تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسى مصر منهكة ومرهقة وتنتشر الفوضى فى أرجائها، وكانت البلاد تنام فى أحضان الخوف، وتستيقظ على أصوات الرصاص، وتواجه مشاكل وتحديات تنوء عن حملها الجبال، بلد يعتصم ويُضرب ويحتج، ولا يعمل ولا ينتج ولا يستثمر، والجميع ينتظرون لحظة السقوط. كانت مصر تتعاطى العنف والإرهاب والشغب والحرق والتدمير، وتتآمر عليها قوى معادية فى الداخل والخارج، وتتحكم فى مصيرها جماعة إرهابية قررت أن تحكم البلاد أو تحرقها، ولو حدث ذلك فى أقوى الدول وأغناها لانهارت وضعفت. كانت كرامة البلاد مستباحة، وتعبث فى أراضيها قوى أجنبية شريرة، تحاول أن تجعلها مستنقعاً لأجهزة المخابرات فى العالم، وكنا نعتصر ألماً حين نرى سفارات اجنبية تنتهك السيادة الوطنية، وتجند عملاء خارجيين ومحليين وتكالب الأشرار على لقمة عيش المواطنين. كانت الأزمات التموينية والمعيشية برنامج يومى، وقبل أن تنتهى أزمة تظهر أزمات أخرى فى كل اتجاه، الدواجن والأسماك واللحوم وألبان الأطفال والأدوية والبيض والفواكه والخضراوات والبوتاجاز والمحروقات ،وعمدت الضغوط إلى إحداث قلاقل وإضرابات، والوصول بغالبية المصريين إلى حد الجوع. ووصلت المؤامرة ذروتها بحشد الإرهابيين فى سيناء، من كل المستنقعات القذرة فى العالم، ورفع رئيس الدولة الإخوانى شعار "الحفاظ على الخاطفين والمخطوفين"، فأضفى على الإرهاب شرعية رئاسية، أغضبت القوات المسلحة، ورفعت درجات اليقظة لأقصاها، فلا يمكن لجيش وطنى أن يترك بلاده فى يد زمرة من الخونة والمتآمرين. سألنا أنفسنا فى ذلك الوقت، لماذا يغير الإخوان الدستور بإتاحة التنازل عن بعض الأراضى المصرية بموافقة مجلس النواب الإخوانى؟.. وتسربت الأسرار التى تشير إلى صفقات إخوانية للتفريط فى بعض الأراضى لصالح مشروعات إقليمية ودولية، فى مقابل السماح للإخوان بإحياء مشروع الخلافة. ووصلت الخيانة ذروتها فى تسريب أسرار الجيش وتسليحه ومعداته ، وتضمنت أوراق محاكمات رموز الإخوان وثائق ومستندات مذهلة خرجت من مكتب الرئيس الإخوانى ،وكانوا على يقين أن مصر ستظل مستعصية عليهم، طالما ظل جيشها قوياً ومتماسكاً. أعيدوا الشرائط والتسجيلات لحالة ميادين التحرير ورابعة والنهضة ومختلف المحافظات، وكيف كانت مصر "فرجة" لدول العالم، وتتسلى شعوبها على ما يحدث فى أراضيها من فوضى وشغب، وكان أشد المتفائلين يحدد ثلاثين سنة على الأقل حتى يعود الهدوء إلى الشارع. الرئيس السيسى لم يتسلم مصر غنية ولا قوية ولا آمنة، ولكنها مثل عزيز قوم تكالب عليه اللئام وأضمروا له كل أنواع الشر، وتنابز على أحوالنا "اللى يسوى واللى ما يسواش"، ومنهم للأسف الشديد بعض المصريين. هكذا كانت أحوالنا، ومن يراقب بحيدة وأمانة وشفافية، سيرى أن البلاد التى كانت تصارع الانهيار تسلحت بكل أسباب القوة، وأصبح الاصطفاف خلف الدولة المصرية ضرورة حتمية لاستكمال سيرة النهضة والتنمية والتقدم، ولن يتحقق ذلك إلا فى أجواء الاستقرار. ولا ننسى أبداً أن الرئيس تسلم البلاد وهى على شفا حرب أهلية فأنقذها من الضياع، ولو اشتعلت لأتت على الأخضر واليابس، فى بلد تعداده أكثر من مائة مليون، لا يمكن أبداً أن يُترك مصيرهم للخطر . «هذا المقال سبق نشره» .