الطفل الذى كان عمره 11 سنة عام 2011 أصبح اليوم شابا عمره 25 سنة ، أنهى دراسته، وربما بدأ أولى خطواته فى سوق العمل، لكن السؤال: هل تحققت شعارات «عيش، حرية، كرامة إنسانية» التى سمعها فى طفولته؟ أم تحوّلت إلى مفاهيم مُحمّلة بالخذلان والشك؟،هل تغيرت أحلام هذا الجيل؟ أم تغيرت فقط أدواته؟،وكيف يفكر الآن ؟ وكيف يرى الهدوء والاستقرار ؟. جيل لم يختر الظروف بل وُجد فى قلبها دون أن يدرك كل أبعادها ، ودفع ثمنها دون أن يشارك فى صناعتها، وعاش سنوات من الاضطراب وعدم الاستقرار، وواجه أزمات اقتصادية، وضغوطًا نفسية واجتماعية، وتحوّلات سياسية متلاحقة. وبينما نقترب من ذكرى 30 يونيو، لا أدعى امتلاك إجابات هذه الأسئلة، لكن ربما حان الوقت لأن نطرحها على هذا الجيل نفسه، لا من باب التنظير، بل من باب التفاهم والحوار. هل يرى شباب هذا الجيل أحداث العنف وحرق المنشآت، والتظاهرات على أنها أدوات للتغيير، أم على أنها دروس قاسية يجب ألا تتكرر؟ أسئلة ليست عفوية لكنها ضرورية، خصوصًا إذا أردنا فهم كيف يفكر هذا الجيل، وكيف يرى نفسه فى الحاضر والمستقبل ، ليس بهدف فرض وصاية عقلية، بل لتشجيع النقاش بديلًا عن العنف، وفتح نوافذ الحوار بديلًا عن الكبت والغضب. الاحتفال الحقيقى بالثورات - من وجهة نظرى - لا يكون فقط بالعودة إلى الماضى، بل بالذهاب إلى المستقبل، والأمم التى لا تضع تاريخها أمام شبابها تفقد معالم الطريق، ويجب النظر لما حدث بحثا عن الدروس المستفادة ،للشرائط والتسجيلات لميادين التحرير ورابعة والنهضة والطرق والكبارى والحرائق وتدمير المنشآت العامة والخاصة واقتحام السجون وأقسام الشرطة . هل يؤمن هذا الجيل بأن ما حدث خراب وكاد أن يضيع مصر ؟ وكيف نناقشهم فى أحوال مصر التى كانت «فرجة» لدول العالم، وتتسلى شعوبها صباحاً وفى المساء والسهرة على ما يحدث فى أراضيها من فوضى وشغب، وكان أشد المتفائلين يحدد سنوات طويلة حتى يعود الهدوء والاستقرار. كانت كرامة البلاد مستباحة، وتعبث فى أراضيها قوى أجنبية شريرة، تحاول أن تجعلها مستنقعاً لأجهزة المخابرات فى العالم، وكنا نعتصر ألماً حين نرى مؤامرات لكيانات أجنبية كبيرة وصغيرة تنتهك السيادة الوطنية. كانت مصر تتعاطى العنف والإرهاب والشغب والحرق والتدمير، وتتحكم فى مصيرها جماعة إرهابية قررت أن تحكم البلاد أو تحرقها، ولو حدث ما تعرضت له مصر فى أقوى الدول وأغناها لانهارت وضعفت. لم تكن مصر غنية ولا قوية ولا مستقرة ولا آمنة، ولكنها كانت مثل عزيز قوم تكالب عليه اللئام وأضمروا له كل أنواع الشر، ومنهم للأسف الشديد أشقاء وبعض المصريين كانوا يتآمرون ويشمتون، وكانت البلاد على شفا حرب أهلية وقودها المصريين، ولو اشتعلت لأتت على الأخضر واليابس.