فى عيد الأضحى المبارك تبقى الذكريات بطعمها القديمة ونفحاتها الطيبة مع نسمات صباح عيد الأضحى المبارك، تبدأ شوارع القاهرة فى التحوّل إلى لوحات نابضة بالحياة، تملؤها البهجة وتغمرها روح المحبة والتراحم، اعتدت دوما على الحضور لقريتى الجميلة بطباعها وتقاليدها « الصنافين» هنا فى كل ركن من أركان القرية، تجد مظاهر الفرح حاضرة بكل تفاصيلها، أصوات الضحكات المتناثرة من الشرفات، مرورًا بالعناق الحار بين الجيران والأصدقاء. أما البائعون المتجولون، فيعرضون لعب الأطفال والحلوى التقليدية، كأنهم يشاركون فى رسم لوحة العيد على جدران الحياة اليومية. لكن ما يميز عيد الأضحى حقًا فى قريتى هو «لمة الأسرة» حول طقس ذبح الأضحية، وهو مشهد لا يغيب عن أى بيت قادر، إذ تتجمّع العائلات منذ الصباح الباكر حول الأضحية التى طال انتظارها. يحمل الكبار مسؤولية الذبح والتوزيع، بينما يتابع الأطفال المشهد بعيون مليئة بالدهشة والانبهار، فى قريتى تتحول المنازل إلى ورش صغيرة تُعد فيها الأطباق التقليدية من لحم الأضاحي، مثل الفتة والكبدة المشوية، لتكون الوليمة التى تجمع الجميع على طاولة واحدة. فى تلك اللحظات، تمتزج نكهة الطعام مع نكهة الذكريات، حيث يتذكر الجميع أعياد الطفولة، وجدّات كانت توزع الحلوى، وأجداد ما زالت صورهم حاضرة على الجدران وراسخة فى القلوب، أما أنا فى هذا العيد لم تعد فرحتى كما كانت دوما بحضور والدتى التى غابت روحها منذ سنوات لكنها حاضرة بكلماتها ورسائلها لنا وطقوسها الخاصة. كل عام وأنتم بخير ورحم الله من كانت تجلسنا جميعا على طاولة واحدة وعلمتنا معنى الحياة، قريتى فى عيد الأضحى ليست مجرّد أماكن؛ بل هى ذاكرة حية، تحمل بين جنباتها ضحكات الأهل، وخطوات الأصدقاء، وعبق الزمن الجميل.