المثير أن طهران لم تعترف رسميًا حتى اللحظة بسرقة إسرائيل للوثائق النووية الإيرانية فى مايو 2018 وقف بنيامين نتانياهو مزهوًا فى مؤتمره التفاعلى الصحفى حول برنامج إيران النووى وقدم عرضًا شمل مقاطع فيديو وصورًا ووثائق مكتوبة بالفارسية، وكشف أن إسرائيل وصلت إلى أكثر الوثائق النووية الإيرانية سرية عبر سرقة الأرشيف النووى الإيرانى. ووفقًا لنتانياهو آنذاك دخل عناصر من الموساد الإسرائيلى إلى العاصمة الإيرانيةطهران وخرجوا منها عائدين إلى إسرائيل وهم محملون بنحو نصف طن من الوثائق. اعتبرت هذه العملية درة تاج عمليات الموساد الإسرائيلى ضد إيران لتصطف بجوار عمليات أخرى باستهداف واغتيال علماء البرنامج النووى الإيرانى وقادة الحرس الثورى، دون رادع أو رد إيرانى حقيقى يحفظ ماء وجه الجمهورية الإسلامية طيلة السنوات الماضية. وقد عمدت إسرائيل على تسجيل هذه العمليات وتوثيقها فى أعمال درامية مثل المسلسل التليفزيونى «طهران» (2020) ويحكى فى موسمه الأول عن امرأة يهودية شابة ولدت فى إيران لكنها نشأت فى إسرائيل، هى عميلة للموساد ومخترقة كمبيوتر فى مهمة سرية فى العاصمة الإيرانية لتعطيل المفاعل النووى عبر إسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية لفترة كافية لتمكين القوات الجوية الإسرائيلية من قصف محطة نووية، وبالتالى منع إيران من الحصول على قنبلة ذرية. بينما يحكى فى موسمه الثانى عن تجنيد العميلة فى مهمة جديدة باستهداف واغتيال قائد الحرس الثورى. ومؤخرًا حظى كتاب حول سرقة إسرائيل للوثائق النووية الإيرانية بالاهتمام، نشره المؤلفان الإسرائيليان جيريمى باب، مراسل صحيفة جيروزاليم بوست فى أوروبا، وإيلان أفياتار، الذى كان رئيس تحرير قسم الأخبار فى جيروزاليم بوست. الكتاب الذى نشر قبل أسبوعين من هجوم حماس على إسرائيل، ولم يسلط عليه الضوء بسبب الهجوم صدر بالإنجليزية تحت عنوان «الهدف إيران» وصدرت نسخته العبرية بعنوان «الموساد فى إيران». ووفقًا لأحد الفصول الأربعة للكتاب أتاحت تحريات عميلة إسرائيلية وجمعها للمعلومات حول مستودع «شور آباد»، الفرصة فيما بعد لإعداد خطة لإرسال 24 عميلًا إسرائيليًا وإيرانيًا لسرقة الأرشيف النووى من جنوبطهران إلى مقر الموساد فى تل أبيب عبر جمهورية أذربيجان فى شمال غرب إيران. المثير أن طهران لم تعترف رسميًا حتى اللحظة بسرقة إسرائيل للوثائق النووية الإيرانية، لكنها بالمقابل أثارت الجدل مؤخرًا حين أعلنت «الاستخبارات الإيرانية فى مطلع هذا الأسبوع إنها حصلت على كمية هائلة من المعلومات والوثائق الاستراتيجية الحساسة المتعلقة بالمنشآت النووية الإسرائيلية». وذكرت التقارير، أن «العملية جرت قبل مدة، وأن جميع الوثائق وصلت سالمة إلى أماكن آمنة فى إيران». وقال وزير الاستخبارات الإيرانى: «خططنا لعملية واسعة النطاق ومعقدة ومتعددة الأبعاد، بدأت بالتسلل وتجنيد المصادر وزيادة الوصول إليها، وهذا ما مكّننا من الاطلاع على هذا الكنز المهم». وأضاف: «تم الحصول على وثائق نووية كاملة ونقلها، ولكن هناك أيضًا وثائق إضافية تتعلق بالعلاقات مع الولاياتالمتحدة وأوروبا، ووثائق استخباراتية تُعزز القدرة الهجومية للبلاد». ومع أن الوزير الإيرانى لم يقدم أدلة على حصول بلاده على هذا الكنز الاستخباراتى، إلا أن أثره المثير لقلق تل أبيب كان ظاهرًا، خاصة وأن تصريحه جاء متزامنًا مع تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن تقدم المباحثات مع إيران حول برنامجها النووى الأمر الذى يثير استياء إسرائيل. كذلك كان التهديد غير المألوف من قائد الحرس الثورى لافتًا فقد أكد على تحسن قدرة إيران فى دقة التصويب والتسديد نحو منشآت إسرائيل النووية بفضل هذا الكنز المعلوماتى، لكنه رهن قسوة الرد الإيرانى بتعرض المنشآت الإيرانية للقصف الإسرائيلى بما يفيد أن طهران مازالت تتمسك بضبط النفس وتلتزم بالردع دون المبادرة بالعدوان ربما حتى لا تفسد العلاقة المتنامية مع واشنطن.