كشف بحث علمي جديد أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب في منتصف العمر أكثر عرضة للإصابة بالخرف في مراحل لاحقة من حياتهم، وأظهرت الدراسة، التي شملت أكثر من 2.5 مليون شخص، أن الشعور الدائم بالحزن وفقدان الأمل في الأربعينيات والخمسينيات من العمر يزيد من خطر الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 56%. وحدّد الباحثون أيضاً علاقة قوية بين الاكتئاب المتأخر، الذي تظهر أعراضه عند سن 65 عاماً أو أكثر، وبين زيادة خطر الإصابة بالخرف، بحسب صحيفة dailymail. وقال البروفيسور جاكوب براين، المؤلف الرئيسي للدراسة من معهد الصحة النفسية وكلية الطب بجامعة نوتنجهام:«تشير هذه النتائج إلى أن الاكتئاب قد يكون بمثابة إشارة تحذيرية لتدهور إدراكي قادم.» وأضاف:«هذا يؤكد على أهمية الكشف المبكر عن الاكتئاب وعلاجه عبر مراحل الحياة المختلفة، ليس فقط للصحة النفسية، ولكن أيضاً كجزء من استراتيجية شاملة لحماية صحة الدماغ.» وأوضح الباحثون أن الروابط المحتملة بين الاكتئاب والخرف معقدة، لكنهم أشاروا إلى أن الالتهاب المزمن والتغيرات في تدفق الدم إلى الدماغ قد يكونان من الأسباب المحتملة للتداخل بينهما. ويُعتقد أن الاكتئاب قد يسرّع من الانهيار الإدراكي المرتبط بالخرف — مثل فقدان الذاكرة، وصعوبة اللغة، ومشاكل التفكير والاستنتاج، ومع ذلك، أشار الباحثون إلى أن العلاقة بين الاكتئاب والخرف في سن متقدمة قد تكون ناتجة عن أن مرض الخرف نفسه قد يسبب مشاكل في المزاج في مراحله المبكرة. وكتب البروفيسور براين في مجلة EClinicalMedicine:«قد يمثل الاكتئاب في المراحل المتقدمة من العمر عرضاً مبكراً للخرف.» وخلص الباحثون إلى أن الكشف المبكر عن الاكتئاب وعلاجه قد يقللان من خطر الإصابة بالخرف، مشددين على ضرورة أن يكون ذلك محوراً رئيسياً في الأبحاث المستقبلية. كما أضافوا أن هناك حاجة ماسة لإجراء دراسات إضافية لتأكيد ما إذا كانت التدخلات التي تعزز النشاط البدني وتغييرات نمط الحياة الأخرى الداعمة للصحة النفسية في وقت مبكر من العمر يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالخرف. وأشار الباحثون إلى احتمال المبالغة في تقدير معدل انتشار الاكتئاب بين المشاركين، نظراً لأن بعضهم لم يتم تشخيصه من قبل طبيب مختص، ويُقدّر أن نحو 982,000 شخص في المملكة المتحدة يعيشون حالياً مع مرض الخرف، وفقاً لجمعية الزهايمر البريطانية. ويعدّ الخرف مصطلحاً شاملاً لعدة أمراض — أشهرها مرض الزهايمر — التي تؤثر على الذاكرة والتفكير والقدرة على أداء الأنشطة اليومية، وتسوء حالة المرض بمرور الوقت، حيث يهاجم المرض خلايا الدماغ العصبية، مما يؤدي عادةً إلى تدهور القدرات الإدراكية. ومن المتوقع أن يرتفع عدد حالات الخرف إلى 1.4 مليون شخص بحلول عام 2040، ما يجعل من الوقاية المبكرة أمراً حيوياً لمواجهة هذا التحدي، وقد كلّف المرض المملكة المتحدة حوالي 42 مليار جنيه إسترليني في عام 2024 وحده، ومن المتوقع أن ترتفع التكلفة إلى 90 مليار جنيه خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة. وتأتي هذه النتائج في وقت أظهرت فيه دراسة حديثة أجراها علماء إسبان أن زيادة النشاط البدني في منتصف العمر قد يساعد في الوقاية من مرض الزهايمر لاحقاً، وأشارت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين رفعوا مستوى نشاطهم إلى حوالي ساعتين ونصف أسبوعياً كانوا أقل عرضة لتراكم بروتين الأميلويد السام في الدماغ. ويُعتقد أن تراكم كتل كبيرة من هذا البروتين، إلى جانب بروتين آخر يُدعى تاو، يشكل لويحات وتشابكات في الدماغ، وهو ما يقف خلف أعراض الخرف، وحذر الخبراء منذ سنوات من أن أسلوب الحياة الخامل يزيد من خطر الإصابة بالعديد من المشاكل الصحية، بما في ذلك زيادة الوزن، والسكري من النوع الثاني، والسرطان، وحتى الوفاة المبكرة. اقرأ ايضا|تحذير جديد بشأن مضادات الاكتئاب وتشير التقديرات إلى أن 13% من حالات الزهايمر قد تكون مرتبطة بالخمول البدني، كما أظهرت دراسة بارزة نُشرت العام الماضي أن ما يقرب من نصف حالات الزهايمر يمكن الوقاية منها عن طريق معالجة 14 عاملاً من عوامل نمط الحياة. وللحد من خطر الإصابة بالخرف مدى الحياة، أوصت اللجنة البحثية ب 13 تدبيراً للأفراد والحكومات، من بينها: توفير أجهزة السمع لجميع من يحتاجها تقليل التعرض للضوضاء الضارة تحسين الكشف والعلاج لارتفاع الكوليسترول بين من تجاوزوا الأربعين عاماً وأكد الخبراء أن هذه الدراسة، التي نُشرت في المجلة المرموقة The Lancet، قدّمت أملاً أكبر من أي وقت مضى في إمكانية الوقاية من هذا المرض المدمر للذاكرة، الذي يعصف بحياة ملايين الأشخاص.