لم يترك مثيرو الشغب في فرنسا، مشجعي فريق باريس سان جيرمان، بطل دوري أبطال أوروبا يحتفلون كما يجب، حيث حولوا الاحتفالات إلى اشتباكات دامية مع الشرطة وقاموا بتكسير عدد من المحلات ونهبها، وإضرام النيران فى السيارات، وألقى القبض على العشرات، واتهمت السلطات أفراد العصابات المحلية بالاندساس بين الجماهير لتحقيق أغراضهم في السرقة والنهب، وكان من المفترض أن تكون لتلك الاحتفالات طابعًا خاصًا فى فرنسا، بعدما حصل الفريق الباريسى عقب فوزه على إنتر ميلان فى النهائي (5-0)، على أول لقب له فى دورى أبطال أوروبا والثانى فى جميع أنحاء فرنسا، والذى حصل عليه أولا فريق مارسيليا عام 1993. وقبل المباراة، كانت الحكومة الفرنسية، بحسب وسائل الإعلام، تدرك أهمية الحدث دوليًا، والصدى السلبى المتوقع إذا اندلعت أعمال عنف في الشوارع خلال الحدث الرياضي الكبير، الذى يتابعه الملايين ليس فى أوروبا فحسب بل على مستوى العالم، وهو ما دفعها لحشد أضخم قوة أمنية. وخشت السلطات الفرنسية من تكرار الفوضى الأمنية التي حدثت عام 2022 خلال نهائى دورى أبطال أوروبا ضد بين ليفربول وريال مدريد، الذي تم لعبها على استاد فرنسا الدولي، وألقت الداخلية الفرنسية اللوم وقتها على جماهير ليفربول، إلا أنهم بعد ذلك قدموا اعتذارًا بعد اكتشاف أن اللوم وراء الأحداث كان يقع على عاتق عصابات الضواحى التى نهبت واعتدت على المشجعين البريطانيين والإسبان حول الملعب. ومن أجل ذلك، أعلن وزير الداخلية الفرنسى برونو ريتيللو؛ إنشاء نظام مكون من أكثر من 30 وحدة متنقلة منتشرة فى جميع أنحاء البلاد، بمعدل 3 آلاف شخص من الدعم السريع وشرطة الدرك، بخلاف آلاف رجال الشرطة الذين تم تعبئتهم من المراكز مدعومين بفرق مكافحة الشغب والجريمة. ووضعت السلطات أيضا وحدات متخصصة فى حالة تأهب، وذلك من أجل إجراء أكبر عدد ممكن من الاعتقالات لمثيرى الشغب المحتملين، ومحاولة ضمان الأمن دون كبح جماح الفرحة الجماهيرية، ولكن فى نفس الوقت منع حدوث أمر مفاجئ مثل المأساة التى وقعت فى ليفربول عقب تتويجه بالدوري الإنجليزي. احتياطات أمنية وتمثلت المخاوف في السيطرة على 60 ألف مشجع ومنعهم من الانجرار وراء البلطجية، وبهدف منع أي تجاوزات طلب وزير الداخلية من الضباط أن يكونوا أكثر استباقية قدر الإمكان، كما تدخلت المنظومة القضائية فى باريس لإدارة أى احتجاز متوقع واسع النطاق من الشرطة. وأنشأت الشرطة نقاط تفتيش للوصول إلى المناطق الحساسة فى الميادين، وصدرت تعليمات بتفتيش الحقائب ومنع إدخال الألعاب النارية والأسلحة البيضاء والمسامير المعدنية والقضبان الحديدية ومضارب البيسبول وأحجار الأرصفة وغيرها من الأسلحة إلى الاستاد أو أماكن الاحتفالات. ووضعت الشرطة أيضا أنظمة مراقبة مسبقة للتعرف على العصابات، وحظرت نقل واستهلاك الكحول في عدة مناطق من العاصمة، وطلبت من الأشخاص المدرجين في القائمة سي للعنف بين المشجعين، بتسليم أنفسهم إلى مراكز الشرطة أثناء المباراة لمنع تطورات الاحداث. جرس إنذار ولكن على الرغم من ذلك، سارت الرياح بما لا تشتهي السفن؛ حيث احتشدت الجماهير الفرنسية بمئات الآلاف في الشوارع بشكل مكثف في عدة مناطق بالعاصمة لمشاهدة نهائي دوري أبطال أوروبا عبر الشاشات العملاقة، وكان أول هدف سجل بمثابة جرس إنذار لما هو قادم. بعد الهدف بدأت التوترات بين الشرطة ومثيري الشغب، الذين ركضوا في الشوارع بهستيريا وأطلقوا الألعاب النارية على الشرطة وقذائف الهاون النارية، والتي ردت عليهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع، وعقب انتهاء المباراة كانت الأمور قد خرجت عن السيطرة بالفعل. وفي الوقت الذي كان فريق باريس سان جيرمان يستلم فيه الكأس داخل الملعب، كانت الاشتباكات بين الشرطة ومثيري الشغب، تدور في العديد من الساحات الشهيرة في باريس، بما في ذلك شارع الشانزليزيه، وساحات الباستيل والجمهورية وبوليفارد باربيس، وجراند بوليفارد. احداث دامية وخلال الأحداث الدامية، تعرضت عدة متاجر للتخريب والنهب، وأحرقت سيارات كانت متوقفة فى الشوارع، امتدت للمنازل، كما حطموا مواقف حافلات بالمطارق، ودمروا صنابير إطفاء الحرائق فى الشوارع، وأطلقوا على الشرطة مئات الألعاب النارية المحظورة على نطاق واسع. كما تحققت أسوأ المخاوف من تكرار أحداث ليفربول، حيث اصطدمت سيارة طائشة بحشد كبير من الناس في منطقة جرونوبل، مما أدى إلى إصابة 4 بينهم 2 فى حالة خطيرة، وأكدت المحافظة أن السائق سلم نفسه للشرطة ووضع قيد الاحتجاز، ووفقًا للتحقيقات الأولية يبدو أنه فقد السيطرة على السيارة. وهرعت سيارات الإطفاء للسيطرة على الحرائق المنتشرة، بينما حاول أفراد الشرطة المنتشرين السيطرة على الأوضاع وتمكنوا من اعتقال العشرات من مثيرى الشغب، وهو الأمر الذى ندد به عشرات السياسيين الذين وصفوا المشاغبين بالبرابرة وجحافل الحثالة الذين يريدون نهب البلاد. كان أولهم وزير الداخلية برونو ريتيلليو، الذى حذر من أن من وصفهم بالبرابرة جاءوا كالعادة لاستفزاز الشرطة، ودعا الضباط وقوى الأمن بالتعامل بكل حزم، معربًا عن خيبة أمله بألا يتمكن الفرنسيون من الاحتفال في الشوارع دون خوف من وحشية أقلية من البلطجية الذين لا يحترمون أي شيء. بينما ردت السياسية الشهيرة فى الجبهة الوطنية ماريون مارشال على تلك التجاوزات، وطالبت الفرنسيين بدعم الشرطة التى تواجه جحافل البلطجية فى شوارع باريس، فى حين انتقد النائب فى البرلمان الفرنسى إريك كوكريل وزير الداخلية لعدم فتح الطرقات أمام المحتفلين مما دفعهم للغضب. كما أكد جوردان بارديلا، رئيس التجمع الوطنى، أنه كما هو الحال مع كل مهرجان شعبى، أصبحت عاصمة فرنسا ملعبًا للحثالة، حيث دائما ما تتكرر نفس الملامح، ونفس عجز الدولة الفرنسية، مضيفًا أنه لم تعد المشكلة مجرد انعدام أمن خطير، بل أصبحت فضيحة وشوهت صورة فرنسا بأكملها فى العالم. إغلاق الشوارع أما نائب حزب العمال الفرنسى أنطوان لوومنت، فكان متواجدًا فى شارع الشانزليزيه، حيث انتقد الفوضى التى حدثت وهاجم الترتيبات الأمنية التي نظمها وزير الداخلية، مؤكدًا أنه السبب وراء غضب من وصفهم بالجماهير وليس البلطجية، بعدما أغلقوا الشوارع أمامهم ومنعهم من الاحتفال. وبسبب تصاعد الأحداث، تدخل اللاعبون أيضا الذين كانوا يحتفلون بالفوز بالكأس الأوروبى لأول مرة، كان أبرزهم اللاعب الشهير عثمان ديمبيلى، الذى وجه دعوة للجماهير بالهدوء، وطالب المحتفلين بعدم تكسير الأشياء داعيًا الجميع إلى الاحتفال بطريقة آمنة، والابتعاد عن مثيرى الشغب. حتى شرطة باريس نفسها، أصدرت بيانا أعربت فيه عن أسفها لوجود مثيرى الشغب فى الميادين خاصة شارع الشانزليزيه الذى تحول لساحة حرب، بسبب هؤلاء البلطجية الذين يبحثون عن افتعال المشكلات والحوادث من أجل النهب والتدمير بشكل متكرر بإستخدام قذائف الهاون والمقذوفات النارية، وفى ختام الأحداث الدامية كانت الشرطة قد ألقت القبض على 300 من مثيرى الشغب. اقرأ أيضا: فرنسا تعلن القبض على 15 من مثيري الشغب