في حوار شامل مع بوابة أخبار اليوم، كشف السفير سيد أكبر الدين، الممثل الدائم السابق للهند لدى الأممالمتحدة بنيويورك من 2016 إلى 2020، عن رؤيته العميقة للعلاقات المصرية الهندية وآفاق تطويرها في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة. أكبر الدين، الذي يُعتبر خبيراً في شؤون غرب آسيا بفضل خدمته الدبلوماسية الممتدة لأكثر من 34 عاماً، بدأ مسيرته المهنية في القاهرة حيث تعلم اللغة العربية، وخدم مرتين في المملكة العربية السعودية، كما شغل منصب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الهندية من 2012 إلى 2015. يشغل حالياً منصب عميد مدرسة كوتيليا للسياسة العامة. جاء هذا اللقاء في سياق زيارة الوفد البرلماني الهندي رفيع المستوى متعدد الأحزاب لمصر، والذي يضم ممثلين من مختلف الأحزاب السياسية الهندية، بما في ذلك خمسة وزراء سابقين في مجلس الوزراء.. والى نص الحوار: بناءً على خبرتكم الدبلوماسية، كيف ترون إمكانية تعزيز التنسيق بين بلدينا في القضايا الدولية والإقليمية المختلفة؟ "مصر والهند لديهما مشاركة سياسية جيدة، سواء على المستوى الثنائي أو في المحافل الدولية، لأننا كلانا من دول الجنوب العالمي. نعمل معاً في القضايا المشتركة مثل المناخ والقضايا السياسية، لأننا عضوان في حركة عدم الانحياز، وفي قضايا التنمية الاقتصادية لأن التحديات متشابهة." "ما نحتاج إلى التركيز عليه أكثر هو تعزيز مشاركتنا التجارية والاقتصادية، لأن العلاقات السياسية الجيدة يمكن تقويتها فقط من خلال زيادة التجارة والتنمية الاقتصادية. لدينا سفير جديد هنا الآن، وسيركز على هذه المجالات." "على المستوى العالمي، تلعب مصر دوراً حاسماً في الشرق الأوسط، خاصة في قضايا فلسطين، والهند دائماً ما تدعم القضية الفلسطينية. ننظر إلى مصر لمحاولة معالجة ما هو بوضوح كارثة إنسانية، وهذا وضع لا يمكن أن يستمر. نعلم أن مصر تعمل بهدوء مع قطر من خلال قنوات خلفية لمحاولة معالجة هذه القضايا، وأيضاً من خلال جامعة الدول العربية والوزراء العرب الآخرين لوقف ما هو بوضوح وضع غير مقبول من الناحية الإنسانية." أقرا أيضا وزير خارجية الهند الأسبق: مصر والهند مترابطتان منذ آلاف السنين.. حان وقت الشراكة استناداً إلى خبرتكم كممثل دائم سابق للهند لدى الأممالمتحدة، كيف يمكن للهند ومصر تقوية مواقفهما المشتركة في المحافل الدولية، خاصة فيما يتعلق بقضايا الجنوب العالمي وإصلاحات الأممالمتحدة؟ الآن أصبحت مصر أيضاً عضواً في مجموعة بريكس، وبالتالي هناك فرص أكبر لأن هذه المنصات تتطلب اجتماعات منتظمة، وسيكون هناك تنسيق أكبر في قضايا الجنوب." "بشأن إصلاحات الأممالمتحدة، من الواضح أن الأممالمتحدة كما هي مكونة الآن غير مناسبة للغرض. إنها لا تعالج القضايا السياسية والأمنية للقرن الحادي والعشرين. مهما كان نجاحها في القرن العشرين، فهي غير قادرة على فعل ذلك الآن." "من غير المقبول أن تكون أفريقيا بأكملها غير ممثلة في الفئة الدائمة. من غير المقبول أن قارة تضم أكثر من 53 دولة لا تمثل في مجلس الأمن الدولي. وبالمثل، الهند بأكبر عدد سكان في العالم لا تجد صدى هناك - 1.4 مليار نسمة." "يجب إعادة النظر فيما كان مناسباً في 1945 لأن هؤلاء كانوا منتصري الحرب العالمية الثانية. العالم تغير. احتياجاتنا تغيرت. التحديات تغيرت. لذلك، مصر والهند تعملان معاً من خلال منصة بريكس ومنصة عدم الانحياز لمحاولة تحقيق الإصلاح." "لكن للأسف، على عكس هاتفكم الذكي الذي يحدث عند ضغطة زر، المنظمات الدولية بطيئة جداً في التغيير. لكن يجب ألا نفقد الأمل لأن مصر والهند لديهما تقليد في العمل معاً. هما دولتان كبيرتان من الجنوب العالمي." بالنظر إلى الدور المصري في المنطقة العربية، كيف ترون إمكانية استفادة الهند من الموقع الاستراتيجي لمصر لتعزيز علاقاتها مع العالم العربي؟ "مصر هي القلب النابض للعالم العربي بسبب عدد سكانها وتاريخها وثقافتها وروحها الحضارية لأسباب عديدة. ونحن نرى مصر تلعب دوراً مهماً جداً في الشرق الأوسط، لأنها من الدول القليلة القادرة على التعامل مع الجميع في الشرق الأوسط." "هناك بعض الدول التي لا تملك علاقات مع البعض، وأخرى لها علاقات مع آخرين. مصر لها علاقات مع الجميع. لذلك نرى مصر كلاعب رئيسي. ومصر لديها عادة جيدة جداً في ممارسة الدبلوماسية الهادئة. في مثل هذه الحالات لا يمكنك إحداث ضوضاء كثيرة ولكن عليك فعل ذلك بهدوء." أقرا أيضا السفير الهندي ل«بوابة أخبار اليوم»: «أم الدنيا» بيتي الثاني.. وعُدت لها بعد 30 عامًا من وجهة نظركم، ما الذي يمكن أن تقدمه الهند لمصر من أدوات لتعزيز هذا الدور؟ "مصر مكتفية ذاتياً بطرق عديدة. لا أعتقد أننا يمكن أن نقدم سوى التضامن والدعم حيث يكون مطلوباً. وإلا فهي مجهزة جيداً للتعامل مع هذه الحالات. الدعم الاقتصادي، الدعم الإنساني، زيادة التمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. هناك طرق عديدة يمكن للهند من خلالها تقديم الدعم." خلال زيارتكم، كيف ترون المشاريع التنموية الجديدة في مصر؟ مصر تزدهر بوتيرة متسارعة وشيقة .. لقد زرنا العاصمة الإدارية الجديدة، وهي مثيرة للإعجاب حقاً. بالطبع، أي مبادرة جديدة ستستغرق وقتاً لتنضج، لكن عالمياً، التحضر يتزايد. نحن جميعاً بحاجة إلى مدن جديدة في كل مكان في العالم لأن الناس ينتقلون من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية. لذلك، هذه مبادرة جيدة أطلقتها مصر. رأينا أن المكاتب الحكومىية تعمل هناك، وزرنا مقر وزارة الخارجية وهو مقر متميز وجميل جدا، عقدنا اجتماعات هناك. نرى بوضوح أن الحكومة المصرية ملتزمة بهذا التوجه نحو مواجهة زيادة السكان والاكتظاظ، وإلا ستنهار المدن القديمة تحت ضغط السكان. لدينا نفس التحديات في الهند أيضاً. لدينا مدن جديدة كثيرة في الهند مثل شانديجار ونيو رايبور وفي جوجارات، ونيودلهي كانت المثال الأول. هناك أماكن كثيرة تظهر فيها مدن جديدة لأن المستقبل يتعلق بالتحضر. مصر تخطط للمستقبل بمدينة يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة، وفي 25 عاماً قد تجدون أن هذا قد لا يكون كافياً أيضاً.