرب علم يتم تقييمه بواسطة عسكريين متخصصين". وأكد على أهمية التأهيل العسكري العالي والخبرة العملية الكبيرة في المجال العسكري لفهم ودراسة الاستراتيجيات العسكرية بشكل دقيق. ودعا إلى التمييز بين التحليلات المبنية على أسس علمية عسكرية والتحليلات التي تفتقر إلى هذا التخصص. تقييم الرد الإيراني المحتمل: عوامل ومتغيرات وعن توقعاته للرد الإيراني، قال اللواء الحلبي: "أتوقع أن يكون هناك رد، لكن هذا الرد الحقيقة سيكون مرتبطاً بمدى تدمير إمكانيات الصواريخ أرض-أرض الإيرانية، لأن هذا هو ما سترد به إيران". وأوضح أن إسرائيل تضع إيران تحت ضغط الضربات المتعددة "لتقليص إمكانيات الرد الإيراني". وعن فعالية الرد الإيراني، ذكر اللواء الحلبي أن "احتمالات وصول الصواريخ الإيرانية بشكل مؤثر إلى أهداف عسكرية إسرائيلية ضعيفة"، نظراً للقدرة الكبيرة على صدها، بمشاركة أمريكية، قبل وصولها إلى المجال الجوي الإسرائيلي. وأن الرد الإيراني، أياً كان شكله، "لن يكون مؤثراً بالدرجة الكافية لتقليص الردود الإسرائيلية أو تواصلها في مخططهم". وفي رده على سؤال حول قدرة إسرائيل على فتح جبهات متعددة، أوضح اللواء الحلبي أن "إسرائيل تستخدم القوة الجوية بشكل مكثف في جبهات مثل سوريا واليمن (ضد الحوثيين)، وهذا لا يرتبط بشكل مباشر بعدد الجنود، بل بقدرات القوات الجوية الهجومية".